عبدالكريم محمد العمري

من يسيس ملف الطاقة؟!

السبت - 15 أكتوبر 2022

Sat - 15 Oct 2022

منذ بداية الصراع (الروسي - الأوكراني) في فبراير من هذا العام بدأت الحكومات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بإلزام شركاتهم ومطالبة المجتمع الدولي بكسر العقود الاقتصادية المبرمة مع روسيا الاتحادية، خاصة في مجال النفط، حيث إن ملف الغاز تأخر قليلا نظرا لقلة البدائل في إمدادات الغاز الضخمة وهذا بحد ذاته يعتبر تسيسا، ثم بعد ذلك طالبت الولايات المتحدة منظمة «أوبك وأوبك+» بتغطية النقص من النفط الروسي في الأسواق العالمية، حيث إن ذلك غير ممكن نظرا لأن الحصص الموزعة في منظمة أوبك تعتمد على القدرة الإنتاجية للدول الأعضاء.

ونظرا لاعتماد الدول الأوروبية على الغاز الروسي الرخيص والذي كان جله يأتي عن طريق خط أنبوب نورد ستريم الموصول بين روسيا وألمانيا، التي طالبت فيه الولايات المتحدة مرارا وتكرارا دول الاتحاد الأوروبي بتخفيف الاعتمادية منه، بل وأكثر من ذلك حيث صرح الرئيس الأمريكي في مؤتمر صحفي بأنه إذا لزم الأمر لوقف التمدد الروسي داخل الأراضي الأوكرانية فسوف يقوم بإيقاف هذا الأنبوب بشكل أو بآخر، وفعلا وفي أواخر شهر سبتمبر الماضي تم تفجير الأنبوب في المياه الدولية دون معرفة المتسبب!

إن العالم لا ينسى فمنذ عدة شهور من اليوم وقبل بدء الصراع في أوروبا كانت منظمات البيئة أو ما يعرفون بالجماعات الخضراء، يناشدون بحماية الكوكب من الاحتباس الحراري وكانت الدول الأوروبية وعلى رأسها الولايات المتحدة يرفعون راية التخفيف من انبعاثات الكربون الضار والاستثمار في بدائل الطاقة النظيفة ويطالبون الدول (خاصة النفطية) بإيجاد حل لانبعاثات الكربون ويضغطون عليها في هذا الصدد، ولكن أين هم الآن؟ فلقد عادت بعض مصانع أوروبا لتوليد الطاقة من الفحم الذي تعتبر عملية توليد الطاقة منه من أشد الأمور فتكا في تلويث المناخ.

وفي الخامس من أكتوبر هذا العام قررت منظمة «أوبك وأوبك+» بإجماع أعضائها بتخفيف حصة الإنتاج بنسبة ضئيلة للمحافظة على مستوى العرض والطلب في السوق البترولية وهو قرار اعتيادي من قرارات هذه المنظمة التي أنشئت في الأساس لتحديد نسب الإنتاج وموازنة سوق الطاقة العالمي، فشن الإعلام الغربي وقامت بعض الحكومات الغربية ومسؤولين بالبيت الأبيض على رأسهم الرئيس الأمريكي بالتنديد واتهام المملكة بتسييس ملف النفط ووقوفها مع الغزو الروسي لأوكرانيا، وطالب بعض النواب في الكونغرس الأمريكي حكومتهم بإعادة تقييم العلاقات مع الرياض! إذن من الذي يسيس ملف النفط؟! الولايات المتحدة أم المملكة؟ حيث إن الرئيس الأمريكي طلب من المملكة تأجيل خفض الإنتاج لمدة شهر أي لحين انتهاء الانتخابات النصفية في مجلس النواب الأمريكي إذن من الذي يسيس ملف النفط؟

وأخيرا أصدرت وزارة الخارجية بيان توضح موقف المملكة بعدم انحيازها في أي صراع دولي وأن القرار المتخذ في أوبك بلس تم بالإجماع بين الدول الأعضاء بناء على مصالح اقتصادية للدول الأعضاء، وصرح مصدر مسؤول بأن المملكة لا تقبل الإملاءات وترفض أي تصرفات أو مساع لتحوير الأهداف السامية التي تعمل عليها لحماية الاقتصاد العالمي من تقلبات الأسواق البترولية.

Abdulkarim_m_al@