رينا أميري لـ مكة :طالبان حولت الأفغانيات إلى سجينات

قاضيات وعضوات برلمان جلسن في بيوتهن وأصبحن تحت التهديد الفتيات أمام خيارين.. القتال أو الهروب والتخلي عن كل المكاسب التعليم والعمل والحربة.. 3 كلمات تشكل الحلم المشترك لكل النساء من سوء حظنا أن القمع سيستمر على المدى القصير والمتوسط نطالب بتوفير الملاجئ للنساء والمدافعين عن حقوق الإنسان
قاضيات وعضوات برلمان جلسن في بيوتهن وأصبحن تحت التهديد الفتيات أمام خيارين.. القتال أو الهروب والتخلي عن كل المكاسب التعليم والعمل والحربة.. 3 كلمات تشكل الحلم المشترك لكل النساء من سوء حظنا أن القمع سيستمر على المدى القصير والمتوسط نطالب بتوفير الملاجئ للنساء والمدافعين عن حقوق الإنسان

الأحد - 28 أغسطس 2022

Sun - 28 Aug 2022

فجأة تحولت المرأة في أفغانستان من قاضية وبرلمانية ووزيرة ومسؤولة إلى سجينة داخل منزلها، ممنوعة من الوظائف والتعليم والحركة، بل وممنوعة من الكلام!

هذا ما قالته الأفغانية رينا أميري، المبعوث الخاص بالولايات المتحدة الأمريكية للفتيات والنساء وحقوق الإنسان في أفغانستان، خلال حوار لا تنقصه الصراحة.

تحدثت لـ«مكة» خلال زيارتها إلى السعودية، عن الحقوق الضائعة للمرأة الأفغانية، عن الصدمة التي تعرضت لها وهي طفلة، التحديات التي واجهتها في مشوار مملوء بالأشواك والألغام، الصعوبات التي تواجه النساء في وطنها للحصول على أبسط حقوقهن من التعليم والعمل والحرية.

ظهرت أميري متحمسة ومليئة بالشغف وهي تكشف الوجه الحقيقي للمرأة الأفغانية، وقصة الظلم الذي تتعرض له الآلاف منهن بشكل يومي، داعية إلى تدخل عالمي لإنهاء الحصار الذي تواجهه الأفغانيات.

طفلة مصدومة

كيف بدأ اهتمامك بمجال الدفاع عن الحقوق والحريات؟

ـ قضيت حياتي بأكملها في رؤية أشخاص يجردون من حقوقهم في بلدي أفغانستان، بسبب الاضطرابات السياسية، وأتذكر أنني كطفلة كنت مصدومة بذلك، ولم أفهم كيف يمكن لآراء الأشخاص السياسية أن تفقد الأشخاص منازلهم ومستقبلهم، شعرت بالظلم الشديد، وأعتقد أن تلك البذرة قد غرست في داخلي مبكرا، فيما يتعلق بالشعور بالظلم.

رأيت أشخاصا أعرفهم وأحبهم يصبحون فجأة بلا مأوى ويواجهون التهديدات، ومع تقدمي في العمر رأيت ذلك في أجزاء عديدة من العالم؛ لذا كان السؤال بالنسبة لي حول ما سأفعله، هل كنت سأحاول التعامل مع الموقف من موقعي كطبيبة أو سياسية أو كناشطة أو كأكاديمية؟ خلال حياتي انتقلت من كوني مؤسسة فكرية إلى ناشطة ثم صانعة سياسات، لأعكس صوت أولئك الذين حرموا من حقوقهم.

دولة بلا نساء

وما أبرز التحديات التي واجهتك في بلد تعاني فيه المرأة كثيرا مثل أفغانستان؟

ـ الكثيرون لا يعرفون أفغانستان، يستنتجون أن للأمر علاقة بالثقافة وأن عدم امتلاكهم للحقوق جزء من ثقافتهم، وذلك ليس صحيحا؛ لأنه إن نظرت عبر تاريخ أفغانستان، ستجدهم صارعوا للحصول على حقوقهم، ومن ضمنهم النساء الأفغانيات.

وبالعودة إلى بداية القرن العشرين، كان هناك جهد داخلي لتحقيق إطار في الحقوق. وهناك آخرون ممن يقولون إن الأمر متعلق بالدين وبالإسلام، الأمر ليس كذلك!

وثالث جدال يواجهني هو أن الأمر لا يحمل أهمية كبيرة، وأن القضية الأكثر أهمية هي الأمن، أو توفير الغذاء، لكنها جميعا متصلة، إن تم تجريد الفتيات والنساء من حقوقهن في التعليم والعمل سيقود ذلك إلى دولة لا تملك القدرة لإعالة نفسها اقتصاديا، لا يمكنك أن تخرج نصف السكان من القوة العاملة في دولة تعاني الفقر الشديد، الدولة التي تتجرد من نسائها وفتياتها ستصبح دولة راديكالية ومتطرفة.

طالبان والنساء

إذن أنتِ ترين أن المحافظة على حقوق النساء يسهم في تحقيق التنمية.. كيف ذلك؟

ـ طالبان أخرجت النساء من قوى العمل وتسببت بالفعل بخسائر تقدر بـ1.5 مليار دولار على الأقل، وعلى المدى الطويل، ستتسبب بخسارة 26% من إنتاج أفغانستان المحتمل.

على العكس، في حال قامت بتمكين الفتيات من الحصول على التعليم ليصبحن جزءا من قوى العمل، وتمكينهن من العمل، فستكون تلك دولة تخطو نحو مستقبل مستدام. وسيحصل أطفالهن على إمكانات أكبر في كونهم الجيل المتعلم القادم.

أعتقد أن البيانات مقنعة للغاية من وجهة نظر الاستقرار كذلك، ترتفع احتمالية استمرار السلام عندما يتم إشراك النساء في العملية لأكثر من 30%. وهناك أدلة تحليلية وقواعد بيانات من أنحاء العالم تدعم هذه الحقائق باعتبارها حقائق لا يمكن دحضها.

سجينات أفغانيات

ما الحقوق التي تبحث عنها الأفغانيات.. وما مدى تأثير طالبان على حريتهن؟

ـ أعتقد بأن النساء والرجال الأفغان قالوا ذلك بأفضل طريقة، فمنذ بضعة أسابيع ساروا حاملين لافتات تحمل ثلاث كلمات: (التعليم، العمل، والحرية)، وما يقصدونه بالحرية هي الحرية في اتخاذ اختيارات مسؤولة لعائلاتهم وأنفسهم.

المرأة كانت موجودة على كل مستويات الحكومة في أفغانستان، وجميع قطاعات القوة العاملة، كانت المناصب التي تقلدتها النساء والفتيات هي أعظم أمل ظهر خلال العقدين الماضيين، فقد فتحوا بذلك الأبواب لأنفسهم وكذلك للأقليات العرقية والدينية وللمستضعفين وذوي الإعاقة، لكن منذ اليوم الأول لسيطرة طالبان عسكريا، جردوا الدولة من حقوقها. جردوا الفتيات والنساء من حقوقهن. نساء أفغانستان انتقلن من كونهن سفيرات سلام وحيوية اقتصادية للدولة، إلى كونهن سجينات في منازلهن.

نساء كن قاضيات وعضوات برلمان وجدن أنفسهن تحت التهديد ومجبرات على اتخاذ القرار بالبقاء والقتال، وإمكانية خسارة جميع حقوقهن – أو الهرب والتخلي عن كل شيء وخسارة منازلهن واليقين الاقتصادي المستقبلي، ليصلن إلى دولة ثالثة، حيث لا يمتلكن اليقين. ذلك ما حدث لقادة أفغانستان وألمع عقولها، من بداخل الدولة وكذلك المشتتون في أرجاء العالم بلا مستقبل أكيد أو حياة.

نحن مقيدون

نريد استيضاحا أكبر.. ماذا تفعل طالبان؟

ـ كما تتحمل النساء والأطفال العبء الأكبر في الحرب، النساء والأطفال هم الأشخاص الأكثر ضعفا وهم من يعاني بشكل أكبر. نحن مقيدون من القيام بأي شيء، لأن تصرفات طالبان أدت إلى فرض عقوبات، وهم لا يتخذون أي إجراءات في الاتجاه الصحيح لفعل أي شيء فيما يخص العقوبات.

على الصعيد الإنساني، تعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مساهم في العالم من حيث المساعدات الإنسانية لأفغانستان. بالإضافة إلى ذلك، هناك سبعة تراخيص عامة تم وضعها للتأكد من توصيل المساعدات داخل أفغانستان.

وهناك الكثير من التفكير حاليا حول كيفية الانتقال من المساعدات الإنسانية الى الإنمائية دون مرورها عبر طالبان. أعتقد أن هنالك إجماعا في المجتمع الدولي بأنه علينا مساعدة الأفغان ولكن دون السماح لطالبان بتولي هذه المساعدة.

سوء حظ

ما خطتكم للحد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تتعرض لها الأفغانيات؟

ـ أشعر بأن فقدان الأمل ليست رفاهية يمكن لأي منا أن يتحملها، ولكننا نحتاج إلى أن نكون واقعيين. لسوء الحظ فإن خوفي وتقديري هو أن الأمور ستستمر في الصعوبة بسبب مجموعة الخيارات التي تتخذها طالبان، على المدى القصير والمتوسط.

يجب أن تسترشد رؤيتنا بالمدى الطويل، فعلينا العمل معا على تمكين الأفغان من الدفاع عن حقوقهم بأنفسهم. ويعني ذلك تحديد كيفية دعم النساء والمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان.

نحن بحاجة إلى توفير الملاجئ للنساء والمدافعين عن حقوق الإنسان حيثما اقتضت الحاجة لحماية هؤلاء السكان، وعلينا اتخاذ التدابير وفعل ما في وسعنا لإبعاد السكان عن التهديدات الشديدة وحمايتهم منها عندما يتعرضون لها.

وعلى المستوى الدبلوماسي، نحتاج إلى الاستمرار في الضغط على طالبان بأكبر قدر ممكن لاحترام حقوق السكان.