محمد النفاعي

فك التشفير للتواصل مع حضرة المدير

الثلاثاء - 16 أغسطس 2022

Tue - 16 Aug 2022

في بيئة العمل وخاصة في المؤسسات الكبرى يتم تدوير مدراء الطبقة المتوسطة والدنيا أكثر من غيرهم كجزء من تطوير الموارد البشرية داخل المنظومة. أسباب هذا التطوير إما أن تكون عن طريق تعيين مدراء جدد أو تدوير المدراء، أو تكليف مدراء بالوكالة من باب التجربة والترقي الوظيفي خلال مواسم الإجازات السنوية.

لذلك كونك موظفا فأنت تحتاج إلى مهارات وخبرات معينة وتقنيات للتعامل مع هذه الديناميكية في هذا المنصب داخل المجتمع الوظيفي للتعايش الأمثل معه، أو للخروج بأقل الخسائر إن لم تستطع الحصول على مكتسبات مهنية. هنا يجب تدرك أن رئيسك هو موظف مثلك تماما في نهاية الأمر يحمل على عاتقه حاجاته ورغباته، طموحاته الخاصة، لحظاته الجيدة والصعبة، والأهم من ذلك كله جميعها تعتبر تحديات أكبر من التي لديك، لذلك من المحبذ أن تكون مراعيا لهذا للشعور وتعمل بجهد أكبر معه للوصول إلى النجاح المطلوب للمؤسسة كلها بمعرفة كيف تفك شفرة إدارة مديرك وهو ما يعرف بـ «Managing upward».

فك شفرة إدارة رئيسك نستهدف بها كيف تصبح رفيقا وشريكا داعما لرئيسك المباشر على الرغم من الاختلاف الشخصي في النهج الفكري أو العاطفي في طريقة الإدارة والتنفيذ أو حتى في فلسفة تحقيق النتائج القريبة والاستراتيجيات البعيدة. التركيز على «كيف تدير رئيسك» يساعدك على تحقيق نموك الوظيفي وتأمين أهدافك الشخصية في عملك من خلال مدرائك، بدون التأثير سلبيا على قيمك ومبادئك، وبدون الإخلال بعلاقاتك مع زملائك وما حولك في بيئة عمل والتي تشمل أيضا أهداف المؤسسة القريبة واستراتيجيتها طويلة المدى وكذلك قيم المؤسسة العليا.

هناك دراسات كثيرة أثبتت أن الموظفين لا يغادرون وظائفهم بل يغادرون رؤساءهم، ما أراه من وجهة نظر أخرى، أنهم لم يعرفوا كيف يديرون رؤساءهم بشكل أفضل لو أتقنوا بعض المهارات في الذكاء الاجتماعي والعاطفي. لما لا نتعلم من أطفالنا وعائلاتنا ونقتبس منهم كيف يديروننا ويحصلون على ما يرومون إليه بسلاسة وبدون احتكاك معنا، هم يفعلون ذلك لأنهم أظهروا لنا الولاء، الاعتمادية، الشغف والعطف، هم ببساطة يعرفون حاجاتنا.

شخصيا أرى أن المهارة والموهبة تلعب دورا أكبر من تعلم تقنيات معينة للتمكن من أن تدير رؤسائك بمهارة، لكن هذا لا يعوقني من مشاركتك لبعض المهارات التي تحتاجها للتميز في هذا الجانب حسب خبرتي العملية:

- دائما، كن جاهزا لمجابهة الأزمات ومتواجدا عندما يحتاجك رئيسك، التواجد عند الحاجة يؤكد الولاء ويزيد من الثقة بين الطرفين.

- امنع واحسم قدر ما تستطيع المشاكل قبل أن تتطور وتتفاقم وتصبح أزمات، استخدم قدر المستطاع ميزة التمكين الممنوحة لك من رئيسك، فأنت لست رجلا آليا تنفذ فقط ولا تتخذ قرارات.

- اعرف طريقة رئيسك في التواصل بأنواعه المختلفة، للاستفادة القصوى من ذلك وللتأكد من التواصل الفعال والدائم معه، هناك بعض المدراء يستمتعون بمعرفة كل شيء يحدث حولهم وهناك من يكتفي بالقليل من المعلومات، هناك من يحب الكلام وهناك من يحب الكتابة.

- حاول أن تعرف نقاط ضعف رئيسك وساعده بدون علمه للتغلب عليها، هذه مهمة شاقة بلا شك، لا يوجد أحد يخلو من نقاط ضعف لكن الكل يحاول اخفائها عمن حوله وخصوصا إن كانوا موظفيه.

- تحاشى أن تكون دفاعيا عندما تتلقى النصائح أو التوجيهات أو التدريب والتعليمات حتى لو كانت غير منصفة، البعض من المدراء يظن أنها مسألة تحفيزية للموظف! حاول أن تعبر عن نفسك بطريقة مناسبة ومثالية للوصول إلى نفس النتائج لكليكما.

ما نسعى إليه هو مساعدتك لتتمكن من إظهار شخصيتك بشكل رائع، مع زيادة فرص نجاحك المهني الحالي، في نفس الوقت ستكون مديرا مستقبليا ناجحا، عندما تصل إلى تلك المكانة، ستكون قد حسنت وطورت مهاراتك الإدارية في تحقيق التوازن الإداري بشكل عام، من خلال تعرفك على حاجات موظفيك ومرؤوسيك.

في النهاية نتذكر ما قاله عالم النفس السويسري ومؤسس علم النفس التحليلي كارل يونج «يشبه اجتماع شخصيتين تلامس مادتين كيميائيتين: إذا حدث أي تفاعل فإن كلاهما يتحول». هذا يختصر الكثير في كيفيه التعامل مع رئيسك لدرجة أن معهد هارفارد للتدريس الإداري تبنى هذا الاقتباس في مادة التدريب التفاعلي «إدارة رئيسك - Managing upward».

@msnabq