أحمد بن سالم باتميرا

أوراق الخريف: عمان والسعودية.. والمنافع المشتركة

الأربعاء - 14 سبتمبر 2022

Wed - 14 Sep 2022

حين يتوجه وفد تجاري رفيع المستوى برئاسة معالى قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار يضم مجلس رجال الأعمال العماني ورئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان وعددا من رجالات القطاع الخاص والمستثمرين العمانيين إلى المملكة العربية السعودية فإن هذه الزيارة لا شك ذات أهمية يعوّل عليها، حيث إنها تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، وتعميق استفادة الاقتصاد العماني من التجربة السعودية الرائدة في التطور التنموي وتنويع الموارد الاقتصادية، وخاصة في القطاعات الإنتاجية والصناعية والغذائية والاستفادة من موقع البلدين في هذا الإطار.

وتأتي أهمية هذه الزيارة في ضوء الأرقام والحقائق الجوهرية التي تؤكد زيادة التبادل التجاري بين البلدين بعد فتح المنفذ الحدودي بينهما مباشرة، وهناك مؤشرات إيجابية تؤكدها اللقاءات والزيارات المستمرة والمتبادلة بين المسؤولين في البلدين الشقيقين، والحراك الدبلوماسي الذي يقوم به سفيرا البلدين مما كان له الأثر الملموس في انسيابية العمل، فالاقتصاد القوي يعتمد على الحراك والزيارات بين الجانبين لاستكشاف فرص متبادلة تسهم في التطور التجاري وهذا ما يقوم به حاليا معالي وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار من خلال زيارته الخارجية وسعيه لنسج علاقات تعاون بناء ومثمر مع الدول ذات الاقتصادات المتقدمة سواء إقليميا او اوروبيا او اسيويا.

ومن هنا نرى أن زيارة الوفد التجاري العماني للمملكة العربية السعودية تأتي في هذا الإطار الثنائي الخليجي، ومباحثاته مع نظرائه في المملكة ستكون من الزيارات المهمة، لأنها تهدف إلى تعميق العلاقات القوية القائمة على مبدأ الشراكة الحقيقية والفاعلة من خلال ربط الموانئ بشبكة متواصلة من الناقلات البرية او السفن البحرية وتحقيق تطلعات قيادتي البلدين في الاستفادة من المنافع والعوائد الاقتصادية المشتركة بين الطرفين خاصة وأن رؤيتي البلدين متقاربتان ومنسجمتان في الطموحات والتطلعات ويمكن ربطهما في مجالات عديدة التجارية والصناعية والغذائية والبحرية واللوجستية وغير ذلك من الجوانب التي تحتاج الى التطوير والاتفاق عليها!.

ولعل زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم للرياض، وكذلك زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمسقط، وضعت اللبنة الحقيقية لتفعيل النهج الشفاف في التعاون بين البلدين والذي انطلق من المفهوم الحقيقي لمعنى التعاون الثنائي البناء والشراكة الحقيقية دون ضرر أو ضرار والذي يحقق الاستفادة المشتركة للجانبين.

ولهذا، فإن هذه الأجواء والمنطلقات الإيجابية لا شك أنها مهيئة للشراكة الحقيقية، فالأمر متروك لرجال الأعمال والقطاع الخاص في البلدين، خاصة مجلس رجال الأعمال العماني السعودي لتحويل القرارات والتوصيات إلى أفعال ونتائج على أرض الواقع، فالقطاع الخاص هو المحرك والدينمو لتعميق الروابط التجارية والاقتصادية مع المملكة العربية السعودية.

وحقيقة إن علاقات التعاون الاقتصادي في عالم اليوم تحتاج إلى كثير من العمل في بناء العلاقات الشفافة المتبادلة ليكون النجاح والمردود أكبر، وعلى النحو الذي يحرص فيه الطرفان على تحقيق شراكة حقيقية ناجحة، وتعظيم الاستفادة المشتركة والمتبادلة لكون البلدين يتمتعان بالكثير من الصفات والمساحات والمقومات ولقربهما من دول وقارات مستهلكة وفي حاجة ماسة للصناعات الممتازة ذات الجودة العالية.

ومن هنا نقول إن زيارة الوفد التجاري برئاسة معاليه للمملكة العربية السعودية ووجود عدد من كبار رجال الأعمال والمستثمرين ضمن الوفد المرافق ، وفي ضوء العلاقات الطيبة بين سلطنة عمان والسعودية، فإننا أمام مرحلة سوف تفتح آفاقا واسعة ورحبة للتعاون المثمر والبناء بين البلدين الشقيقين في المجالات التجارية وجذب الاستثمارات. وهو النهج الذي توليه سلطنة عمان في العهد الجديد اهتماما كبيرا من خلال التركيز على تعميق الشراكات الخارجية مع القوى الاقتصادية والتجارية.

ولهذا فإن وجود عدد من المؤسسات الكبرى والصغرى في وفد رجال الأعمال العماني هو أمر مرحب به للاستفادة بشكل إيجابي من نجاح التجربة السعودية، خاصة وأن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية في ازدياد مستمر بعد فتح المنفذ الحدودي، وفي ضوء الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم المتعددة التي تمت والتي سيتم التوقيع عليها لاحقا التي ستعزز هذا التبادل عبر بناء شراكات اقتصادية واستثمارية قوية وواعدة.

وللحقيقة والتاريخ أيضا، يمكنني القول إن ما تشهده العلاقات العمانية السعودية من نشاط وحراك على كافة المستويات يجعلنا نتفاءل بأن هذه الشراكة ستثمر الكثير من النتائج والايجابيات اذا اتفقنا على الكثير من النقاط وابتعدنا عن المعوقات والاشتراطات والتعقيدات التي لا تخدم شعبي البلدين ورجال الأعمال والمستثمرين. والظروف الراهنة تتطلب من دول مجلس التعاون الخليجي توسيع علاقاتهما على كافة المستويات والاستفادة من المخرجات والكفاءات الوطنية لديهما في تبادل المعرفة والتكنولوجيا وعمل مصانع مشتركة بينهما.

على ضوء ذلك ندرك أهمية زيارة معالي الوزير والوفد المرافق له للمملكة العربية السعودية في تحقيق الأهداف والتكامل الإستراتيجي في القطاعات التي تعد عصب الحياة للفرد والمجتمع، ودراسة كل ما تحقق خلال الفترة الماضية والمعوقات التي حالت دون تحقيق بعضها، وأقترح تشكيل لجنة مصغرة لتفعيل العمل المشترك بين الوزارتين، والتي ستعكس وتعمل على تذليل الصعاب وتطوير العملية التجارية، لكون ارتباطات الوزراء كثيرة سعيا للتوصل إلى حلول واقعية واستراتيجية لكل هذه القطاعات الحيوية، مما يتطلب المتابعة المستمرة لتحقيق الأهداف المرجوة في القريب العاجل.. والله من وراء القصد.