العولمة والحرب الباردة
السبت - 03 سبتمبر 2022
Sat - 03 Sep 2022
من خلال العنوان يتضح للقارئ الكريم أنني بصدد الحديث عن العلاقة الشائبة بين الولايات المتحدة والصين، ففي تسعينيات القرن الماضي بشر الإعلام الغربي ببزوغ حالة جديدة سموها بالعولمة كتعبير يراد به أن العالم سيتحول إلى قرية صغيرة واحدة، وكان هذا المصطلح حينها يضرب آذان المجتمعات البشرية في الشرق والغرب، وبدأ الحديث عن التحذير من هذا المصطلح الغريب والذي كان يترادف حينها مع فكرة الغزو الثقافي الغربي لقيم وموروث المجتمعات الأخرى، بينما في الغرب شرعت العولمة إعلاميا وكأنها انتصار فعلي لقيم الثقافة الغربية، لا سيما أنها أتت كمرحلة تالية لانهيار المنظومة الاشتراكية في موسكو، وتتويجا لأفكار فرانسو فوكوياما ونهاية التاريخ.
لا شك أن انبثاق العولمة واكتساحها للعالم هو حصيلة طبيعية لثورة الاتصالات والتكنولوجيا، وكما أن المجتمعات الشرقية في الماضي كانت قلقة على موروثها الاجتماعي من سطوة القيم الغربية عبر العولمة إلا أن القلق الغربي اليوم يأتي من نتائج تلك العولمة على الغرب نفسه، فالعملاق الصيني الذي يسعى لإزاحة الولايات المتحدة عن عرشها الاقتصادي هو نتاج طبيعي لتلك العولمة.
لقد أدرك الصينيون مبكرا أهمية العولمة وأنها تتفق تماما مع الميزات التنافسية التي يمتلكونها، بيد أن أطر الأديولوجيا الشيوعية لا تسمح بذلك، فاتخذوا قرارات جريئة بتطعيم النظام الاقتصادي بحقن الرأسمالية الغربية مع إبقاء النظم الإدارية كما هي، فسارعوا في عام 2001م للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وفي سباقهم مع الوقت تمكنوا في ظرف عشر سنوات فقط من جني ثمار هذه الخطوة وبلوغ المركز الثاني في الاقتصاد العالمي بعد الولايات المتحدة.
يحاول الأمريكان في السنوات الأخيرة كبح جماح الطموح الصيني، بيد أن ظروف الواقع تقول بأن الاقتصاد العالمي قد أضحى بنمطية الاقتصاد التكاملي، وأن أي ضرر أو عقوبة تلحق بأحد الأطراف سترتد آثارها على الطرف الآخر، ولهذا يعاني العالم اليوم من نتائج الحرب الروسية الأوكرانية، وبالتالي فأي عقوبات تفرضها واشنطن على بكين سترتد آثارها السلبية على العالم بما فيهم الولايات المتحدة نفسها، وهذا أيضا من نتائج العولمة!!
وفي الختام، هنا لا بد من الإشارة بأن الشركات الأمريكية الكبرى لا تستطيع مغادرة الأرض الصينية لطبيعة الميزة التنافسية التي تقدمها بكين لها، وبالتالي فإن العلاقة التجارية بين واشنطن وبكين هي الأضخم في تاريخ الاقتصاد الحديث، فالعلاقة تكاملية جدا بين الطرفين، فعلى الرغم من طبيعة الحرب الباردة الناشبة اليوم بين الطرفين إلا أن الاتصالات المتبادلة على المستوى الرئاسي لا تزال قائمة وهي انعكاس جلي لظروف تلك العلاقة، فواقع العولمة يقتضي بالتعاون الرسمي من جهة وممارسة طقوس الحرب الباردة من جهة أخرى.
albakry1814@
لا شك أن انبثاق العولمة واكتساحها للعالم هو حصيلة طبيعية لثورة الاتصالات والتكنولوجيا، وكما أن المجتمعات الشرقية في الماضي كانت قلقة على موروثها الاجتماعي من سطوة القيم الغربية عبر العولمة إلا أن القلق الغربي اليوم يأتي من نتائج تلك العولمة على الغرب نفسه، فالعملاق الصيني الذي يسعى لإزاحة الولايات المتحدة عن عرشها الاقتصادي هو نتاج طبيعي لتلك العولمة.
لقد أدرك الصينيون مبكرا أهمية العولمة وأنها تتفق تماما مع الميزات التنافسية التي يمتلكونها، بيد أن أطر الأديولوجيا الشيوعية لا تسمح بذلك، فاتخذوا قرارات جريئة بتطعيم النظام الاقتصادي بحقن الرأسمالية الغربية مع إبقاء النظم الإدارية كما هي، فسارعوا في عام 2001م للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وفي سباقهم مع الوقت تمكنوا في ظرف عشر سنوات فقط من جني ثمار هذه الخطوة وبلوغ المركز الثاني في الاقتصاد العالمي بعد الولايات المتحدة.
يحاول الأمريكان في السنوات الأخيرة كبح جماح الطموح الصيني، بيد أن ظروف الواقع تقول بأن الاقتصاد العالمي قد أضحى بنمطية الاقتصاد التكاملي، وأن أي ضرر أو عقوبة تلحق بأحد الأطراف سترتد آثارها على الطرف الآخر، ولهذا يعاني العالم اليوم من نتائج الحرب الروسية الأوكرانية، وبالتالي فأي عقوبات تفرضها واشنطن على بكين سترتد آثارها السلبية على العالم بما فيهم الولايات المتحدة نفسها، وهذا أيضا من نتائج العولمة!!
وفي الختام، هنا لا بد من الإشارة بأن الشركات الأمريكية الكبرى لا تستطيع مغادرة الأرض الصينية لطبيعة الميزة التنافسية التي تقدمها بكين لها، وبالتالي فإن العلاقة التجارية بين واشنطن وبكين هي الأضخم في تاريخ الاقتصاد الحديث، فالعلاقة تكاملية جدا بين الطرفين، فعلى الرغم من طبيعة الحرب الباردة الناشبة اليوم بين الطرفين إلا أن الاتصالات المتبادلة على المستوى الرئاسي لا تزال قائمة وهي انعكاس جلي لظروف تلك العلاقة، فواقع العولمة يقتضي بالتعاون الرسمي من جهة وممارسة طقوس الحرب الباردة من جهة أخرى.
albakry1814@