زيد الفضيل

دور المؤسسات الصحفية يا ولي العهد

السبت - 01 أكتوبر 2022

Sat - 01 Oct 2022

ابتداء أجد من واجبي أن أهنئ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على الثقة الملكية بتعيينه رئيسا لمجلس الوزراء، والواقع فإن الشيء من معدنه لا يستغرب، فهو الأمير القوي الأمين كما أشرت إلى ذلك في مقالي الفائت وفي غيره، وهو الذي قاد مسيرة التحديث بمتانة خلال مدة وجيزة، فعمل في أشهر ما كان يعمل في عقود، وتمكن من نقل المملكة نقلة نوعية لتصبح دولة مركزية في صناعة القرار السياسي والاقتصادي العالمي.

ولعلي في هذا السياق البهيج أشير إلى أهمية ودور الإعلام الذي لا يخفى على أحد ولا سيما صناع القرار ورجال الدولة وعلى رأسهم ولي العهد، فالإعلام هو الأداة التي يقوى بها المجتمع ويستقيم، أو يكون سببا في ضعفه وموته، بما يقدمه من معلومات كاذبة تهدف إلى إشاعة ثقافة الهزيمة والتخاذل، والبعد عن منظومة القيم والمروءات، وحتما فالعاقل من اتعظ بغيره، وأدرك أن سبب مصيبة من سبقه راجع إلى اعتماد مجتمعه في تلقي الأخبار من إعلام مجهول لا هوية له ولا لون، إعلام تحركه أياد خفية عبر ما يعرف بوسائط التواصل المجتمعي، التي كانت ولا تزال سببا في زعزعة المنظومات المجتمعية هنا وهناك. أمام ذلك ألا يجب أن ندرك أهمية أن نركن أفرادا ومجتمعا، حكومة وشعبا، إلى إعلام مسؤول نعرف أوله وآخره، بشرط أن يكون مهنيا واحترافيا.

يخطر في بالي في هذا الإطار ما نشر مؤخرا في بعض مواقع تويتر لخبر مفبرك مفاده أن الأمين العام للأمن الروسي قال في محضر بيانه الصحفي: إنه لن يكون هناك كأس عالم في هذا العام، بمعنى، أن تصاعد الأزمة الروسية الغربية سيبلغ مداه قريبا ليتفجر الموقف بشكل كبير ويكون أبعد مما هو قائم حاليا في أوكرانيا، وبالتالي يدخل الكون في حرب مدمرة، الله أعلم بنهايتها ومن سينجو منها، لاسيما وأن عديدا من المواقع باتت تروج لإقلاع طائرة يوم القيامة (هكذا اسمها كما يقال) في الجهتين الأمريكية والروسية.

والسؤال: ما أثر هذه الأخبار المفبركة على واقع الناس وطبائعهم؟ وكيف باتت مسيطرة على وعيهم؟ وهو ما يجب أن نتوقف عنده مليا، وندرك بعقل رجل الدولة خطورة ما يمكن أن تكون عواقبه في حال ترك الأمر على ما هو عليه، من ها هنا أخذت أفهم موقف الدولة الصينية في حمايتها لمجتمعها بإنشاء وسائطها الاجتماعية الخاصة التي لا فبركة فيها أو غشا.

أشير إلى أني وعلى الصعيد الشخصي لست مع الأحادية وسياسة الإغلاق الكلي أو الجزئي، وأؤمن بحرية الإنسان واختياره، ولكن لا أقبل بأن نربط أحدا ونرميه في الماء ثم نقول له أنت حر، وإياك إياك أن تبتل بالماء. حقا هذا عبث.

لهذا أؤيد أن تهتم الدولة بالمؤسسات الصحفية التي بات واضحا إهمالها وانتظار إعلان موتها من قبل الكثير، فهي وعلاوة على عمقها في تاريخنا الوجداني وارتباطها بنشأة هذه الدولة، كما كانت محطة مهمة في حياة جيل الرواد والمثقفين في وطننا، فهي وسيلة إعلامية موثوقة، وتحتاج إلى دعم مادي وتوجيه لدفتها الاقتصادية لتستطيع الاستمرار بثبات ولو عبر آلية تابعة لصندوق الاستثمارات العامة، كما يحتاج بعضها إلى إعادة هيكلة روحها الصحفية بكوادر مهنية جيدة، والمهم بعد ذلك أن تكون هي المعيار الذي يضبط حركة المجتمع على مختلف الأصعدة ثقافيا واجتماعيا علاوة على التحليل الاقتصادي والسياسي، الذي نحتاج أيضا لضبطه في ظل ما يحدث من تفلت وافتئات من كل أحد للأسف الشديد، ذلك أن وسائط التواصل المجتمعي قد فتحت الباب لكل أحد لأن يقول ما يشاء، ويتكلم تحليلا بما يشاء، حتى إذا لم يجد من يعارضه تجاهلا، تصور أنه العالم العارف الخبير، ومن هنا جرى استباحة كل هذه الألقاب عيانا ودون حمرة خجل.

أخيرا أعلن ألا مصلحة لي في أي مؤسسة صحفية، فلست موظفا فيها، ولست عضوا في أحدها، وامتهنت الكتابة عبرها ولا ضير في ذلك، وأزعم أنه لولا مقدرتي لما استكتبوني حتى الآن، لكني أقول ما قلته ودعوت إليه مرارا من باب المصلحة وإدراك واقع ما نعيشه من أزمة أرى نتائجها الوخيمة مستقبلا، ولعلي مخطئ بتشاؤمي، لكن يشفع لي أني حريص وراغب في تجويد المشهد كما أزعم، وهي رسالتي لرئيس مجلس الوزراء الذي أؤمن بحكمته ورجاحة رأيه.

zash113@