تغريدة توقد النيران في العراق

الصدر: الميليشيات الوقحة أعطت الأوامر لاندلاع القتال وإراقة الدماء بلاد الرافدين تدفع ثمن مناورات السياسيين والمأمورين من طهران واشنطن بوست: العراق أسير صراعات متصاعدة بين الفرقاء السياسيين الجارديان: التطورات الأخيرة عمقت جراح بلد يواجه شللا سياسيا الكاظمي يدعو لتحقيق عاجل ويطالب بتحديد المقصرين ومحاسبتهم الحلبوسي: الوضع خطير ولا يمكن السكوت عليه أو تركه يتصاعد العامري: السلاح ليس حلا ولا يوجد حل بين الإخوة إلا بالحوار
الصدر: الميليشيات الوقحة أعطت الأوامر لاندلاع القتال وإراقة الدماء بلاد الرافدين تدفع ثمن مناورات السياسيين والمأمورين من طهران واشنطن بوست: العراق أسير صراعات متصاعدة بين الفرقاء السياسيين الجارديان: التطورات الأخيرة عمقت جراح بلد يواجه شللا سياسيا الكاظمي يدعو لتحقيق عاجل ويطالب بتحديد المقصرين ومحاسبتهم الحلبوسي: الوضع خطير ولا يمكن السكوت عليه أو تركه يتصاعد العامري: السلاح ليس حلا ولا يوجد حل بين الإخوة إلا بالحوار

الثلاثاء - 30 أغسطس 2022

Tue - 30 Aug 2022

كأنه ضغط على زناد بندقيته وليس زرا أرسل به تغريدة الكترونية، تشبيه ربما يلامس حقيقة ما يشهده العراق على مدار الساعات الماضية، فبعدما أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتزاله العمل السياسي نهائيا، تأزم الموقف المعقد بالأساس، وبدأت دوامة عنف جديدة راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، وسط مخاوف من انزلاق البلاد إلى آتون فوضى وإراقة المزيد من الدماء.وخرج الصدر بإعلان مفاجئ للجميع بأنه اعتزل الشؤون السياسية، وقرر إغلاق جميع مؤسسات التيار بسبب استمرار الأزمة السياسية في البلاد، وقال في بيان على حسابه على تويتر «كنت قررت عدم التدخل في الشؤون السياسية، إلا أنني الآن أعلن الاعتزال النهائي».

وفور الإعلان عن هذا الموقف، بدأ أنصار التيار الصدري الزحف نحو المنطقة الخضراء ببغداد، التي تضم الهيئات الدبلوماسية والمقار الحكومية والسفارات، واقتحموا القصر الجمهوري.

ثمن المناورات

هذا التطور فرضت معه السلطات العراقية حظر التجوال الشامل في أنحاء البلاد، قبل أن تعود عنه ظهر أمس، إلا أنه لم يحل دون حدوث اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، ليشتعل بعدها الوضع في مناطق متفرقة وتندلع اشتباكات بين أنصار التيار الصدري ومسلحي الحشد الشعبي.

وبعيدا عن حقيقة ما ذهب إليه البعض من تحليلات رأت أن إعلان الصدر ربما يكون مناورة جديدة، قد يتراجع عنها كما فعل عندما أعلن مقاطعة الانتخابات التشريعية الأخيرة قبل أن يعدل عن قراره ويفوز تياره بنصيب الأسد فيها، يخشى كثير من العراقيين من أن تدفع البلاد ثمن المناورات والتجاذبات السياسية وأن يدخل العراق نفقا مظلما لا يستطيع أحد وقتها انتشاله منه.

الميليشيات الوقحة

وعاد الصدر أمس، بعد احتدام الأوضاع وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحي، ليطالب أتباعه بالانسحاب تماما من أمام البرلمان وإلغاء الاعتصام خلال 60 دقيقة.

وقال الصدر في مؤتمر صحفي بمنزله بالحنانة، «إن العراق بات الآن أسيرا للفساد والعنف، مشيرا إلى أن أفراد الحشد الشعبي لا علاقة لهم بما يحدث.

وأضاف «أحزنني ما يحدث الآن في العراق وأتعبني وما يجري الآن ليست ثورة؛ لأنها خرجت عن سلميتها»، مؤكدا أن الشعب العراقي المتضرر الوحيد مما يحدث الآن وأن القاتل والمقتول في النار ومن أي طرف».

وتابع «إذا لم ينسحب التيار الصدري، فأنا أتبرأ منه وأن قرار اعتزال العمل السياسي نهائي»، مؤكدا أن الميليشيات الوقحة هي من أعطت الأوامر لاندلاع القتال الحالي.

تحقيق الكاظمي

وفي هذا السياق، جاءت دعوة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الجميع إلى تحمل المسؤولية الوطنية لحفظ الدم العراقي، ووجه بفتح تحقيق عاجل بشأن أحداث المنطقة الخضراء وتحديد المقصرين ومحاسبتهم وفق القانون.

وقال مكتب الكاظمي في بيان «إن القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي وجه بمنع استخدام الرصاص وإطلاق النار على المتظاهرين من أي طرف أمني، أو عسكري، أو مسلح منعا باتا، وشدد على التزام الوزارات، والهيئات، والأجهزة الأمنية والعسكرية بالعمل وفق السياقات والصلاحيات والضوابط الممنوحة لها».

وأكد أن قواتنا الأمنية مسؤولة عن حماية المتظاهرين، وأن أي مخالفة للتعليمات الأمنية بهذا الصدد ستكون أمام المساءلة القانونية، ودعا المواطنين إلى الالتزام بالتعليمات الأمنية وقرار حظر التجوال.

ظرف عصيب

وفي غضون ذلك، قال الرئيس العراقي برهم صالح «إن الظرف العصيب الذي تمر به البلاد يستدعي من الجميع التزام التهدئة وضبط النفس ومنع التصعيد»، فيما دعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي جميع الأطراف إلى إطفاء نار الفتنة والتوصل إلى تفاهمات.

وقال الحلبوسي في بيان «إن ما آل إليه الوضع ينذر بخطر كبير، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه أو تركه يتصاعد دون تدخلٍ من العقلاء والمؤثرين من زعامات دينية وسياسية وعشائرية واجتماعية، تدفع باتجاه التهدئة وضبط النفس، وتحذر من الفوضى وإراقة دماء العراقيين الأبرياء عبر استخدام السلاح من أي طرف».

وأضاف «دعوتنا المخلصة والصادقة إلى جميع الأطراف لإطفاء نار الفتنة، والتوصل إلى تفاهمات، لحفظ وصون سيادة الوطن واستقراره، وحمايته من الانزلاق إلى تصادم يخسر فيه الجميع».

إضراب الصدر

واستشعارا فيما يبدو لخطورة الوضع، خرج الصدر وأحد أبرز خصومه السياسيين، هادي العامري رئيس تحالف الفتح، القيادي في الإطار التنسيقي، بدعوات للتهدئة ووقف العنف.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن تغريدة لرئيس الكتلة الصدرية المستقيلة من البرلمان حسن العذاري، على حسابه على «تويتر» أن زعيم التيار الصدري قرر الإضراب عن الطعام حتى يتوقف العنف واستعمال السلاح.

وفي الوقت نفسه، اعتبر العامري أن السلاح «ليس حلا» ، وقال في بيان «ندعو للتهدئة وأناشد أبنائي من كل الأطراف التوقف عن استخدام السلاح»، وأضاف «السلاح ليس حلا ولا يوجد حل بين الإخوة إلا بالحوار والتفاهم».

وتفاعل رئيس الوزراء العراقي مع الموقفين، قائلا في تغريدة على «تويتر» «أثمن دعوة الصدر إلى إيقاف العنف، كما أثمن دعوة هادي العامري، وكل المساهمين في التهدئة، ومنع المزيد من العنف».

احتكام العقلاء

وتوالت ردود الفعل الدولية المنددة بالعنف في العراق والداعية إلى الاحتكام إلى العقل، وقالت الولايات المتحدة «إن ما يجري في العراق يثير القلق، كما يضع سيادته في خطر، مشيرة إلى أن التظاهر حق لكن يجب حماية الممتلكات العراقية»، وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن واشنطن تدين استخدام العنف وتحث على أهمية الحفاظ على الهدوء.

كما عبرت مصر عن قلقها البالغ حيال التطورات التي يشهدها العراق، وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي «أتابع باهتمام الموقف الراهن بالعراق وأحزنني ما آلت إليه التطورات الحالية في هذا البلد الشقيق».

وشدد السيسي في اتصالين هاتفيين مع الكاظمي وصالح على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار العراق وسلامة شعبه، داعيا الأطراف العراقية إلى تغليب المصلحة العليا لوطنهم لتجاوز الأزمة السياسية عبر الحوار.

تحذير عربي

بالتزامن، حذرت الجامعة العربية من انزلاق الوضع في العراق إلى مزيد من العنف والفوضى وإراقة الدماء، ودعا البرلمان العربي الأطراف والقوى السياسية العراقية كافة إلى ضرورة ضبط النفس ومنع التصعيد، وإعلاء المصلحة الوطنية ووقف العنف والحفاظ على المسار السلمي للعملية السياسية.

واحتلت التطورات في العراق مساحات في الصحافة الغربية، حيث وصفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أحداث العنف بأنها «الأخطر خلال صيف اضطرابات» في العراق، مشيرة إلى الفراغ السياسي الذي تشهده البلاد في ظل عدم تشكيل حكومة على الرغم من مرور نحو 10 أشهر على الانتخابات، ووصفت الصحيفة العراق بأنه بات «أسير صراعات متصاعدة بين الفرقاء السياسيين».

وبدورها، رأت صحيفة الجارديان البريطانية أن التطورات الأحدث عمقت جراح العراق الذي يشهد شللا سياسيا وصراع نفوذ محتدما بين مصالح تقف خلفها إيران وأحزاب تدين بالولاء للعراق.

ضحايا الاشتباكات

وأفادت مصادر طبية وأمنية في العراق أمس، بارتفاع حصيلة ضحايا الاضطرابات الأمنية والاشتباكات المسلحة داخل المنطقة الخضراء الحكومية، وفي محيطها، وفي عدد من المناطق والمدن العراقية، إلى 30 قتيلا ونحو 450 مصابا.

وقال شهود عيان «إن القوات المسلحة العراقية نشرت العشرات من الدبابات في شوارع المنطقة الخضراء لمواجهة أتباع التيار الصدري في محيط المنطقة الخضراء الحكومية وسط بغداد».

وشهدت ساعات الصباح الأولى أمس اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين مسلحي التيار الصدري من جهة والقوات العراقية من جهة أخرى، حيث ينتشر مسلحو وأنصار التيار الصدري في الشوارع المحيطة بالمنطقة الخضراء، قبالة البرلمان العراقي، وأشارت قيادة العمليات المشتركة العراقية إلى سقوط أربعة صواريخ على مجمع سكني داخل المنطقة الخضراء الحكومية.

عجلات مسلحة

ورغم فرض السلطات الأمنية إجراءات حظر التجوال في بغداد والمدن العراقية الأخرى، ينتشر متظاهرو التيار الصدري في الشوارع، إضافة إلى عجلات مسلحة تحمل أسلحة ومسلحين لقوات سرايا السلام الجناح العسكري للتيار الصدري.

وشهدت مناطق متفرقة من بغداد أمس مراسم تشييع شعبية لضحايا التيار الصدري، وبحسب مصادر أمنية، أحدثت الاشتباكات المسلحة أضرارا كبيرة بعدد من الأبنية السكنية والمباني الحكومية فيما تحولت المنطقة المحيطة بالمنطقة الخضراء حيث يتجمع أنصار الصدر إلى ساحة قتال وعوارض اسمنتية.

ولم تستجب سرايا السلام إلى الدعوات التي أطلقت بضرورة التهدئة وضبط النفس وعدم الذهاب إلى مالا يحمد عقباه وتواصل استهداف عدد من مقار الحشد الشعبي والأحزاب الشيعية في بغداد وعدد من المحافظات الأخرى وقصف المنطقة الخضراء بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة ورشقات الصواريخ.

وقالت مصادر طبية عراقية إن حصيلة الضحايا والإصابات مرشحة للارتفاع نظرا لشدة الإصابات واستمرار عمليات القصف المتبادل.

ضحايا العنف في العراق:

  • 30 قتيلا

  • 450 مصابا

  • 4 صواريخ على مجمع سكني


السيناريوهات المتوقعة لأزمة العراق:

01 تصعيد أكبر يسهم في تواصل نزيف الدم بين الفصائل والميليشيات المتناحرة.

02 قبول الفرقاء للحوار ونجاح المؤثرين في إعادة مقتدى الصدر عن اعتزاله العمل السياسي.

03 الدعوة لانتخابات جديدة برقابة عربية ودولية وإقرار الجميع بالقبول بنتائجها.