محمد الباز

«مصائب قوم عند قوم فوائد».. فرص الشركات بعد ارتفاع الدولار

الأربعاء - 24 أغسطس 2022

Wed - 24 Aug 2022

المرونة في مواجهة الأزمات الاقتصادية تعد واحدة من أهم العوامل التي تساعد الشركات ليس فقط على تخطي تلك الأزمات، ولكن أيضا على اقتناص الفرص وتحقيق المكاسب، والمقصود بالمرونة هنا هو تكيف الشركات مع الوضع الاقتصادي في السوق، وتطوير نموذج عملها business model ليلائم التغيرات التي تطرأ عليه.

وما يحدث الآن بعد وصول سعر الدولار إلى 19 جنيها عند الشراء، مقابل 19.1 جنيها عند البيع، يشبه إلى حد كبير ما حدث في 3 نوفمبر 2016، عندما أعلن البنك المركزي المصري عن تحرير سعر صرف الجنيه، وتسعيره وفقا لسياسة العرض والطلب، ليصل حينها أعلى سعر للدولار عند الشراء إلى 14.50، وما بين الماضي والحاضر، هنالك اثنان من الدروس المشابهة التي يمكن للشركات الاستفادة منها في التعامل مع الأزمة الحالية وتحقيق المكاسب:

أولا: ارتفاع الدولار = ميزة تنافسية للمنتجات المحلية:

أدى تعويم الجنيه في عام 2016 إلى تضاعف أسعار بعض المنتجات المستوردة بشكل أخرجها من دائرة المنافسة داخل الشريحة المستهدفة، ورغم أن تلك القرارات كانت وبالا على هذه الصناعات إلا أنها مثلت فرصا واعدة للربح بالنسبة لشركات أخرى أو كما يقول المثل الشعبي «مصائب قوم عند قوم فوائد».

فقد تمكنت الشركات التي تعتمد على خامات ومستلزمات تصنيع محلية من تسعير منتجاتها بسعر أقل من نظيراتها التي تعتمد على الخامات المستوردة؛ وهذا أعطاها ميزة تنافسية Competitive advantage على مستوى السعر، ومكنها من اقتطاع شريحة أكبر من السوق.

هذا المشهد يعيد نفسه في الوقت الحالي؛ ففي ظل ارتفاع سعر الدولار التي انعكست على أسعار المنتجات التي تعتمد على الخامات المستوردة اتخذت بعض الصناعات المحلية نهجا واضحا لخفض أسعارها نسبيا أو على الأقل تثبيتها مقابل المنتجات التي تعتمد على خامات أولية مستوردة.

وقد ظهر ذلك بوضوح عندما قررت شركة «ماكدونالدز» إعادة تسعير منتجاتها مؤخرا؛ حيث قامت العديد من الشركات المنافسة مثل «Willy’s Kitchen» بعمل حملات إعلانية «Competitive Advertising» للتأكيد على ميزة السعر المنخفض؛ بهدف اقتطاع جزء من شريحة «ماك» في السوق.

ثانيا: ارتفاع الدولار فرصة لظهور منتجات بديلة:

بعد قرارات التعويم في عام 2016 تمكنت بعض الشركات من توفير بدائل كلية لبعض المنتجات المستوردة التي خرجت من المنافسة؛ كي تستحوذ على حصص تلك الشركات من السوق market share، وذلك بفضل المرونة والقدرة على التكيف واقتناص الفرص.

ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك، عندما قامت شركة «فيريرو» الإيطالية المالكة للنوتيلا برفع سعر منتجها من 70 جنيها إلى 130، في عام 2016 استغلت شركة «فيتراك» الأزمة وطرحت منتج «فيتراك كريمة بالبندق والكاكاو» بسعر 45 جنيها ليكون بديلا للنوتيلا، وتمكنت من الاستحواذ على شريحة كبيرة من الطبقة المتوسطة والتي تعتبر المستهلك الرئيسي لهذا المنتج.

بالتالي يمكن القول إنه في الوقت الحالي إذا تمكنت الشركات من توفير منتجات بديلة بنفس جودة المنتجات الأجنبية أو تقاربها في الجودة سوف تتمكن من السيطرة على السوق بسهولة.

وقد بدأت بعض الشركات بالفعل في سلك هذا الاتجاه حيث قام مطعم «زاكس» المتخصص في وجبات الدجاج بتقديم سندويتش بديل لسندوتش «ماك تشيكن» بنفس المكونات تقريبا، ولكن بسعر أقل بفارق 17 جنيها، ولقى ذلك رواجا كبيرا بين الناس.

في النهاية البعض ينظر إلى ارتفاع سعر الدولار على أنه عائق كبير نظرا لارتفاع أسعار الخامات المستوردة؛ وبالتالي ارتفاع تكاليف الإنتاج وفي نفس الوقت انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين، لكن هناك أوجه أخرى لهذا الارتفاع ربما تمثل فرصا بالنسبة للشركات في السوق المحلي، فقط عليك قراءة السوق قراءة جيدة، وتطوير نموذج عملك لاستيعاب هذه الفرص، وسوف تحقق نتائج ربما لم تتوقعها من قبل.