زينب محمد الشنقيطي

هل الأب أحق بالحضانة؟

الثلاثاء - 13 سبتمبر 2022

Tue - 13 Sep 2022

بعد نشر نظام الأحوال الشخصية في تاريخ 15/8/1443هـ، الذي كان منتظرا بفارغ الصبر، حسمت أمور كثيرة كانت تعتمد سابقا على اجتهاد القضاة وترجيحهم لأحد أقوال الفقهاء، وأصبح المحامي يتصور بشكل كبير مصير القضية الموكلة إليه، والمستشار يقدم استشارته بثقة أكبر وتصور أوضح من خلال نصوص المواد الواضحة والحاسمة، مع أن النظام جاء مقررا لغالب المعمول به سابقا في القضاء ولكن الفروقات رغم قلتها كانت مؤثرة، ومن الفروقات بين المعمول به سابقا ونصوص نظام الأحوال الشخصية، ترتيب أولوية استحقاق الحضانة؛ فسابقا كانت الحضانة للأم ثم الجدة لأم ثم الجدة لأب...إلخ!، وأما الان فنص النظام في المادة السابعة والعشرين بعد المائة على أن:

1- الحضانة من واجبات الوالدين معا ما دامت الزوجية قائمة بينهما، فإن افترقا فتكون الحضانة للأم، ثم الأحق بها على الترتيب الآتي: الأب، ثم أم الأم، ثم أم الأب، ثم تقرر المحكمة ما ترى فيه مصلحة المحضون، وذلك دون إخلال بما تضمنته المادة (السادسة والعشرين بعد المائة) من هذا النظام.

2- للمحكمة أن تقرر خلاف الترتيب الوارد في الفقرة (1) من هذه المادة، بناء على مصلحة المحضون. على اعتماد ترتيب الأم ثم الأب ثم الجدة لأم....إلخ.

والموضوع الأهم الذي اختلف فيه كبار المتخصصين، ولاقى جدلا واسعا في وسائل التواصل الاجتماعي، هل الحضانة تسقط عن المرأة المتزوجة؟! لا شك بأنها مسألة خلافية قديمة جدا بين الفقهاء ومنهم من يرى سقوطها لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: "أنتِ أحق به ما لم تنكحي" ومنهم من يرى بقاء الحضانة حتى بعد زواجها كابن القيم والسعدي، ولاشك بأن الخلاف ليس في الحديث ذاته وثبوته بل في فهم الحديث وتأويله، خاصة بأن الرسول عليه الصلاة والسلام قضى بابنة حمزة لخالتها المتزوجة، وكان غالب المعمول به قضاء قبل صدور نظام الأحوال، بقاء الحضانة للمرأة المتزوجة باشتراط موافقة زوجها الجديد ما لم تقتض مصلحة المحضون خلاف ذلك، ثم جاءت المادة التي لاقت خلافا واسعا واختلفت عن طريقها الأحكام، المادة السادسة والعشرين بعد المائة:

دون إخلال بما تضمنته المادة (الخامسة والعشرون بعد المائة) من هذا النظام، يتعين التقيد بالشروط الآتية:

1ـ إذا كان الحاضن امرأة، فيجب أن تكون غير متزوجة برجل أجنبي عن المحضون، ما لم تقتض مصلحة المحضون خلاف ذلك.

2ـ إذا كان الحاضن رجلاً، فيجب أن يكون ذا رحم محرم للمحضون إن كان أنثى، وأن يقيم عند الحاضن من يصلح للحضانة من النساء.

يبدو النص واضحا وحاسما للوهلة الأولى ويفهم منه سقوط الحضانة عن الأم المتزوجة وأن الأب أحق ولكن عند قراءة السياق كاملا، كيف لزوج الأم أن يكون أجنبي عن المحضون؟ حيث رأى البعض أن الأجنبي هنا لا يقصد به زوج الأم بل قيل أن المادة نفسها لا تتحدث عن الأم إنما تتحدث عن حضانة "غير الوالدين" للمحضونين، لأن زوج الأم لا يمكن أن يكون أجنبيا عن المحضون.

ثمة تساؤلات: هل المصلحة المذكورة في النص هي ذات المصلحة التي جعلت معظم القضاة سابقا يحكمون ببقاء الحضانة لدى الأم لكون جانب المرأة مقدم في الحضانة وهي الأقدر عليها؟! أم أن مجرد زواجها يعد مسقطا لها؟! تبدو المادة مرنة جدا، وتحتمل جميع هذه الأوجه، فهل اللائحة ستحسم هذا الجدل الواسع؟!