فارس محمد عمر

النتائج للطوفان

الاحد - 21 أغسطس 2016

Sun - 21 Aug 2016

بدأ صيادا، اجتهد وانتهز الفرص حتى أنشأ تجارة يديرها بخبرته، فنجح وأثرى. ثم بدا له أن ينوع استثماره ويبرز. بنى مصنعا للطائرات بهر الناس وجذب العاملين والمتدربين، ورأس إدارته بعلمائه وخبرائه. لم يمض زمن حتى احتار الرجل، خسر ماله وعافيته، استنفر واستنجد، وظف وفصل، قرر وألغى، واشتكى العاملون وتمنوا لو عاد الرجل سيرته الأولى وتركهم.



المقتدر حين يبني تجارته التي خبرها وعرف أسرارها، يفلح في تصريف أمورها. فإذا التفت يدير عملا غريبا عليه، ويزداد حماسه كلما تعثر، ويشتد إصراره كلما خسر، سقط في دوامة فلا هو في عمله الأصلي ولا في الجديد الذي لا يلم به إلا إلمام عابر سبيل ويخوض فيما لا يعرف.



الثري الذي يستثمر فيما يجهل لغته وفنونه وأبعاده ويبذل في غير خبرته، إن لم يترك الأمر للمتخصصين العارفين، تعب وأتعب العاملين والمستهدفين. نجاحه فيما بدأه بميوله وبخبرته، وما يكسبه من مال وجاه وصيت يوهمه، في غياب التوجيه والوعي، بالقدرة على تصدر إدارة أي مجال في الحياة ضخامة رأس المال وتنوع مصادره يغطي العيوب زمنا، ثم تظهر خيبة الحماس والظن، وينكشف المقصود وهو كسب المال والسمعة، والنتائج للطوفان.



المجتمع يرحب بمال المستثمر للفائدة المتعددة لأفراده ومؤسساته، شريطة أن يباشر كل فن المتخصصون فيه، فتمتنع الخسارة في الثقة والكفاءة والوقت والإنتاج، التي تحصل بإدارة وتدخل رجل -أو أكثر- لا يفقه فيها شيئا، تصل سذاجته أن يمدح ما يديره ويملكه والواقع يشهد بفساده وتخبطه وإساءته لنفسه ومن حوله، يظن نفسه مدبرا ويرى انشغاله إضافة وإبداعا وهو في واقعه انشغال في ترقيع بالمال والشفاعات والتدليس، وتشبث غافل في مهزلة مؤلمة. ما سبق واقع مجرب مرارا مع الأسف.