خالد عبدالقادر الحارثي

افتحوا جوالات موتاكم

السبت - 24 سبتمبر 2022

Sat - 24 Sep 2022

ينادي البعض ويحذر بعدم فتح جوالات المتوفين من قبل ذويهم واعتبارها أسرارا لا يجوز الاطلاع عليها وكشفها بل ووصل في وصفهم حد التجريم، ووجدوا من يعزز لهم هذا التحذير أو النصح وهناك من خاف وطبق ذلك على فقيده المتوفي ولا يعلم أنه بذلك الفعل قد يكون علق حقوقا في الذمة إما مالية أو معنوية نتيجة خلاف، ونحن ننادي بفتح جوالاتهم في الأيام الأولى لوفاتهم بشرط أن يتولى فتحه وتفحصه من هو ثقة للستر في العائلة وإن تعذر وجود الثقة في العائلة فلا مانع أن يتولى ذلك أحد من أهل الصلاح؛ لأن هناك أسرارا وأمورا في الذمم قد تكون معلقة بين المتوفي وبين الآخرين، بالذات في حالة الموت المفاجئ ولابد من الوفاء بهذه الحقوق سواء كانت له أو عليه، وخاصة إذا كانت أمورا مالية في ذمته، فإذا كان على الميت دين فإنه يجب المبادرة والإسراع لسداد دينه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه). وإذا تحمل أحد ذويه أو معارفه عنه دينه فقد سقط عنه وبرأت ذمته.

كثيرا ما نجد البعض في المقابر وقبل الدفن أو بعده ينادي في الحضور المشيعين «يا إخوان من له دين عند فلان فنحن له سدادين بإذن الله وإن عليه دين فالوفاء به حق لورثته».

وهكذا في الحقوق المعنوية فقد يتم اكتشاف خلاف بينه وبين آخرين لم يظهره الفقيد في حياته، فيسعى أهل الخير لتطييب النفوس وطلب السماح له لوجه لله تعالى.

ولنا فيما ذكرت أمثله حية واقعية عاصرتها بنفسي عندما فقدنا بعض المعارف - رحمهم الله - وكان لما احتوته جوالاتهم دليل لطبيعية علاقاتهم بالآخرين سواء المالية أوالمعنوية، ومنها.. أننا وجدنا أحدهم كان متزوجا سرا من أجنبية وله أبناء لم يوثق زواجه ولا ولادة أبنائه خشية من اكتشاف أمره، وآخر استلف مبالغ متفرقة لتزويج ابنه دون توثيقها لمستحقيها؛ لأنها بسيطة وعلاقتهم كبيرة، ووجدنا لأحد العقاريين دلالة سعي كبيرة مستحقة وموثقة في ذمة آخرين أثر بيعة، ووجدنا خلافا شخصيا لفقيد مع مديره السابق وانتهى بالقطيعة نتيجة منافسة ترقية وأداء عمل وثبتت إساءته والإضرار بمديره حيلة بالتعاون مع آخرين في حوارات الواتس. وهناك أمثلة كثر ومؤكد أن لديكم أمثلة أخرى شبيهة بتلك الحالات.

إن الحياة لا تخلو من حسن وسوء التعاملات بين الناس، فمن رحلوا وأفضوا إلى ربهم كانوا بيننا أحياء يتنفسون ويأكلون ويشربون ويضحكون ويلعبون ويطمحون وينافسون ويحرضون ويؤذون ويتأذون ويتآمرون ويتسلفون ويسلفون.. إلخ، ولكن حانت ساعتهم فرحلوا للأبد وتوقف كل شي مارسوه، فهم بين فطن ومفرط، قال تعالى: (ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).

ونحن بفضل الله وحمده ما زالنا أحياء نستحضر مقولة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله الشهيرة: «كفى بالموت واعظا» فنعمل على أنفسنا ونجهز لما بعد مماتنا ونجعل ما في أجهزتنا شاهدا لنا لا علينا لنحسن الرحيل ونحن أبرياء الذمم.