فهيد العديم

فعاليات الـ «copy paste»!

الاثنين - 26 سبتمبر 2022

Mon - 26 Sep 2022

اليوم الوطني السعودي فرصة لاستذكار قصة من أعظم قصص بناء الإنسان والمكان على وجه الأرض، ولإعادة قراءة سير ملوك عظماء ملهمون حولوا الصحراء القاحلة إلى حضارة حديثة أصبحت حديث كل إنسان منصف على هذه الأرض، وفي الأيام الماضية كانت البهجة خضراء ترفرف كحمامة سلام في كل أرجاء هذا الوطن العظيم، وأنا عندما أتحدث عن بعض المظاهر السلبية سواء من الجهات الرسمية والمنظمة للاحتفالات أو من السلوك الخاطئ لبعض شرائح المجتمع فهذا ليس إلا من باب: «ولم أر في عيوب الناس عيبا.. كنقص القادرين على التمام».

لا أخفي شعوري بالإحباط وخيبة الأمل عندما أرى عملا مليئا بالعيوب التي كان من السهل جدا تداركها؛ فالذي نراه في الاحتفالات –أتحدث عن حفر الباطن تحديدا وأظن التجربة تتقاطع مع محافظات أخرى– كأن العمل خال من الاحترافية، وكأنه من باب «يالله فزعتكم يا عيال بنسوي فعاليات»، والطريقة هي نفسها قبل عشر سنوات.

يأتون بمنشدين.. المنشد أدق تعريف له أنه (فنان جبان) أي أنه يغني ويطلب من الجمهور التفاعل والتمايل، لكنه ينفي عنه نفسه صفة الغناء، فهو منشد، يرفض الموسيقى، أما الإيقاعات وموسيقاه التي يغنى عليها فهي بشرية! وليس موضوعنا نظرتنا لكلمة «فن» في الذاكرة الجمعية، التي خلقت لنا هذا الهجين الذي يخادع نفسه ويحاول منذ عقود أن يصنع له موسيقى حلال غير الموسيقى المعروفة المحرمة.

وللأسف أصبح هذا سمة أي مهرجان وطني، مع عدد من المهرجين، ودعوة الأسر المنتجة، وبذلك تكتمل أركان الفعالية كما يعتقد المنظمون، ولو دققت لوجدت الفعاليات «copy paste» لفعاليات السنوات الماضية، ولو لم تركز على التاريخ فستعتقد أنك تشاهد فعاليات الأعوام الماضية، حتى الأخطاء نفسها لا تصحح؛ ففي النهاية يحتفلون بنجاح الفعاليات، وطبعا تأتي الأرقام لتؤكد المصداقية، ومن باب أن «الأرقام لا تكذب».

ولأن الخطة الوحيدة لتوهم نفسك بالنجاح هي أن تفترض أن الحضور الجماهيري هو أهم آلية لقياس الإنجاز، ورغم إني لا أعرف كيف تم عدد الحضور في حديقة مفتوحة على طريق دولي، لكن وليكن إنه كان بطريقة دقيقة؛ ففي الحقيقة الجمهور لم يحضر للفعالية، بل المنظمون هم من ذهب لأكبر مكان يجتمع فيه الناس وأقاموا فيه فعاليتهم، وإقامة فعاليات بمكان واحد يعاني من الزحمة في الأساس هو ما سبب مزيدا من الزحمة التي لولا لطف الله ونباهة واحترافية رجال الأمن العام لحدثت الفوضى.

اليوم الوطني فرصة عظيمة ليس فقط للاحتفال بل لنؤسس للجيل ثقافة الاحتفال باليوم الوطني، هذه دورنا كأفراد، أما كمؤسسات فلا ينبغي أن نتعامل مع الفعاليات كتأدية واجب، أو عمل نقبض عليه مقابل فقط؛ فالاحتفال ليس مجرد فعالية ترفيهية عابرة، فكل عمل يجب أن يكون له رمزية تتغلغل في الأخضر من أرواحنا.

Fheedal3deem@