عبدالله قاسم العنزي

التكييف القانوني لعقد البوت

الأحد - 02 أكتوبر 2022

Sun - 02 Oct 2022

مصطلح البوت (B.O.T) هو مختصر لثلاث كلمات إنجليزية بمعنى البناء والتشغيل ونقل الملكية، وهو من الأنظمة الحديثة التي شاع العمل بها في ثمانينيات القرن الماضي في مجال الاستثمار الاقتصادي المحلي والأجنبي.

ويعرف عقد البوت بأنه عقد يبرم بين الحكومة (الجهة الإدارية) وبين إحدى الشركات الوطنية أو الأجنبية بغية إنشاء أحد المرافق العامة كالمطارات أو الموانئ والمواصلات أو الطرق أو الكهرباء أو المجمعات السكنية وغيرها، وتقديم الخدمات العامة للجمهور من قبلها وتسمى شركة المشروع، وبنفقات تدفع من قبلها، على أن تقوم تلك الشركة بإدارة المرفق العام وتشغيله للمدة المحددة في العقد لقاء حصولها على عائدات المرفق من المنتفعين تغطي تكاليف إنشائه، مع تحقيق أرباح إضافية وتحت رقابة وإشراف الحكومة أثناء مدة التشغيل على أن يتم نقل ملكية المشروع للجهة الإدارية بعد انتهاء المدة وهو بحالة جيدة وقابل للاستمرار بالعمل في تقديم الخدمات للجمهور، كما عرفته لجنة الأمم المتحدة للقانون النموذجي (الاونسترال) بأنه شكل من أشكال تمويل المشاريع تمنح بمقتضاه حكومة ما لفترة من الزمن إحدى الجهات المالية تدعى شركة المشروع امتيازا لتنفيذ مشروع معين وعندئذ تقوم شركة المشروع بناؤه وتشغيله وإدارته لعدة سنوات فتسترد تكاليف البناء وتحقق أرباحا من تشغيل المشروع واستثماره تجاريا وفي نهاية مدة الامتياز تنتقل ملكية المشروع إلى الحكومة.

والتعاقد عن طريق البوت يحقق عدة إيجابيات التي يمكن إيجازها بالآتي:

أولا: إنه يؤدي إلى إنشاء مشاريع ضخمة في البنية الأساسية أو تحسينها أو تطويرها دون أن يترتب على ذلك زيادة العبء على الموازنة العامة للدولة باعتبار أن إنشاء المرفق العام وتمويله وإدارته إنما يتم من قبل القطاع.

ثانيا: تبرز أهمية عقد البوت من خلال إدخال استثمارات جديدة داخل الدولة خاصة عندما يكون التعاقد مع الشركات العالمية، الأمر الذي يترتب عليه تخفيف العجز في الموازنة العامة والاستغناء عن الاقتراض الداخلي أو الخارجي وتحريك رأس المال الداخلي وجلب المستثمرين.

ثالثا: يترتب على التعاقد بطريق البوت خلق فرص عمل جديدة داخل الدولة وذلك من خلال الاشتراط على الشركة المتعاقدة من وجوب استخدام الأيدي العاملة الوطنية في إنشاء وتشغيل المشروع الأمر الذي يؤدي إلى تخفيف حدة البطالة.

رابعا: يؤدي التعاقد عن طريق البوت إلى نقل عبء التمويل المالي والمخاطر الفنية التي يمكن التعرض لها أثناء البناء أو التشغيل من القطاع العام إلى القطاع الخاص بالشكل الذي يفسح المجال أمام الحكومة إلى توجيه الإنفاق في الموازنة العامة.

على أية حال اختلف الفقه القانوني بشأن الطبيعة القانونية لعقد البوت إذ اتجه بعض الفقه إلى تكييف عقد البوت كونه من عقود الإدارة العادية والخاضعة لأحكام وقواعد القانون الخاص إذ إن متطلبات التجارة الدولية توجب على الحكومة النزول إلى منزلة الأشخاص العاديين عند إبرام العقد ولا يمكن للجهة الإدارية أن تضمنه الشروط الاستثنائية كما هو الحال في العقد الإداري، سيما أن المتعاقد مع الإدارة قد يكون من الشركات الأجنبية الأمر الذي يوجب الوقوف على قدم المساواة معها عند التعاقد ولا يمكن للجهة الإدارية تعديل العقد بإرادتها المنفردة كونه يخضع لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، بينما اتجه أغلب فقهاء القانون الإداري إلى إضفاء الصفة الإدارية لعقد البوت كونه يمثل صورة حديثة عقد التزام المرافق العامة من حيث توافر كافة شروط وأركان العقد المذكور فيه، من حيث إن الغاية منه هو إنشاء وتشغيل احد المرافق العامة بغية تقديم الخدمات للجمهور كما أن للجهة الإدارية تضمين العقد شروطا استثناء إضفاء الطبيعة الخاصة لعقد البوت، بحيث يتعذر معه وضع قاعدة عامة لتحديد فيما إذا كان العقد من عقود القانون العام والخاص.

expert_55@