سليمان محمد الشريف

الصداقة بين براثن الفوقية

الخميس - 08 سبتمبر 2022

Thu - 08 Sep 2022

لأنني أحببت في وقتها هذا المصطلح بجدارة الطويل المتين الذي يستند على القوة ثم الثقة والمحبة والوفاء والمودة، وعلى الوضوح والصدق، كنت قد كتبت في مقتبل عمري وفي الوهلة الأولى للكتابة ومن خلال أبرز صفحات القراء بجريدة «الرياضية» السعودية في ذلك الوقت مع مطلع تأسيسها عن «الصداقة» تحت عنوان: «الصداقة الحقة».

كنت وقتها في الصف الثالث المتوسط ولا أملك تلك الخبرة التي تجعلني أقيّم علاقات الناس ببعضها أو أحللها ولكنني بفضل الله سبحانه كنت ولا زلت أمتلك الحس القوي الصادق في علاقاتي مع الجميع، من زملاء مقاعد دراسية وأصحاب في الممارسات اليومية من لعب واكتسابات من المعايشة ومكاسب لبناء الشخصية التي تحترم حقوق الغير، ولي أبعادي وأهدافي من وراء تلك العلاقات، ولم أذكر يوما أن علاقتي بشخص ما، قريبا كان أو بعيدا -زميلا كان أو صاحبا- تجاوزت حدود الاحترام والحب والوفاء أو اندرجت تحت بند المصالح ورغبة الاستغلال والبحث عن أمور لا ترضي الله سبحانه وتعالى.

وهكذا أدلجت نفسي منذ البداية وتعودت على أن أخلص وأكون وفيا نقيا لكل شخص وضع في الثقة وأتمنني على أمره، ولإيماني القوي الكامل منذ نعومة أظافري أن الكثير لا يقدّر المفهوم الحقيقي لهذه العلاقة الإنسانية ولا يطبق القيم الكريمة والسجايا العطرة لها، وأن القليل جدا من دست فيهم التجارب حب الغير ورغبة التضامن الحسي والاتفاق على مبدأ واحد يصون ذلك المفهوم، أحببت أن كتبت ذلك المقال الذي لا زالت محاوره تدور في ذهني والتي استقيتها من الحياة وسير العلاقات في ذلك الوقت المنفرط - وأتذكر سبب كتابتي لذلك المقال - حينما قرأت من الواقع أن الصداقة عمق إنساني وحمل خفيف لم يستطع الكثير حمله تحت حب الذات والبحث عن المصالح الخاصة، الأمر الذي قد يجعلك وفي أي لحظة تفاجئ بصفعة قوية من أقرب الأصدقاء من الذين أعطيتهم الثقة وظننت أنهم موضع تقدير واحترام تلك الثقة، إذا ما نظرنا إلى أن «الصداقة الحقة» التي تعتمد في المقام الأول على تبادل الثقة.

‏اليوم بعد أن تقدمت بنا السنون أعود لمحور الأمس لتأتي الظروف وتكشف يوما بعد يوم عن النقاب وتستمر الظروف في تحليل الشخصيات ونزع الأقنعة لكي تتوالى الصفعات القوية حتى فقدنا من بعدها الثقة في الجميع إلا من رحم ربي، وحينما تتوالى الأحداث وتأتي الظروف لكي يسقط من يسقط في فخ سوء طالعه وخفاياه الملتهبة بالأحقاد ونواياه السيئة، إنما هو خبر الأمس الذي سقطت بين سطوره القيم ومفاهيم الصداقة تحت براثن الفوقية المنكسرة وعزة النفس الفاضية والاعتقاد الوهمي وتعنت الأفكار، وتأكيد يعكس الحقيقة التي تسري معي في مجرى دمي منذ مرحلة مبكرة من عمري وعلى الأرض من خلال تجارب صادقة أبدت لي مرة أخرى أن العلاقات هي مجرد علاقات سطحية وعلاقات مصالح متبادلة لا تمت للصداقة بشيء مهما ادعى البعض أنها متينة.

‏نقطة أخيرة: في الطريق الطويل اختر الصاحب الوفي الذي لا توجد في زوايا أفكاره وبين خفايا أضلاعه قنبلة ساكنة ممكن أن تنفجر في أي لحظة.‏

Soliman_ashareef@