بسام فتيني

الكاتب الصحفي في الظل بعد الطليعة!

الأحد - 09 أكتوبر 2022

Sun - 09 Oct 2022

لا صوت يعلو فوق صوت المشاهير حين يكون الحديث عن التأثير في هذا الزمان! فسابقا كانت الصحف هي الملعب الواسع، وكان الكاتب الصحفي هو اللاعب الأساسي، وكانت المتعة والمشاهدة للجمهور! لكن اليوم انقلبت هذه الموازين رأسا على عقب، فأصبح الكاتب الصحفي أقل اللاعبين تأثيرا، بل وأحيانا لا يتجاوز حضوره دكة الاحتياط، وفي بعض الحالات يتم تنسيقه من الفريق أصلا وحتى فرق الحواري قد لا تستأنس بلعبه (رأيه)!

وهذه سنة الحياة بلا شك، ولا دائم إلا وجه الله، لذلك لجأ البعض لمحاولة تغيير مكانه ليضمن له تواجدا في الملعب، فالذكي منهم اختار أن يكون مدربا من وراء حجاب لصناعة المشاهير (اللاعبين الجدد)، أما الفهلوي منهم فاتجه نحو السمسرة من وراء حجاب؛ ليكون منسق إعلانات ليمرر إعلانا من هنا وهناك ويقبض عمولة من هنا وهناك ليساير الوضع ويتواجد في الملعب حتى بعد الاعتزال أو الإبعاد القسري بسبب ضعف لياقة مواكبته لمتغيرات العصر!

أما اللاعبون القدامى فهم أكثر ذكاء من الأنواع الآنفة الذكر؛ فالخبير عزز لنفسه مكانة كمستشار إعلامي في هيئة ما ليضمن وقتا أطول ويتواجد في الملعب حتى لو ترهلت عضلاته وبهتت تسديداته لكنه الثعلب الخطير الذي يعرف من أين تؤكل كتف المسؤول الذي اقتنع بجدوى وجود هذا اللاعب المكار في تشكيلة فريقه بحجة أنه الخبير الذي يستطيع إدارة الأزمات الإعلامية إن وجدت!

يحدث كل هذا في ظل سن أنظمة وقوانين تقصقص أجنحة المتطفلين على المهنة وتحيدهم في خانة الإعلانيين حتى وإن كان بعضهم يعيش دور العميل المزدوج، حيث يكتب في الصحافة حبا فيها لكنه يمارس الإعلان حبا في القروش!

وبالعودة للكاتب الصحفي التقليدي العجوز فهو اليوم مسكين منبوذ مهمش فلا ندوات يدعى لها ولا مناسبات يكرم بها ولا قيمة تعطى له ولا رأي يسمع له ولا حتى يعرفه العامة من الناس، وللأسف الشريحة الوحيدة التي تذكر الكتاب الصحفيين هم كبار السن ممن كانوا يشمون رائحة ورق الصحف صباح كل يوم في مكاتبهم أو في منازلهم بعد تقاعدهم، لا غرابة فهذه سنة الحياة لكن المهم أن يستمر الكاتب في الكتابة؛ لأنه يستشرف المستقبل ويكتب لمن بعده عادة ولا يُقدر ولا تُفهم كلماته إلا بعد مماته!

BASSAM_FATINY@