عبدالحميد الكبي

أين نحن من دراسات المستقبل؟

الثلاثاء - 27 سبتمبر 2022

Tue - 27 Sep 2022

المستقبل هو اللحظة الحالية، في حالة الحركة إلى الأمام فلا انقطاع في الزمان ولا مفر من التعامل معه بطريقة صحيحة، فماذا أعددنا لذلك نحن العرب؟ التفكير في المستقبل يختلف عن دارسة أو بحث بأساليب أو منهج علمي، ولدى دراسات المستقبل هو المستقبل نفسة عندما يأتي وتتحول دراسته إلى ماضي.

التفكير لم يفارق الإنسان منذ تبلور وعيه، وتراوح هذا التكفير ببساطة بين الخرافة وأعمال العقل للاستعداد للمستقبل، ولقد أخذ الاهتمام بتزايد في الدول المتقدمة بدراسة المستقبل بشكل علمي في العقود اﻷخيرة، ساعد ذلك في التقدم العلمي والتكنولوجي منذ اختراع القنبلة الذرية ثم الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والحاسبات الآلية والأقمار الصناعية، بالإضافة إلى التطور التكنولوجي والرقمي، وساعد على ذلك أيضا في مواجهة الكوارث غير المبسوقة في تاريخ العالم والتي شهدتها البشرية بسب الحرب العالميتن في القرن الماضي.

وكذلك تقدمت الدراسات الإنسانية في مجالات علوم السياسة والاقتصاد والاجتماع.. إلخ، ونشأة مراكز دراسات المستقبل لم تقتصر على الجامعات والمعاهد الأكاديمية، بل خرجت إلى مجالات غير أكاديمية أيضا، مما يؤكد الاهتمام بهذه الدراسات، فقد تأسست جامعة اﻷمم المتحدة بمدينة طوكيو اليابانية المشروع اﻷلفي والذي يصدر تقريرا سنويا عن مستقبل العالم.

دراسة المستقبل ليست قراءة أو مطالعة بل هي عملية بحث علمي في مجال ما، تبدأ من الماضي وتهتم بدراسة الحاضر بعناية الاستبصار نحو آفاق واتجاهات المستقبل، وتدرس عوامل التغير فيه بشكل عام، وأهم عناصر النجاح النسبي لدراسات المستقبل، وتوفير أقصى قدر ممكن من المعلومات الصحيحة والمتكاملة حول موضوع البحث، وتوافر المناخ الملائم للبحث بعيدا عن الضغوط السياسية أو الدينية بالذات، وتحديد الإطار الجغرافي للموضوع والمدى الزمني المستقبلي المراد بحثه، من خلال قراءة ماضي وحاضر الموضوع جيدا والرابط بين الظواهر واستخلاص نتائج ومؤشرات عامة، فالمستقبل غير منفصل عن الماضي والحاضر.

ولابد من توافر الواقعية والموضوعية في الدراسة؛ فدراسات المستقبل ليست رجما بالغيب أو من أعمال السحر، كما يجب الابتعاد عن آمال والأحلام والرغبات الشخصية، وتجنب تأثير عوامل الحاضر الضاغطة المؤقتة، والمرونة في التفكير وتصور بدائل أو احتمالات للمستقبل، لذلك دراسة المستقبل هي دراسة لما يمكن أن يطرأ على الموضوع تحت الدراسة من تغير ومدى هذا التغير ذلك لأنه لا يمكن للكائن الحي ولا للحياة نفسها أن تظل ثابتة على حال.

من أهمية دراسات المستقبل أنها تعطي الفرصة للحيطة ضد مخاطر المستقبل، كذلك تمنحنا الفرصة لمحاولة الثأثير في مستقبلنا وأن نكون فاعلين لا مفعول بهم، وتمنحنا الفرصة للفهم الصحيح لما يجري حولنا، والفرصة لنحسن من ظروف الحاضر أيضا للوصول إلى مستقبل أفضل على المستوى العلمي وتطبيقاته فإنها تحفزنا من أجل مزيد من الاهتمام والابتكار فيه، كما تساعدنا على التنمية أيضا؛ لذلك من المهم أن تتضمن مناهج التعليم في المدارس العربية ما تيسر عن دراسات المستقبل والتدريب الممكن عليه منذ المراحل الدراسية الأولى.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال