شاهر النهاري

وزير التعليم يدير سباقين بميدان واحد

الاثنين - 10 أكتوبر 2022

Mon - 10 Oct 2022

تخيل كيف يمكن رعاية وتنظيم سباقين للسيارات والدرجات في نفس الوقت ونفس المضمار، وكيف يمكن السيطرة على المجريات، والتسابق والتباعد، وانطلاق البدايات وضبط المسارات، ومراعاة التزامن، وتلافي الحوادث، وتوحيد النهايات، خصوصا وأن السباقين يجريان طوال العام، وأنه مطلوبا منه أن يرضي متسابقي ومحبي السيارات والدراجات، وعدم الجور على ترتيبات الأشواط والفصول، وفي وجود حشود عظيمة من المستفيدين، وكل يريد لمسابقته أن تتم بدقة وبأبهى صورة، ودون تأخير أو تسريع أو تداخل.

تلك هي حكاية وزراء التعليم السعودي ومنذ بدايات تكوين الدولة، وحتى يومنا، فالتسابق يحتدم بين رزنامة العام الهجري، والسنة الميلادية، بتباين للبدايات، ومفارقة في النهايات، وتداخل إجازات ربيع وصيف، ومنتصف العام وإجازات مناسباتنا الوطنية والعالمية حسب التقويم الميلادي، مع مراعاة توقيت رمضان، وعيد الفطر، وموسم وعيد الحج بالتقويم الهجري وفي ذات التوقيت والميدان، وبمحاولات إرضاء الطلبة وجميع المعنيين بالسنة الدراسية، من مدرسين وأهالي يرتبطون بمسار أبنائهم في فصول دراستهم، واختباراتهم، وإجازاتهم السنوية، ومواسم شعائرهم، ومناطق ترويحهم وراحتهم.

إدارة وتنظيم كل ذلك يظل ضربا من الصعوبة القصوى، وإن استمر فلبضع سنوات وحسب التقارب الفلكي بين الشمس والقمر، وقبل أن ينزاح الفارق، وتزول النقاط المتوازية، فيفشل القائمون على السباقين بتنفيذ المطلوب.

لا يوجد وزير تعليم سيئ، ولا وزير تعليم عبقري، ولكن يوجد من يكون حظه عظيما بتقارب حافتي السباقين فتسير أموره بهدوء، أما من يناله نحس فترته بتباعد التقويمين، واختلاف الصيف والشتاء، فلن يتمكن من تثبيت البداية الموحدة للدراسة، وهو لن يرضى الجميع ممن يتمنون مرور شهر الصوم دون عمل، والاحتفال بالأعياد والإجازات الفصلية والوطنية والسنوية بما ينبغي، ما يزيد الضغوطات والتحديات، حتى يجد الوزير أن إجازة الصيف مرات يجب أن تتقلص للنصف، وفي مرحلة أخرى تزيد عن المطلوب، حتى لا يفقد طلبة المعاهد والجامعات مزامنة وتناسق السنة الدراسية مع المعاهد والجامعات الأجنبية.

معضلة تزهق خطط أي وزير وتجبره على اتخاذ الحلول الارتجالية، فإن زادت الإجازات حُمل على الأعناق، وإن قلصها ناله اللوم والتقريع.

تعليمنا فقد مشية الحمامة على كثرة التجريب والتخطيط، وحسب اختلاف الفصول والمواسم في أجواء صحراوية متقلبة، وليصبح التعليم محرقة للوزراء، ممن تسرقهم المدي في محاولات الجمع بين تباين مسارات المتسابقين.

المعضلة ذاتها تحدث في جميع الدول العربية، والإسلامية، ولكن البعض منها قد حزم أمره، واختار أحد التقويمين، وصرف النظر عن الآخر حتى لا يعيق المسار بتوقيتاته ومناسباته وعدم تزامنه.

وكم هو مريح أن يعرف الطالب وأهله، برنامج الرحلة السنوي، دون تقديم يوم أو تأخيره عن السنوات قبله وبعده، حتى لا يعانون من مطبات ومطالبات سنوية، وصلت لحد تقسيم السنة إلى ثلاثة فصول، وربما تزداد مستقبلا، وكم من مواسم تُختصر، وكم من إجازات تأتي دون سابق إنذار.

دول مسلمة مثل ماليزيا وتركيا، اختارت التقويم الميلادي في التعليم لتتناسق مع مواسم العالم أجمع، والحال قد يصعب تطبيقه على سعودية الأماكن والمواسم المقدسة، ومحور العالم الإسلامي.

الوزير الجديد الأستاذ يوسف البنيان ينتظر منه المتفائلون الإتيان بمعجزة، وحل شامل مستديم يتواكب مع نهضة الوطن السعودي، ورؤيته. والعارفون بمدى الصعوبات يشدون على نواجذهم ويغمضون أعينهم.

shaheralnahari@