محي عبدالله القرني

إدارات التعليم وقروبات الواتس اب

الاثنين - 29 أغسطس 2022

Mon - 29 Aug 2022

في هذه اللحظة التي تتساقط فيها الثواني من عمر الزمن ويجلد القلم الذهن بسياط شحذ المعرفة لاستمطار الأفكار عنوة، هناك أشخاص في عالم آخر منهمكون بفتح مئات بل آلاف من قروبات الواتس اب استعدادا للعام الدراسي الجديد.

إدارات التعليم ومكاتبها ورؤساء أقسامها والمشرفون ومديرو المدارس والمعلمون وقروبات خاصة بأولياء الأمور وأخرى بالنقل المدرسي والأمن والسلامة وهكذا، وكل قروب يتمخض عنه قروبات أخرى لا تعد ولا تحصى، حيث يجد الموظف نفسه داخل زنزانة خمس إلى عشر قروبات فأكثر، ويعمل المرشد الأعلى للقروب جاهدا بتعيين مشرفين حسب اللون الذي ينتمي إليه وفق نظام ديسا (DISA) للأنماط الأربعة التي تحدد السلوك البشري.

وما أن يتم أسرك بين هذه الجدران الافتراضية إلا وتنهمر عليك وابل من الرسائل والتعاميم والتوجيهات الاجتهادية والزيارات المجدولة وغير المجدولة والتوبيخات على الخاص إذا كان هناك بقايا احترام أو على العام لتكون عبرة لمن لم يعتبر، فتجد نفسك تجاوزت الحد الأعلى لساعات العمل المخصصة للموظف، بل تصل إلى 24 ساعة يوميا، تصحو على ومضات الشاشة وتنام على نغمات الاقتراحات وتؤدي عملك الميداني وزئير الجوال يكاد يفقدك صوابك.

برامج تطوير الذات في قسم التدريب تنادي باحترام الوقت وحسن إدارة آلة الزمن وتحفيز العاملين ومعالجة ضغوطات العمل وخلق بيئة مثالية داخل الميدان، وما أن ينتهي البرنامج إلا وقع المحاضر في شراك رفع ضغط الموظف مباركا لفكرة إشغال وقت فراغه حتى ولو على حساب ترفيه ومتطلبات عائلته، ويعد ذلك عاملا مهما لزيادة الإنتاجية بالمراسلات الدائمة وغير الموقتة عبر قنوات التواصل الحديثة.

لا أتحدث عن الازدواجية، فهي تعتبر غريزة ضاربة بجذورها في أعماق النقص البشري ولا ألفت النظر إلى المثالية كوننا ذرة في مجرة وجزء من كل، وما يحدث ليس عنا ببعيد.

ولكن نعلم بأن الواتس اب ووسائل التواصل الأخرى ليست قنوات رسمية في إرسال المعاملات والتعاميم، ويعد ذلك مخالفة تستوجب عقوبات نصت عليها الأنظمة للحفاظ على أمن المعلومات، وفي المقابل الآمن هناك وسائل معتمدة هي الأولى بتفعيلها واستخدامها كجسر وصل آمن أكثر هدوءا واحتراما للوقت والإنسان.

هنا وضعنا النقطة تحت العدسة والحدث تحت المجهر لعل الوزارة تجد لهذا الطوفان حدا، ولهذه الفوضى نهاية، أو تقننها في إطار صحي يتوافق مع ساعات العمل الرسمية وما بعد ذلك للضرورة القصوى.