القهوة السعودية.. هوية اجتماعية وممارسات صحية

الاثنين - 10 أكتوبر 2022

Mon - 10 Oct 2022

بعد السلام والبخور، الملامسة التالية للمصافحة، علامة الوصول والاستقرار بالجلوس، الفاصل في وتيرة الفضول والسؤال عن الأحوال، وقت مستقطع عن الركض خلف الكلام إلى الاستعداد لتشكيل إطار اللحظة وغلاف الذكرى، القهوة السعودية في الحياة الاجتماعية عند السعوديين خرجت عن كونها مشروباً لذلك لم تعد قهوة فقط، ودخلت إلى تلازم يشبهها وتشبهه ويرتبطان مثل الدلة والفنجال؛ القهوة والسعودية، وتقترب أكثر لتصير هوية ومفهوم تشّكل واتضحت معالمه وتفاصيله منذ إعلان صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة عن تسمية عام ٢٠٢٢ بـ "عام القهوة السعودية"، وبعدها توالت المبادرات من وزارة الثقافة وصولاً إلى اعتماد مسمى القهوة السعودية في المطاعم والمقاهي بالتعاون مع وزارة التجارة.

ولأن "عام القهوة السعودية" مشروع ورحلة، هوية وأصالة وتذكرة عبور إلى العالم، ارتفعت ضرورة أن تستمر هذه الخطوات والاكتشافات بين الحياة الاجتماعية في السعودية وبين القهوة، من الاهتمام بزراعتها والعناية بثمرتها حتى حصادها، إلى طرق تحضيرها المتنوعة باختلاف مناطق المملكة وتعدد أدواتها، وكذلك أسلوب وطقوس تقديمها وعادات شربها وارتشافها، حاضرة في الأرض والبيئة والبيت والمناسبات وكافة تفاصيل الحياة اليومية، فارضة من كل ذلك أهمية استدامتها وتطور وتحديث ممارسات استثمارها، بالإضافة إلى توظيفها في التفاعل المجتمعي والتواصل مع الآخر، الأمر الذي تحقق من خلال "المنتدى الدولي لاستدامة القهوة السعودية" الذي عقد في مدينة جازان من 1 إلى 2 أكتوبر ٢٠٢٢، وذلك في سبيل مناقشة سلسلة قيمة القهوة السعودية بجوانبها الثلاثة "الاقتصادية، الاجتماعية، البيئية" ذات الصلة بالاستدامة، مستهدفاً العاملين في الصناعات أو القطاعات ذات الصلة.

ومع وجود القهوة السعودية كهوية اجتماعية فإنها ومن جانب آخر حضرت على هيئة ممارسات صحية ونمط وأسلوب حياة، بداية من حالة التنبه ومرافقة ساعات الصباح الأولى والاستيقاظ، إلى الخط الفاصل بين الخروج والعودة للمنزل عند المساء، والشعور بالتأمل والقدرة على الملاحظة والتركيز، إضافة إلى حميمية المشاركة وتخفيف حدة العزلة، لتكون القهوة بذلك مرتبطة بالسلوك الإنساني والتركيبة الجسمانية، وتضيف إلى مكانتها الاجتماعية قيمة صحية وحياتية.

اجتماعياً وثقت القهوة السعودية علاقتها ودروب تقاطعها مع السعوديين، وبشكل طبيعي مثلما أن للنتائج أسباباً تشكلت ثقافة انعكست على الممارسات والذكريات والعقل الجمعي، ساندتها ورفعت من شأنها وحظوظ قبولها أنها محمية من التسبب في الأضرار، جوانب عدة تحققت بفضل مبادرة وزارة الثقافة في "عام القهوة السعودية 2022" .