صالح العنزي

لا أرغب أن أكون قائدا!

الخميس - 29 سبتمبر 2022

Thu - 29 Sep 2022

يقول أحدهم تخرجت من الجامعة بمعدل مميز في تخصصي وتقدمت للوظيفة وعينت ولله الحمد في عملي الجديد، ومع أول يوم لي في العمل كنت متحمسا للعمل ونظرا لكوني جديدا كنت مستعدا لعمل أي مهمة أكلف بها من مديري وحتى زملائي، ومرت السنة الأولى ثم الثانية وكان تقييمي الوظيفي ممتازا حتى أتى ذلك اليوم الذي استدعاني مديري في العمل وقال لي: أنت مميز وقد رشحتك مديرا مكاني لأنني سأتقاعد ونظرا لتميزك فقد وافقوا على ترشيحك، فمبارك لك ذلك!

فاجأني ما قال وبلغ مني الخوف مبلغه فأنا موظف مميز في عملي أعلم ذلك ولكن أن أكون مديرا فهذا صعب علي فأنا لا أجد نفسي في القيادة، قلت له دعني أفكر قال: لا؛ فالأمر انتهى، خرجت وكأني حمّلت أحمالا لست قادرا عليها، فأنا لا أستطيع أن أتعامل مع أنماط الموظفين وشكاوى المراجعين، ومشكلات العمل.

باشرت عملي من غير رغبة مني، وكنت كل يوم أجده أصعب من سابقه، حتى قلت إنتاجيتي وتعددت الملاحظات على أدائي مما جعلهم ينقلوني موظفا لمكان آخر لأنني لم أنجح في القيادة مما أثر أيضا على عملي الأساس.

هذه القصة هي قصة الكثير والكثير ممن تميز في تخصصه ثم لأنه تميز تم تكليفه بأعمال قياديه ليس مؤهلا لها نفسيا ومهنيا.

مهارات العمل القيادي مثلها مثل أي مهارات أخرى قد يتقنها أحدنا ولا يتقنها آخر، وكلما امتلك الشخص مهارات أعلى كانت قيادته أكثر تأثيرا ولكون القيادة أمرا ضروريا حتمي لتطور المؤسسات كثر النقاش والآراء عنها، وأحببت هنا أن أذكر بعض الإضاءات حولها:

1 - القيادة هي سلوك يرى أثره وليست منصبا، فقد يسمى مديرا أو رئيسا أو مدربا أو معلما وتبقى ممارساته وتأثيره هي المقياس لمهاراته القيادية.

2 - المهارات القيادية منها ما هو فطري ومنها ما هو مكتسب، وتتأثر تلك المهارات بالعوامل الاجتماعية والثقافية والتربوية التي يتعرض لها الفرد في حياته.

3 - هناك صفات ضرورية ولازمة لكي تبنى عليها باقي مهارات القيادة، وهذه الصفات مرتبطة بشخصية الفرد وسماته مثل الشجاعة والصدق والعدل.

4 - كثير من مهارات القيادة يمكن إتقانها بشكل أو بآخر من خلال المعايشة لقادة مميزين والتدريب والقراءة والبحث.

5 - ليس عيبا ولا قدحا في شخص الإنسان ألا يمتلك مقومات القيادة ولكن الخطأ أن يتولى القيادة لمجرد رغبة لديه أو تميز في تخصصه دون أن يكون لديه القدرة الكافية للعمل القيادي.

6 - من المهارات المكتسبة التي يمكن أن يتقنها القائد بالمعايشة والتدريب والقراءة مهارات التخطيط وحل المشكلات والتواصل مع الآخرين والذكاء العاطفي وصنع القرار وإدارة فرق العمل وإدارة الأزمات وإدارة الصراع والتفويض والتفاوض وتطبيقات الجودة وقيادة التغيير.

7 - لن يستطيع القائد النجاح بمفرده بل النجاح الحقيقي يتحقق من خلال فريق عمل يستطيع القائد أن يهيئه ويدربه ويؤثر فيه لتحقيق الأهداف.

8 - طريق القيادة ليس مفروشا بالورود بل هو ناتج عمل وجهد وتخطيط وتجاوز للتحديات وكلما كان القائد لديه شغف بعمله ورؤية يريد تحقيقها كلما استطاع تجاوز تلك التحديات.

9 - من أكثر الصفات التي تقلل من تأثير القائد بمن معه، التسرع والمحسوبية والشك والتكبر وكثرة اللوم والنصح بالعلن والتردد والمركزية الشديدة.

10 - من أكثر الصفات التي تزيد من تأثير القائد بمن معه، المصداقية والحكمة والصبر والتواضع والشجاعة والثقة في الآخرين ودعمهم والوقوف معهم.

يتعين على المؤسسات الناجحة أن تنقب عن القيادات الواعدة وتصنع منهم صفا ثانيا وتدربهم وتؤهلهم وفق معايير واضحة لأنهم هم من يقود المؤسسة وفروعها وأقسامها في المستقبل، وبوجود قائد ناجح تتجنب المؤسسات الكثير من المشكلات وتتغلب على الكثير من التحديات وتصنع التغيير والتطوير وتحقق الرؤى والتطلعات.

salehsalmanalen@