محمد العقلا

حسن المنطق

الاحد - 21 أغسطس 2016

Sun - 21 Aug 2016

‏يتميز البعض من البشر بحسن اختيار الكلمات والألفاظ والعبارات التي تؤدي الغرض وتشرح وتصل بالفكرة إلى المتلقي لها، ‏وتؤثر به تأثيرا إيجابيا كبيرا، وقد أشار الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى ذلك بقوله “إن من البيان لسحرا”.



وقد شاهدنا في تاريخنا الحديث والمعاصر نخبة من هؤلاء المؤثرين، سواء كانوا مسؤولين أو دعاة، كان لهم أثرهم وتأثيرهم، ومن هؤلاء المؤثرين معالي الدكتور غازي القصيبي، وزير العمل السابق، رحمه الله، الذي كان يجيد هذا الفن، واستطاع أن يلفت الانتباه إليه، ‏سواء بأفعاله ‏أو بمواقفه أو بأقواله، والمقال ينصب في المقام الأول على الأقوال.



ومن كلماته الهادفة والمؤثرة دفاعه عن الشباب السعودي في لقاء له مع رجال الأعمال، حيث وجه حديثه لهم قائلا فيما معناه “الذي ‏يعجب الشباب السعودي من القطاع العام: الأمان في الوظيفة، والراتب، والأيام وساعات العمل المعقولة.



وأضاف، رحمه الله، قائلا: هل أحد منكم ‏جرب ونادى الموظف الذي يعمل لديه وأوضح له حقوقه المماثلة لحقوق الموظف الذي يعمل في القطاع الحكومي؟ فإنه من المؤكد لا يمكن أن يترك العمل في القطاع الخاص، وأشار إلى أن الشباب الذين اتجهوا للعمل في أرامكو، وسابك، وشركة الكهرباء، وأيضا البنوك والمصارف، لم يعملوا في هذه الشركات والمؤسسات لأنها قطاع خاص، بل كان منطلقهم في العمل هو المساواة في الحقوق والواجبات.



وأشار، رحمه الله، إلى أن ‏الفوارق بين القطاعين العام والخاص لا توجد إلا في الدول المتخلفة ‏صناعيا. وناشد الدكتور غازي رجال الأعمال ألا يفقدوا الثقة في الشباب السعودي، وقال إنه يرى من بعيد الشمس، ويرى من دونها الضباب والغيوم، وطالبهم بعدم التركيز ‏على الضباب والغيوم، لأنها سوف تنقشع وسوف تشرق الشمس. وأضاف قائلا: يجب أن يكون ‏لدينا إيمان بالله، سبحانه وتعالى، ثم الثقة بأنفسنا وبشبابنا. لا تنسوا ‏أننا من مهبط الرسالة، التي انطلق منها الآلاف ونشروا الحضارة الإسلامية، في ثلاثة أرباع العالم، ونحن أحفادهم، هذه ‏الجذوة لم تمت، وأرجو ألا ينسى أحد منكم هذا الإرث التاريخي”. انتهى كلامه، رحمه الله.



وفي المقابل نجد أن البعض من المسؤولين يفتقدون لحسن المنطق، وهذا الافتقاد لا يعني التقليل من جهودهم ونجاحهم في أعمالهم، ولكنهم يفتقدون إلى حسن التعبير عن آرائهم، كما حدث من قبل أحد أعضاء مجلس الشورى، بانتقاده للمتقاعدين ومطالبته إياهم بالبحث عن فرص عمل في القطاع الخاص، ‏في حين كان الأولى بسعادته أن يطالب بالعمل على تقديم خدمات مماثلة لتلك الخدمات التي تقدمها الدول المتقدمة للمتقاعدين؛ تقديرا لجهودهم وإسهاماتهم الكبيرة في البناء والتنمية، وعدم تجاهلهم ‏بعد التقاعد.



وللأسف لم يكتف بذلك، بل واصل انتقاده وهجومه على المواطنين عموما، أثناء مداخلة مع إحدى القنوات الفضائية، بعبارة كانت قمة في الاستفزاز لمشاعر جميع من شاهدها ‏أو استمع إليها بقوله “مواطن مين هذا وبطيخ مين”، فهل يعقل أو يقبل منه هذا القول، ففي الوقت الذي كان الجميع ينتظر منه التراجع والاعتذار، فاجأهم بهذه العبارة التي جعلتني ‏أتذكر الفقيد الراحل الدكتور غازي القصيبي، رحمه الله، وأعقد المقارنة وأقول شتان بين منطق ومنطق.

[email protected]