شروق المحمادي

لا تدع الله بمكعب نرد!

الخميس - 06 أكتوبر 2022

Thu - 06 Oct 2022

لا تدع الله بمكعب نرد! لا تختر رقم 3 لأن الخير يتعداه إلى 6.

عندما تقول «اللهم ارزقني ألفا»، تكون كمن أوقف الاحتمالات على الألف الأخرى أي ألف ألف! وما أقل من الألف في حكمة لكليهما.

عندما توجه دعاءك فتتوجه بعبارات موجهة تكون قد ضيقت حياتك ونفسك ووعيك وأفقك. انظر إلى الدعوات المطلقة العامة للأنبياء (رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير) أي كل خير تنزله لي فأنا محتاج مفتقر إليه!

إنه يستقبل كل الخير، فما يأتي من عنده خير وأنا أستقبله، إنها قمة الحكمة والوعي والوقار والبهاء الذي يدلنا على إنسان يرضى بمستقبله كما يرضى عن ماضيه وحاضره دون أن ينقص من طموحه شيئا.

ولتفهم خطورة التضييق في الدعاء دعني أضرب لك مثالا: هناك فتى يسبح الله بنية الرزق بالمال، إنها محددة جدا، ولكن بعد التسبيح انزلق على الأرض؛ بسبب الماء فدخل المشفى في عملية جراحية. وهناك آخر سبح الله بنية مطلقة مفتوحة، حصل له نفس الحادث فانزلق على الأرض لكنه لم يتأذ كثيرا. فماذا حدث؟

العبادة المفتوحة والمطلقة تجلب الخير كله وتدفع الشر كله العاجل والآجل -بعلم الله-، أما العبادة المحددة والضيقة فتذكر أنت من اخترت توجيهها إلى الرزق بالمال فقط، وتحمل اختيارك وتضييقك هذا؛ فلم يشمل دعاؤك الخير كله ومنه دفع الشر.

هل فهمت الآن أهمية الدعاء المفتوح المطلق؟

أسمعك الآن تقول: ولكن عندي أحلاما معينة ألا يمكنني أبدا أن أدعو الله بها؟! لا يعقل هذا التضييق، والدعاء كله خير.

أولا لنتفق أنك تحتاج إلى الدعاء الضيق دائما ولا أقول من هذا الكلام أن تتركه طول عمرك!

لكني أقول امنح الفرصة لنفسك، افتح الآفاق لها بالدعاء المطلق والمفتوح لأن هناك احتمالات غيبية لا تراها أنت والله يراها، فلما يكن كل دعائك موجها بتوجيهات معينة تكون كمن شطب الرقم 6 و 5 و4 و 2 و1 واختار لنفسه: 3!

كأنه مكعب نرد مادام مفتوحا في الهواء فهو يتحرك دون توقف عندما تقبض عليه وتحدده تكون قد اخترت احتمالا واحدا فقط.

«لكن ماذا سيختار الله لي من الأرقام المفتوحة إذا تركتها؟» لقد سألت من هي أجهل منك، لكني أظن - لا على سبيل الجزم - بأن الاحتمالات كلها لك! فالاحتمالات لا موقع لها فتقف عنده ولا سرعة معينة يمكنك قياسها به، مما يعني أن الاحتمالات كلها واردة لك، والاحتمالات تتوقف حينما تختار أنت إيقافها بتضييق واتجاه ووعي ضيق ومحدود يحدد الأوامر والأقدار. وهي مستمرة في قفزها ونشرها واتساعها مادام أن وعيك لم يتدخل فيحددها ويضيقها.

shrooqmi@