العين بالعين والعمق بالعمق!
الأحد - 09 أكتوبر 2022
Sun - 09 Oct 2022
العنوان بعاليه كان جزءا من خطاب للزعيم المصري الراحل أنور السادات في مجلس الشعب المصري إبان حرب أكتوبر عام 1973م، كان ذلك الخطاب بمثابة رسائل مبطنة لإسرائيل بأن العمق الإسرائيلي سوف تستهدفه صواريخ الظافر إن تجرأت وهاجمت العمق المصري خلال الحرب.
السادات وقادته العسكريون كانوا يدركون التفوق الجوي لإسرائيل وكانت خيبات عام 1967م العسكرية ما تزال حاضرة في أذهانهم خاصة وأنها كانت في بدايتها ضربة جوية استباحت العمق المصري وغيرت مسار الحرب لصالح إسرائيل في سويعات قبل أن تكتمل مأساة تلك الحرب في ستة أيام فقط.
السادات كان واقعيا في تلك الحرب وكان يديرها بعقلية ناضجة وقادرة على فهم الأبعاد السياسية التي ستنتج عنها وهذا ما جعله يختلف مع بعض قادة أركانه في بعض القرارات التكتيكية التي غيرت مسار الحرب عسكريا، ولكنها لم تؤثر على استراتيجيته التي كانت ترتكز وتقوم على العبور أولا والتمركز شرق القناة ومن ثم التفاوض لإعادة الأرض المصرية.
في المقابل وفي نكسة 1967م، كانت خطابات عبدالناصر التي يصفها البعض بالعنترية قبل الأحداث، كانت مشحونة بالعواطف والتهديدات والأخطاء الكارثية، فقد كان توقيتها خاطئا وذريعة ممتازة لإسرائيل أكسبها الكثير من التعاطف في العالم الغربي، فالتاريخ يذكر جملة عبدالناصر الشهيرة عند إعلانه إغلاق مضايق تيران والتي قال فيها «إن كانت إسرائيل تريد الحرب فنقول لها أهلا وسهلا»، فما كان من إسرائيل إلا أن ردت التحية بأعنف منها وكانت نتيجتها خسارة سيناء والجولان والضفة والقطاع في أسهل وأسرع حرب يحتل بواسطتها كل هذا القدر من الأراضي العربية وفي ستة أيام فقط!
كثيرة هي الدراسات التي تناولت حرب أكتوبر وكثيرة هي الانتقادات والاتهامات التي رمي بها السادات في تلك الأحداث، ولكن يظل قرار الحرب وجرأته وملحمة العبور ومعجزتها من الأحداث التاريخية العظيمة التي تؤكد أن السادات كان قائدا استراتيجيا غير عادي، وكان يخوض الحرب وفق إمكاناته وقدراته ومعرفته التامة بمآلاتها في حالتي الكسب أو الخسارة، ولعل خطاب النصر الذي ألقاه في مجلس الشعب المصري يؤكد قدرة هذا القائد الفذ على المناورة والمهادنة وإيصال الرسائل المباشرة والمبطنة للعدو والصديق على السواء، ليضمن قدرا مهما من السلامة في مواقفه القادمة التي قد تتطلب رفع إيقاع الحرب وزيادة آلامها عند العدو الذي كان يتلقى كل أنواع الدعم اللامحدود من أمريكا التي كانت وما زالت تنحاز إلى إسرائيل في كل موقف ومناسبة.
أكتوبر 1973م كانت حربا واقعية تبناها السادات لتحرير الأرض وكانت منسجمة مع واقع يعرفه هذا الزعيم ويعرف ما كان يتعين عليه فعله، وقد اتضح ذلك جليا خلال المتغيرات التي صاحبت ثغرة الدفرسوار والتي قلبت الأمور (عسكريا) ظهرا على عقب، إلا أن أهداف السادات الاستراتيجية كانت واضحة وجلية وهو ما جعل الراعي الرسمي للسلام يتدخل في الوقت المناسب ويعيد الأمور إلى مسار مختلف مهد لعملية السلام التي كان يبحث عنها السادات.
حرب أكتوبر بالنسبة لقادتها العسكريين الأبطال؛ كانت حرب كرامة وعبور واستنزاف، وبالنسبة للسادات كانت كل ذلك وزيادة؛ كونه أراد لها أن تكون وسيلته المثلى لتسخين المنطقة ومن ثم يكون ذلك مسوغا لتتدخل القوى العظمى لترعى عملية السلام المنتظرة، وللمفارقة؛ فقد كانت عملية السلام تلك وما صاحبها وتلاها من أحداث أعظم نتيجة قدمتها حرب أكتوبر الخالدة لإسرائيل الغاصبة المحكومة عقلا بالزوال!
alaseery2@
السادات وقادته العسكريون كانوا يدركون التفوق الجوي لإسرائيل وكانت خيبات عام 1967م العسكرية ما تزال حاضرة في أذهانهم خاصة وأنها كانت في بدايتها ضربة جوية استباحت العمق المصري وغيرت مسار الحرب لصالح إسرائيل في سويعات قبل أن تكتمل مأساة تلك الحرب في ستة أيام فقط.
السادات كان واقعيا في تلك الحرب وكان يديرها بعقلية ناضجة وقادرة على فهم الأبعاد السياسية التي ستنتج عنها وهذا ما جعله يختلف مع بعض قادة أركانه في بعض القرارات التكتيكية التي غيرت مسار الحرب عسكريا، ولكنها لم تؤثر على استراتيجيته التي كانت ترتكز وتقوم على العبور أولا والتمركز شرق القناة ومن ثم التفاوض لإعادة الأرض المصرية.
في المقابل وفي نكسة 1967م، كانت خطابات عبدالناصر التي يصفها البعض بالعنترية قبل الأحداث، كانت مشحونة بالعواطف والتهديدات والأخطاء الكارثية، فقد كان توقيتها خاطئا وذريعة ممتازة لإسرائيل أكسبها الكثير من التعاطف في العالم الغربي، فالتاريخ يذكر جملة عبدالناصر الشهيرة عند إعلانه إغلاق مضايق تيران والتي قال فيها «إن كانت إسرائيل تريد الحرب فنقول لها أهلا وسهلا»، فما كان من إسرائيل إلا أن ردت التحية بأعنف منها وكانت نتيجتها خسارة سيناء والجولان والضفة والقطاع في أسهل وأسرع حرب يحتل بواسطتها كل هذا القدر من الأراضي العربية وفي ستة أيام فقط!
كثيرة هي الدراسات التي تناولت حرب أكتوبر وكثيرة هي الانتقادات والاتهامات التي رمي بها السادات في تلك الأحداث، ولكن يظل قرار الحرب وجرأته وملحمة العبور ومعجزتها من الأحداث التاريخية العظيمة التي تؤكد أن السادات كان قائدا استراتيجيا غير عادي، وكان يخوض الحرب وفق إمكاناته وقدراته ومعرفته التامة بمآلاتها في حالتي الكسب أو الخسارة، ولعل خطاب النصر الذي ألقاه في مجلس الشعب المصري يؤكد قدرة هذا القائد الفذ على المناورة والمهادنة وإيصال الرسائل المباشرة والمبطنة للعدو والصديق على السواء، ليضمن قدرا مهما من السلامة في مواقفه القادمة التي قد تتطلب رفع إيقاع الحرب وزيادة آلامها عند العدو الذي كان يتلقى كل أنواع الدعم اللامحدود من أمريكا التي كانت وما زالت تنحاز إلى إسرائيل في كل موقف ومناسبة.
أكتوبر 1973م كانت حربا واقعية تبناها السادات لتحرير الأرض وكانت منسجمة مع واقع يعرفه هذا الزعيم ويعرف ما كان يتعين عليه فعله، وقد اتضح ذلك جليا خلال المتغيرات التي صاحبت ثغرة الدفرسوار والتي قلبت الأمور (عسكريا) ظهرا على عقب، إلا أن أهداف السادات الاستراتيجية كانت واضحة وجلية وهو ما جعل الراعي الرسمي للسلام يتدخل في الوقت المناسب ويعيد الأمور إلى مسار مختلف مهد لعملية السلام التي كان يبحث عنها السادات.
حرب أكتوبر بالنسبة لقادتها العسكريين الأبطال؛ كانت حرب كرامة وعبور واستنزاف، وبالنسبة للسادات كانت كل ذلك وزيادة؛ كونه أراد لها أن تكون وسيلته المثلى لتسخين المنطقة ومن ثم يكون ذلك مسوغا لتتدخل القوى العظمى لترعى عملية السلام المنتظرة، وللمفارقة؛ فقد كانت عملية السلام تلك وما صاحبها وتلاها من أحداث أعظم نتيجة قدمتها حرب أكتوبر الخالدة لإسرائيل الغاصبة المحكومة عقلا بالزوال!
alaseery2@