كفيفة تنثر مداد بصيرتها في "كتاب الرياض"

الثلاثاء - 04 أكتوبر 2022

Tue - 04 Oct 2022

عاشت الكاتبة موضي القحطاني عشر سنوات من حياتها مبصرة، قبل أن يتضاءل نظرها ويضيء فانوسُ الإلهام بصيرتَها، ويتّجه دربها نحو تأليف كتابٍ حلّق في معارض الكتب بدبي والقاهرة والجبيل، وأخيراً استقر على أرفف معرض الرياض الدولي للكتاب 2022، وهي تبسط "كواغدها" لتواصل كتابتها لجميع أنحاء الوطن، من مستقر سكناها في أبها بمنطقة عسير.

"ببصيرتي أبدعَتُ"، هكذا سمّت القحطاني كتابها الذي ظلّت تجيله في مخيلتها منذ أربع سنوات، وهي ترمي من خلال عنوانها إلى أولئك الذين يعتقدون بأن نهاية الإنسان محتومة بفقدانه للبصر، متناسين عبقرية البصيرة ومعجزاتها، ودوّنت في كتابها نصوصاً أدبية متنوعة تناولت الأمل والإعاقة والإلهام، كما ثمّنت دعم مجموعة "تكوين" لها ودورها في إخراج الكتاب.

وترى القحطاني أن ما فجّر إمكاناتها الكتابية ومكّنها من اكتشاف موهبتها هو حفظ القرآن الكريم، وأدركت أنها قادرة على إبداع النصوص وتذكّرها بعد حفظها الآيات القرآنية.

وتروي موضي بدايات حكايات مواجهتها للإعاقة البصرية في قاعات الدراسة بالمرحلة الابتدائية قبل 17 عاماً، عندما اجتاح الوهن عينيها، وبدأ العشى يغشى بصرها، حتى وصلت في إحدى الحصص الدراسية أن سألتها المعلمة عن سبب تجاهلها إحضار الواجب، فما كان من الفتاة اليافعة إلا أن باحت لمعلمتها بعلّة نظرها وصعوبة رؤية السبورة، ولم تصدق الأخيرة ما ادعته الطالبة وأحالتها للإدارة التي أخبرتها بأنها لا تستطيع إكمال الدراسة.

خرجت القحطاني من المدرسة واليأس يكتنف قلبها، وعينها اليمنى يكتنفها الضعف أكثر فأكثر، ولم يبقَ لها إلا عين يسرى تميّز بعض النور والألوان ولا أكثر من ذلك، ووصفت مشاعرها بالحزن في أثناء تلك الفترة، لا سيما أن جميع الذين في محيطها كانوا يذهبون إلى المدرسة.

ومع مضيّ الوقت تتضمد الجروح رويداً رويداً، وغدت الإعاقة البصرية نقطة تحوّل في حياة موضي، وزرعت بداخلها الإرادة والقوة والطموح إلى إحداث أثر في المجتمع، بعدما حطّمت قيود اليأس وأتمّت دراستها في معهد للمكفوفين، وتعلمت لغة "برايل" خلال أسبوعين.

وتستمع القحطاني إلى الكتب الصوتية وتتلذذ بالإصغاء إليها، وتسعى إلى تأليف ثاني كتبها خلال هذه الفترة، موضحة أن شعورها لا يوصف في حضور كتابها معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي يعد من أبرز المعارض الدولية.

وتفاعل متابعو موضي على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينهم عدة شخصيات بارزة، مع التي أرشدت فيها القرّاء إلى وجود كتابها في دار "تكوين" h139.