سارة مطر

طلاب الدراسات الإسلامية والجيل الجديد

الاثنين - 19 سبتمبر 2022

Mon - 19 Sep 2022

استوقفني الخبر الذي نشر خلال الأيام الماضية عن خسارة الطلاب قضيتهم ضد جامعة طيبة، ترى ما هي القضية؟ حسب ما نشر في الصحف أن عددا من الطلبة رفعوا دعوى أمام ديوان المظالم، وذلك لرغبتهم في تغيير مسمى التخصص الذي حرمهم من الفرص الوظيفية والدراسات العليا، وطالبوا الجامعة بتغيير مسمى تخصص الدراسات الإسلامية إلى الشريعة الإسلامية.

بعيدا عن أنني لا أعرف تماما الفرق بين المسميين، لكني شعرت بالسعادة أن يكون هذا الجيل الجديد في وطني، قادرا على أن يلجأ للمكان الصحيح لكي يعلن عن رغباته وعن رأيه، وأن يشعر أن له الحق في المطالبة بحقه، حتى وإن كانت الدعوى قد رفضت وذلك حسبما جاء في الخبر، بأن مجلس الجامعة يتمتع بسلطة تقديرية لا يتدخل فيها قضاء الديوان، إلا في حال إثبات المدعين تعسف الجامعة في استخدامها.

هذا الجيل الذي يتكلم ويبدي رغباته ويعلن عن طموحاته علنا، ويقبل الرفض ويتفهم الأسباب لذلك، هذا جيل لا يمكن أن تخاف منه، بل عليك أن تستمع إليه بشكل جيد، وأن تشيد بقدراته وثقته الهائلة في ذاته، حتى يتجرأ لأن يرفع قضية مع زملائه على الجامعة دون خوف من المحاسبة أو الطرد.

لقد عانت السعودية من الشباب الذين جرى غسل أدمغتهم، فتوجهوا للقاعدة وبعد ذلك لداعش، وحاولوا كثيرا إخلال التوازن في البلاد، عبر قيامهم بالتفجيرات واختيار أماكن العبادة على سبيل المثال للقيام بما لا يصدقه العقل، كأن يقوم مراهق بلبس حزام ناسف، وأن يتوجه ليقتل جاره وربما أحدا من أفراد أسرته وقبيلته.

هؤلاء الذين انتهجوا منهجا عبوسا قمطريرا، حان الوقت لينتهي تواجدهم تماما، ولتفتح الدولة أذرعتها وحضنها للجيل الجديد القادم بقوة الصاروخ، من خلال ثقته بنفسه وإدراكه لاحتياجاته، والأهم من ذلك وهو ما يشهده العالم أجمع، تواجد المواطن والمواطنة السعودية الآن في مختلف الوظائف الصغيرة والكبيرة، لم يعد هناك استعلاء أن يعمل أحدهم ككاشير أو حارس أمن، النظرة لمسمى الوظيفة شبه انتهى، وخلال السنوات القادمة سينتهي تماما.

حينما كنت أدرس في جامعة البحرين، لا زلت أذكر الدكتور جمال الزرن الذي كان واحدا من الذين قاموا على تدريسي لمواد الإعلام، قال مرة فخورا بوطنه، «حينما تزور تونس ستجد الحمال والبائع وسائق التاكسي تونسيا، فالتونسي لا يخجل من العمل بأي وظيفة كانت»، وقتها شعرت بإحساس الدكتور جمال وفخره بوطنه ومواطنيه، وهاهو اليوم الذي أود أن أقول للدكتور الزرن، إنك حينما تأتي لزيارة السعودية، ستجد السعوديين والسعوديات في كل مكان، وأنا أشعر بالفخر من التعامل المستقيم والرائع منهم.

وربما أكثر ما كان يسعدني حينما أحتاج لطلب خدمة «أوبر»، فأجد ابن وطني وقد أدرك تماما قيمة وأهمية العمل، والتعامل بحدود مدركا بأن ما يقوم به يمنحه متعة الإنجاز، وهذا ما كنت اسمعه من الكثيرين الذين التقي بهم، ويدور بيني وبينهم نقاش حول طبيعة الأعمال التي يقومون بها، مؤمنة بأن هناك عالمين نعيش بهما، عالم تدخله وتكتشفه كل يوم، ثم هناك العالم الذي نشترك فيه سويا.

وعبر هذا المقال أعترف أني فخورة بالطلاب وإن خسروا قضيتهم.