علي الحجي

المخدرات في مدارسنا

الاحد - 11 سبتمبر 2022

Sun - 11 Sep 2022

المخدرات آفة عالمية لا يخلو منها أي بلد، تقوم عليها منظمات عالمية بحثا عن الثراء وتحقيقا لأهداف أيديولوجية مختلفة ومعقدة، سلاح غير مشروع وأداة دنيئة يقع ضحيتها ملايين البشر بشكل مباشر أو غير مباشر، فهي المحرك الأول للجريمة والسلوك المنحرف، والهادم الأبرز للصحة والصلات الاجتماعية، والناخر الأخطر لجسد المجتمع.

ولا شك أننا كبلد يحظى برخاء اقتصادي وقفزات تنموية نقع في مركز اهتمام منظماتها الدنيئة لأسباب عديدة سياسية واقتصادية وأيدلوجية لا تخفى على ذي لب، فتنفذ هجماتها مستفيدة من الثغرات الأمنية أو الاجتماعية وحتى العائلية والفردية، وكلما أغلقت ثغرة بحثوا عن أخرى دون توقف، رغم العدد الهائل من عمليات الكشف والقبض والتي تجاوزت أثمانها ميزانيات دول كل عام.

تبدأ معظم حالات تعاطي المخدرات في غالبياتها الساحقة في مراحل الدراسة الثانوية والمتوسطة، ونادرا ما يكون قبل أو بعد هذه المرحلة، جزء كبير من الحالات لا يكشف حتى على مستوى العائلة، رغم أثرها الواضح في السلوك العام للمتعاطي على المستوى الصحي والعائلي والمهني، وتعزى غالب المشكلات لأسباب سطحية ليس منها المخدرات، بل إن بعض العائلات قد تهمش أو تتستر على التعاطي كمسبب للسلوك المنحرف، الذي قد يتجاوز الاضطراب الصحي والأسري والمهني لارتكاب جرائم لا يمكن إصلاح أثرها، بل إني أزعم أن معظم الجرائم الكبرى خلفها المخدرات، وإن تخفت خلف قناع الخلافات الشخصية، فهي المحرك الأول على مستوى الأفكار والجرأة في التنفيذ.

المشكلة أن غالبية أولياء الأمور لا يعلمون عن تعاطي أبنائهم إلا بالصدفة، أو بعد الوصول لمرحلة متقدمة من الإدمان، وهم أمام أعينهم من سن مبكر.

أعتقد أن من ضمن الحلول سد ثغرة جهل أولياء الأمور بحالة أبنائهم، بتعميم الفحص الصحي الدوري لطلاب المدارس، فحص صحي عام للتشخيص المبكر للمشكلات الصحية أولا، ويكون من ضمنه التعرف على المواد التي تعطي مؤشر لاحتمال التعاطي، يتم تبليغ ولي الأمر فقط بالنتائج الصحية، وفي حال وجود مواد محظورة يتم التواصل مع ولي الأمر بشكل وآلية معينة، للتأكد من النتائج وبدء العلاج النفسي والاجتماعي.

ومثل هذه الخطوة تحتاج إلى حملة واسعة من التوعية والمكاشفة الاجتماعية، وآلية تحفظ للطفل والمراهق والعائلة خصوصيتها، وتضمن القضاء على المشكلة في مهدها، وستعين أمنيا على كشف البؤر التي تنشر هذه السموم في البلد لاستئصالها، وتعين الآباء على التشخيص المبكر للحالة الصحية للأبناء غير كشفها للسلوك المنحرف إن وجد.

وأخيرا لا بد من التكامل بين المؤسسات الأمنية والصحية والتعليمية والإعلام والعائلة لكشف حالات التعاطي في بداياتها، لبتر مصادرها وعلاج عرضها قبل أن يتحول لمرض أو جريمة.

aziz33@