محمد النفاعي

القراءة والإدارة الفاعلة

الثلاثاء - 27 سبتمبر 2022

Tue - 27 Sep 2022

نعيش هذه الأيام عرسا سنويا ثقافيا يتمثل بمعرض الرياض الدولي للكتاب وبعده بعدة أشهر معرض جدة الدولي للكتاب لتشجيع القراءة والاحتفاء بالأدب. وأيضا أطلقت كثيرا من المبادرات والمسابقات بهدف نشر ثقافة المطالعة في المجتمع مثل برنامج إثراء القراءة (اقرأ) أحد برامج مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) وهو أحد مبادرات أرامكو السعودية المجتمعية وقريبا مهرجان القطيف الدولي للأدب والذي تنظمه هيئة الأدب والنشر لأول مرة. الغاية والمقصد هو الإسهام في تمكين وغرس مفاهيم الاطلاع بوصفها واحدة من أهم وسائل الإثراء المعرفي وتطوير الذات وتعزيز حضور الأدب في المجتمع السعودي بشكل خاص والمجتمع العربي بشكل عام.

لا يخفى علينا أن القراءة كانت أول تكليف نزل على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، كما جاء في قوله تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم).. العلق.

كمدخل على الموضوع أتذكر قصة رواها أحد التنفيذيين السابقين في إحدى الشركات الكبرى، حيث ذكر أن اطلاعه على الأدب الشرق آسيوي وإلمامه ببعض تراثه الثقافي ساعده كثيرا في كسب ثقة واحترام ومحبة نظرائه الآسيويون بعد أن باهتهم باقتباساته مما قرأ سواء في خطبه أو في مناقشاته معهم. هذا أكد لي ما اعتقده شخصيا بأن هناك علاقة تكاملية بين القراءة والقيادة الفاعلة ومن ثم النجاح الإداري المرتجى. وقد قيل «القراءة شجرة ثمارها لا تقدر بثمن».

مما يؤكد أهمية القراءة في إعداد القادة وصقل معرفتهم هو القاسم المشترك بين كل هؤلاء الناس ألا وهو تبني معظمهم القراءة ضمن روتين حياتهم على الرغم من انشغالهم وعظم مسؤولياتهم. فاعلم أن تحقيق الفائدة للقارئ يأتي تراكميا وطبيعيا مع مرور الزمن. وقد سأل أحدهم وارن بوفيت عن مفاتيح النجاح فقال «اقرأ 500 صفحة كل يوم، هذه هي الطريقة التي تعمل بها المعرفة، إنها تتراكم مثل الفائدة المركبة، يمكنكم جميعا القيام بذلك، لكنني أضمن ألا يفعل الكثير منكم ذلك». وأيلون ماسك أيضا يقول إنه علم نفسه كيف يصنع الصواريخ من خلال القراءة.

القراءة تضمن استدامة التعلم وفيها مستويات مختلفة من الجودة والفائدة فهي متجددة وتثري اللغة وتغني الخيال وتملأ الفجوات المعرفية وتسمو بالفكر والأهم أنها تعلم القارئ ميزة الإنصات الإيجابي ومن ثم الفهم وهذه الخصلة من أهم سمات الإداري الناجح، القائد الفعال يستطيع أن يستخدم مخزونه الثري من القراءة وما يرد فيها من معرفة وقصص وأمثلة في التوجيه والتأثير المبكر والفعال على المتلقي، فأسلوب القصص منهج رباني ورد في القرآن الكريم والسيرة النبوية أثبت نجاحه.

يستطيع القائد وفي مختلف المناسبات أن يوظف الجانب القصصي في طرحه؛ لأنه يمكن تطبيقه على الرغم من تفاوت مستويات المتلقي. الجدير بالذكر أن أغلب كتب التنمية البشرية الحديثة ودورات التطوير الإداري تتبنى القصص لتوضيح الفكرة أو النظرية المراد عرضها والإسهاب فيها.

على أية حال، القراءة بأنواعها العلمي والأدبي مهمة لتنمية وصقل المجتمع الوظيفي في جميع مراحله فهي لبنة بناء للوصول إلى المعرفة، هذه المعرفة يجب استخدامها في تطوير ذواتنا من خلال التفكر والتأمل ومن ثم استحضار جميع هذه المعارف والمهارات للرقي بالتفكير وتوجيهه إلى الاتجاه الصحيح دون المساس بالثوابت الدينية والوطنية والمجتمعية.

msnabq@