عبدالكريم محمد العمري

أوكرانيا، تايوان.. التشابه والاختلاف

السبت - 27 أغسطس 2022

Sat - 27 Aug 2022

في نهاية فبراير من هذا العام دقت روسيا الاتحادية طبول الحرب وتقدمت جحافل القوات الروسية إلى داخل الأراضي الأوكرانية بحجة وقف تمدد الناتو باتجاه الشرق والقضاء على ما أسماهم الرئيس الروسي بوتين «النازيون الجدد».

بدأت دول أوروبا الحلفاء للولايات المتحدة الأمريكية بدعم أوكرانيا تارة والتواصل مع موسكو للتوصل إلى حل للأزمة تارة أخرى. لا شك أن هذا الحدث هز كيان الدول الأوروبية على رأسهم حلف شمال الأطلسي «الناتو» ولا نجد قوات أمريكية على أراضي أوكرانيا فهي ليست عضوا في حلف الناتو.

ولكنهم موجودون في بولندا على حدود أوكرانيا وكذلك في دول البلطيق المتاخمة للحدود الروسية المنضمين لحلف الناتو، ولا زالت الحرب تدور رحاها في شهرها السادس.

السؤال هو ما هو مصير تايوان في حال قامت الصين بضمها، هل ستتدخل الولايات المتحدة عسكريا كما قال الرئيس الأمريكي بايدن بإجابته على سؤال صحفي في زيارته الأخيرة لمنطقة جنوب شرق آسيا؟

لكي نفهم الأمر أكثر، الولايات المتحدة هي الدولة المهيمنة في النظام الدولي، ويقول منظر العلاقات الدولية الشهير جون ميرشايمر «هناك هدفان لتصبح دولة مهيمنة أو في حالة أمريكا لتبقى دولة مهيمنة ‏وهي، أولا أن تسيطر على إقليمك من العالم،‏ ثانيا أن تمنع الآخرين من فعل الأمر ذاته لأنهم إن فعلوا سوف يشكلون تهديدا ويصلون إليك»، فالبتالي الصين إذا كانت تريد أن تحقق أقصى مراحل الأمن والاستقرار يجب أن تهيمن على إقليمها (منطقة جنوب شرق آسيا)، وأجزاء من المحيطين الهندي والهادئ المهيمن عليها من قبل الولايات المتحدة.

في نظري الولايات المتحدة لن تسمح بذلك فتلك منطقة بها دول صغيرة غنية مهمة لأسواق الاقتصاد الأمريكي (كوريا الجنوبية، اليابان) ومضائق بحرية يمر بها 70% من التجارة العالمية فلو أصبحت الصين مهيمنة في تلك المنطقة ومنطقة المحيط الهادئ ستشعر الولايات المتحدة الأمريكية بالخطر وستضطر لدخول حرب كما حصل مع اليابان في الحرب العالمية الثانية عندما هيمنت اليابان على إقليمها فقد قامت الولايات المتحدة بقطع البترول والمواد الأولية للصناعة توجسا من اليابان ومحاولة احتوائها قبل هجوم بيرل هاربر.

حالة أمريكا مع الصين ليست كحالة أمريكا مع روسيا؛ فروسيا شبه محاصرة من قبل دول الناتو، مضائق البوسفور والدردنيل متنفس روسيا على العالم من البحر الأسود تقع ضمن حدود تركيا عضوة الناتو، وبولندا تشكل منطقة عازلة تجاه أوروبا الغربية وفرنسا وبريطانيا أعضاء الناتو وحلفاء الولايات المتحدة دول نووية من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وأوكرانيا بحد ذاتها لا تشكل أهمية استراتيجية للولايات المتحدة، بعكس الأمر مع منطقة جنوب شرق آسيا؛ فحلفاؤها أضعف عسكريا بدرجة كبيرة مقارنة بالصين وتشكل المنطقة أهمية استراتيجية قصوى للولايات المتحدة الأمريكية.

ختاما أعلنت الولايات المتحدة في عام 2021 عن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي وكانت بكين الأولوية رقم واحد فيها كما قد وصفت بالخطر المحدق بدرجة أعلى من موسكو، وفي العام نفسه قام اتفاق أوكوس الموقع بين أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة الذي تعتبره الصين تهديدا صريحا لها، ناهيك عن الانتشار العسكري الأمريكي الكثيف في جزر المحيط الهادئ، كل هذه المقومات هي خطوات من الولايات المتحدة لتفعيل سياسة الاحتواء تجاه الصين، فهل ستنجح في ذلك؟ لا أحد يعلم، المستقبل فقط هو ما سيوضح لنا الأمور.