محمد مساعد المالكي

ذكرى على "الأطلال" في رحيل طلال

الأربعاء - 17 أغسطس 2022

Wed - 17 Aug 2022

في الذكرى الثانية والعشرين من رحيل طلال مداح الهرم الفني الكبير. والذي ما زالت تجربته ومدرسته الفنية تتجاوز كل بعيد، بل ويمكن القول بأنها لم تستوعب بما فيه الكفاية من معاصريه ومن الجيل الحالي من الممارسين والمهتمين على حد سواء. لذلك فإني أجدها من أفضل المناسبات لتثمين بعض ما قدمه هذا الهرم العملاق. وفرصة للتمعن المستفيض والاستغراق في قيثارة الشرق، ومحاولة لاستشراف الحدود "ما بعد" المستقبلية لهذه الظاهرة الفريدة.

لم يكن كبقية أبناء جيله! وذلك لأن الأقدار لم تشأ له معانقة والدته التي أعلن عن رحيلها بمجرد ميلاده.

فقد خرج إلى دنيانا يتيما محروما من عطف الأب، فاقدا لدفء حنان الأم، والسلام الروحي تحت جناحهما معا.

فرسم عالمه الخاص في أعماق ذاكرته، ليهرب من قسوة الحياة وفقدان الحنان لعالم حدد ملامحه ورسم حدوده، وأقسم بأن يملأه بهجة وسعادة على الرغم مما يعانيه من شظف وحرمان في الواقع المعاش.

ذلك الفتى الأسمر تميز بكاريزما خاصة، وقلب طفولي مملوء بمحبة الجميع. إذا نظرت في (عينيه) قرأت على الفور ما يجول في داخله!

ولو أمعنت النظر في (ملامحه) لعجزت أن تفيها ما تستحق من الوصف؟

فهي تحمل بين طياتها ملامح (الإنسانية) ونقاء (المحبة) واستفاضة (العطف) وإعجاز (الموهبة) في تمازج "قل" أن يكون له نظير.

إذا هو (الإنسان) و(الفنان) و(المطرب) و(الملحن) و(العازف) و(الموسيقار) باختصار هو: -صوت الأرض- هو "طلال مداح".

هو أحد الذين أعادوا صياغة الفن وجعلوا مشوار الفنانين من بعدهم صعبا جدا. لقد أصبح طلال "رحمه الله" أستاذا ملهما لكل من شغف بالفن، فيصبح ذلك "الشغوف" تلميذا يتعلم من (ملهمات) القيثارة التي لن تتكرر على المدى الأبعد.

من ألقابه: صوت الأرض - قيثارة الشرق - زرياب. ألقاب عديدة حصدها هذا العملاق بفنه وإنسانيته وبساطته. ويبقى اسم "طلا مداح" نقطة الوصل لكل ما سلف.

إن ولادة الأغنية الخليجية على وجه العموم، والسعودية على وجه الخصوص رهينة بماضيها، وحاضرها لتلك المدرسة الطلالية التي أسس صرحها هذا العملاق. لذلك فإن من أهم ما يمكن الحديث عنه وتسليط الأضواء عليه في ذكرى رحيل هذا العملاق، هو وجود اللون (الموسيقي الطربي) و(الأداء اللحظي) الذي ميز "المدرسة الطلالية".

صوت الأرض "طلال مداح" كان حالة خاصة لن تتكرر في عالم الفن. كان يتوهج على خشبة المسرح فيتجسد (الفن الحقيقي) في (براعة) و(دقة) و(عذوبة) منساقة! وجهه الأسمر وموهبته الطاغية وإنسانيته جعلت منه رمزا وطنيا على مر الأجيال. ناهيك عن أدائه الفني المتميز و(خوالده) الفريدة التي جعلت منه أحد أساطير عالم الفن.

وما زالت (مخلداته) الوطنية والطربية تصدح بها الحناجر وتنساب عبر الأرواح، ويتغنى بها الملايين إلى وقتنا الحاضر وما بعد الحاضر.

وصلة أخيرة: الأسطورة الراحل طلال مداح.. الإنسان بكل ما تعنيه هذه الكلمة، عاش ومات وثروته هي "حب الناس الصادق" النابع من القلب إلى القلب.

هنيئا لك يا طلال على ثروتك الخالدة ورحمك الله وغفر لك وجمعنا بك في نعيم الجنان.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال