شاهر النهاري

تساؤلات وجدانية من وحي يوم الوطن

الخميس - 22 سبتمبر 2022

Thu - 22 Sep 2022

تعن على أذهان أهل الشرق الأوسط «آتون الطمأنينة والأوطان، وشقاء الأنفس المتنازعة السلطة، وهباء ثمن الروح والولد، وحسرة اللقمة ومخاوف اقتراب نهايات العالم المرتقبة» تساؤلات منطقية عن قيمة الوطن ومعانيه.

ومن موقع إعرابنا ورؤيتنا، وحينما نعرف أن أحدا يحقد ويحسد ويكره الخير لمن يمتلك الوطن المستقر الداعي للسلام، لم نعد نجزع، ولا ننقم، ولا نقابل الكره بالضغينة، ولكننا نتألم له، ومعه، ونطلق من حناجرنا وقلوبنا الدعوات له بالطمأنينة والحب والرضا، وأن ينال معه جميع الغاضبين الفرج مما يعانون منه في ضنك أوطانهم، ويتجرعون الخوف وظلمة السجون وغيلة المعتقلات، ومحاولات الهروب من ضيق فتحات الإبر، وامتطاء صهوة الأمواج، ومعانقة جفوة وعطش الصحاري، والتشبث كيفما اتفق بالأجنحة، هربا من واقع أليم مزر يحيونه، ومن حياة بهدلة ملاجئ، وموت للأمل دون حضن وطن.

نعم، لكم ندعو لهم بالرحمة فيما بينهم، والتغلب على الظلم وأهله، ونتمنى سرعة عودتهم ليقين وحضن أوطانهم، والاستقرار بين أخياره محبي الحياة، غير الأشرار ولا الأنانيين ولا المتجبرين، والنهوض مجددا، بإرادة وعقول وسواعد الإخاء والقوة والإخلاص، وأكتاف المنعة وأرياش صدور السلام.

جارك مرآة صدق لأوضاع وطنك، وهو إما أن يكون هانئا قرير العين بحرصه يمثل درعا واستقرارا وحرز أمن لك، أو أن يكون جحور ثعابين وفخاخ، تعترض طريق وطنك للتنمية، وواعز خوف وحرص ويقظة عندك، بأدواره الملفوفة في تراكمات الحقد والغدر، وهي تعبر الحدود إلى شرايين الجوف، محدثة الخراب بأياديه وأيادي الأعداء، وبالإرهاب بنفسه وبمرتزقته، وعقول خبث تشعل بخياناتها واختراقاتها ومخدراتها وجودك.

نقمة حال يعيشها أصحاب الحظ العاثر، وتنفيس عن قلوبهم المفعمة بالغل لمعرفتهم بعدم تكامل وتوازن أوطانهم، معيشيا وأمنيا وسياسيا، وإخلال أمانة رعايتهم، حينما يتسلطون ويجنحون ويخادعون ويبطشون ويسرقون بحثا عن ديمومة سيطرة غير مستحقة، يطلبونها بزرع الصعوبات المعيشية والمادية والعملية في حياة شعوبهم، وفقع أعين طموحات الأبناء، وسلب الأمن والقيمة والحقوق، والعدالة والتوازن منهم.

الوطن نعمة غرس سواعد الأجداد، وحرز وتفاني قلوب وعقول وأيدي المواطنين الأحرار، وأمنيات بجني ثمر الأحفاد.

الوطن حصيلة تواضع وتفاني المسؤول المستحق لأن يُحَب، وتفهم وتعاون المواطن، وتقارب النهج والنوايا والعقول والقلوب وتوحد الأهداف والتضحيات، وشعور كل مواطن بأن سماء وأطراف الوطن ووسطه، وأيادي أبنائه وجنوده ومبانيه وشواطئه، وشوارعه وجباله ومياهه وزروعه، وصحاريه مجموعة في أركان بيته الصغير، لا يرتضي لها القذى ولا الضرر، ويشد يده بيد من يرعاها ويبنيها، وهو إن طلب المزيد، يظل يوازن ويقارب، بروح حمامة تسعى لطيب الحياة، وتحافظ على عشها، وتوزع أغصان السلام بين الجوار.

الوطن إنسان، وأب، وأم يجمعوننا بين أياديهم، ويحملوننا على أكتافهم، وكم نغوص غبطة بين أحضانهم، ونبرز في أعينهم وأفواههم، وعلى حسن ملامحهم، وفي قلوبهم، فلا نشعر بأنهم لغيرنا، ومن العقل والمنطق ألا نصبح سكاكين بأيدي من يتمنون الإضرار بهم أو زوالهم.

يوم الوطن السعودي كان غبطة بهجتنا على مدى اثنين وتسعين عاما من الرخاء، وهو فنار رؤيتنا وتوحدنا، ومورد عزتنا وقرة أعيننا، وسيدوم حبه غايتنا وهدفنا ومجمع عزمنا وقوتنا، ورابط مشاعرنا وبقاء استقرارنا، ومهما تعاظمت العقبات والمناوئون فنحن بوعينا أدرى وأبقى وأحرص على مسيرة وطننا ولحمتنا.

shaheralnahari@