انفصال الشرق الأوكراني نذير النووي التكتيكي

لا شك أن التطورات الأخيرة في الحرب الروسية الأوكرانية متسارعة إلى جهة غير معلومة، الروس منذ بداية الحرب يسمونها بالعملية العسكرية الخاصة، ولكن الأمر لم يعد كذلك تماما، خاصة بعد إعلان التعبئة الجزئية، لحقها بعد ذلك إعلان ضم الأقاليم الأربعة شرق أوكرانيا لوغانسك ودونيتسك وزابوروجيا وخيرسون.

يمكننا القول إن تلك الخطوة ذكية للغاية، وحقيقة الأمر هو أنه بعد إعلان التعبئة كانت الاستجابة ضعيفة بسبب أن الحرب هجومية وعادة تكون الاستجابة للتعبئة في الحرب الدفاعية أكبر بكثير بدافع حماية الدولة، هنا حولت روسيا الحرب من هجومية إلى دفاعية بالنسبة إليها، ولكن تبعات تلك الخطوة خطيرة جدا، وهي تعني أن روسيا سلبت 20% من الأراضي الأوكرانية وأي محاولة لاستعادة هذه الأراضي هي بمثابة الهجوم على روسيا، مما يعني أن لروسيا حق استخدام سلاح الردع النووي التكتيكي، أوكرانيا أدركت خطورة الأمر وطلبت على الفور الانضمام لحلف الناتو، نحو عشرين دولة وافقت على الانضمام إلا أن الدول الكبيرة في الحلف لم تستجب، حتى إن الولايات المتحدة وعلى لسان مستشار الأمن القومي جيك سوليفان صرحت بأن الوقت غير مناسب لانضمام أوكرانيا.

وعلى الرغم من عدم رغبة الدول المؤثرة في الناتو بانضمام أوكرانيا تجنبا للمواجهة المباشرة إلا أن الدعم بالأسلحة يزداد يوما بعد يوم ويتطور حتى وصل لأسلحة الدفاع الجوي التي قدمتها ألمانيا، خلاصة القول هي أن الناتو وجد في الحرب وسيلة لإضعاف الجيش الروسي عبر الدعم اللا محدود للقوات الأوكرانية التي تقوم بدورين في آن واحد، وهو الدفاع عن الوطن والحرب بالنيابة عن أوروبا وأمريكا، لذلك تدعم دول حلف الناتو أوكرانيا بشتى الأسلحة دون أن تتأثر دول الحلف عسكريا على الرغم من تأثرها الكبير اقتصاديا.

الشتاء القادم هو محك ومنعطف كبير في مسار الحرب، روسيا بلا شك تستعد لهجوم شتاء بعد اكتمال التعبئة وإعادة ترتيب الصفوف، وأوكرانيا ستكون أقوى بعد الدعم الهائل بالأسلحة الغربية المتطورة، ولا نستبعد تماما استخدام النووي التكتيكي ولكن الخوف الأكبر هو من رد الفعل الغربي تجاه تلك الخطوة، شتاء صعب مليء بالمتغيرات وقد يكون الأصعب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأعتقد أنها ستكون الجولة الحاسمة بين الطرفين فمن يكون ومن لا يكون! وكيف سينتهي الأمر، كل ذلك ستكشفه الأيام والأشهر القليلة المقبلة.

@m_a_algarni509