ياسر عواد المغامسي

إلى أبي وأمي مع التحية

السبت - 15 أكتوبر 2022

Sat - 15 Oct 2022

طفلة صغيرة طريحة الفراش من برد شديد أصابها، تشجعها أمها على الكتابة واستغلال وقتها في كتابة قصة قصيرة، فتجيب الفتاة بأنها لا تظن أنها تستطيع كتابة قصة، فتجيبها الأم: بل تقدرين حاولي فقط وسترين، وفعلا صدقت نبوءة الأم لتصبح الفتاة أعظم وأشهر روائية في العالم.

وطفل صغير يهديه والده بوصلة صغيرة في عيد ميلاده العاشر، ليكون لهذه الهدية الأثر الكبير والعميق في حياة أعظم وأشهر عباقرة العالم.

دعم لقدرات الأبناء وتوجيهات بسيطة من الوالدين قد تغير حياة الطفل وطريقة تفكيره، فهذا الدعم وهذه الرعاية والاهتمام أخرجت لنا أعظم روائية في العالم (أجاثا كريستي)، وأشهر عباقرة العالم صاحب النظرية النسبية (آينشتاين).

ما يدفعنا ويقودونا إلى فهم التربية بنظرة أشمل، والمسؤولية بعمق أكبر، أن الأبناء مشاريع استثمارية مستقبلية ناجحة إن نحن أحسنا التعامل معها واستنطقنا نقاط التميز والقوة لديهم وتلمسنا هواياتهم واهتماماتهم، لأن الأطفال في هذه المرحلة تكون حركاتهم وأنشطتهم عفوية ودون تكلف، فهو يمارس ويميل إلى الأشياء التي يحبها وتلبي شغفه وميوله، وخاصة إذا ما استحضرنا بعض المفاهيم التربوية الجديدة التي تساعد على ذلك، ومنها ما وصل إليه العلم الحديث من أن جميع الأطفال يولدون بقدرات إبداعية ومواهب فطرية، وعندما يكبرون يبقى بعضهم على تنشيط قدراتهم الإبداعية، بينما تبقى هذه القدرات خاملة عند البعض الآخر.

إذا ما نظرنا من أفق أوسع وأشمل إلى الذكاء بمفهومه الواسع والجديد على حسب نظرية (الذكاءات المتعددة) لغاردنر، أن الذكاء ليس مقتصرا على الذكاء الحسابي أو الذهني، بل هو أوسع من ذلك؛ فهناك ثمانية أنواع من الذكاءات هي: الذكاء اللغوي - الذكاء المنطقي - الذكاء التصويري - الذكاء الاجتماعي - الذكاء الحركي - الذكاء السمعي (الموسيقي) - الذكاء الشخصي - الذكاء الطبيعي، وأن لكل ذكاء دلائل وعلامات، وله تدريبات تقويه وتنميه، وفي المستقبل لكل صاحب ذكاء وظيفة ومجال يبرع فيه،

وبمثال بسيط تتضح الفكرة؛ فالطفل الذي يستطيع في أول يوم دراسي له في المدرسة أن يتعرف على معظم طلاب فصله ويعقد معهم علاقات، هذا الطفل يملك ذكاء اجتماعيا يمكن أن ينمى هذا الذكاء ليصبح هذا الطفل في يوم من الأيام مندوب مبيعات أو محاميا أو سفيرا.

ونختم بقصة اكتشاف موهبة أعظم موسيقي العالم (موزارت) النمساوي، فلقد لاحظ والده حب موزارت للموسيقى وهو في سن الثالثة، فبدأ يعلمه العزف على البيانو وعندما بلغ موزارت الخامسة صحبه أبواه في جولة إلى أوروبا، وكان يعزف أمام الجمهور وهو في هذه السن الصغيرة ورفض أن يلحقه بالمدرسة العادية حتى لا يقتل موهبته.

ونحن نقول لكم، لا تمنعوهم من المدارس ولكن شجعوا الحوافز الداخلية لأبنائكم واهتموا بهم.

yasmh93@