سعد المطيري

أبوية المعدد وعلاقة الأبناء ببعضهم

الاثنين - 29 أغسطس 2022

Mon - 29 Aug 2022

إن التصرفات غير المسؤولة من أحد الوالدين هي المحك الحقيقي والنواة الأساسية لعلاقة الأبناء ببعضهم البعض، فالأب والأم دورهما كبير ومحوري ومهم، فلا يمكن أن تتمزق أسرة بكاملها دون تدخل سلبي من أحد الوالدين ودون ضمير غائب مع أبنائهم، ولا يمكن أن تجتمع أسرة وتترابط وأحد الوالدين يسعى جاهدا في قطع أواصرهم وتشتيت شملهم بأدوات حادة.

دعوني هنا أسلط الضوء على كثير من القضايا الناجمة عن سوء العلاقة الأبوية خصوصا (للآباء المعددين) والتي غالبا ما تنهشها أدوات تقوم بترسيخ الظلم بينهم مما يؤدي تباعا إلى توسع الفجوة بينهم، فالأبوية الظالمة قد يصل بها الحال إلى أنها تسمح للمؤثرات الخارجية بتفريق الأبناء وإثارة الكراهية وهذا أول المؤشرات لفشل العلاقة بينهم ناهيك عن إبراز أحدهم على الآخر بطرق ملتوية ماديا كانت أو معنويا فيها من صور الظلم ما يدمي القلب ويكوي الفؤاد، وإعطاء أحدهم دون الآخر وسماع شكوى أحدهم دون الآخر ومواساة أحدهم دون الآخر ونصرة أحدهم دون الآخر وتكريم أحدهم دون الآخر، فالأب مستأمن على علاقة أبنائه بينهم البين.

وما يحصل من قصص الظلم للمعددين بين أبنائهم هو نذير شؤم للعائلة برمتها وسبب من أسباب وقوع العقوبة في الدنيا؛ لأن الظلم هو من أعجل الذنوب بالعقوبة، وينبغي أن يعلم كل أب أن الله حرم الظلم على نفسه، وجعله محرما بين عباده، وطاعة الابن لأبيه ليست مسوغا للأب في ظلم ابنه، فكثير من الآباء -للأسف- يخلط بين حق الطاعة من الأبناء، وبين استمرائهم للظلم وإيقاع الأذى النفسي والمادي بهم، فالظلم حرام من الوالد والولد.

والرد على هذا الظلم لا ينبغي أن يصل إلى الإساءة للوالد، أو انتقاص المكانة التي جعلها الله له، ولكن كما أن للابن ألا يكون عاقا بوالده أيضا الأب عليه ألا يعاق ولده وذلك بإعطائه كامل حقوقه الشخصية من عدل وكرامة وتقدير ومساواة بصورة عادلة بينه وبين إخوته، ونصرته عند وقوع الظلم عليه والوقوف معه عند الإساءة له، ومراعاة الله بين الأبناء، فللأسف بعض الآباء المعددين يرسخون مبادئ الكره ويحرضون بعض الأبناء على بعضهم البعض، وكم من شتيمة غاصت في أعماق هذا الابن كانت نتيجتها إطالة المسافة بينه وبين إخوانه.. هذا والله من الإجحاف والظلم المؤدي للقطيعة، فالأعمار بيد الله والبقاء في الغالب للأبناء وكما أن الظلم ظلمات يوم القيامة فإنه ظلمات بين الأخ وأخيه يزيده سوادا مع الأيام وكلاحة عند اللقاء بينهم.