«باسوورد» العدالة!
الاثنين - 15 أغسطس 2022
Mon - 15 Aug 2022
الثقة في العدالة هي الركيزة الأولى التي تتصدر الأولويات في صناعة القرار بوصفها حصنا منيعا لدولة المؤسسات في القرن الواحد والعشرين، فمتى وكيف ومن أين نبدأ وأنى؟!
الدول الحديثة
معيار التقدم مرهون بقدرة الدولة على صياغة مجتمع متماسك عبر (أجندة عامة نشطة) داعمة رغبة كل الأعضاء في التعاون سوية لضمان الاستدامة والتحضر والازدهار، حجر الأساس هنا صياغة القيم المشتركة ودعم التنوع القائم في المجتمع وتعزيز القناعة المجتمعية عند الأفراد والمجموعات بأنهم أعضاء مشاركين وفاعلين ومتعاونين في مواجهة التحديات المشتركة وأنهم جميعا وبدون استثناء (في نفس المجتمع وعلى قدم سواء).
الثقة المتبادلة
هي علاقة ثنائية استراتيجية بين الجمهور وصناع القرار على حد سواء؛ فالمجتمع مصدر جوهري للمعلومات من جهة كما أن اقتناعه واستجابته والتزامه وتعاونه هو المفتاح الأول لتفعيل القانون على أرض الواقع من جهة أخرى، إذن السلاسة في إنفاذ القوانين تقتضي -حكما- تخفيف حدة القلق والشكوك والمخاوف عند الجمهور وتعزيز الثقة والاستئمان والاطمئنان بينهم وبين المؤسسات العامة على نحو متبادل.
وكما كفتا الميزان فمعادلة الثقة لا تتحقق إلا عندما يصبح طرفا المعادلة متناظرين، حينها يرى الناس أن القانون يمثلهم ويعتبر القانون أن المجتمع يمثله، ويعتقد كل فرد من الجمهور أنه مكلف بواجب الامتثال ويؤمن كل رجال القانون أن المسؤولية الملقاة على عاتقهم تحتم القيام بواجب الخدمة، وبكلمة واحدة الهدف النهائي الجمعي هو (مصلحة المجتمع ووجوده).
المجتمع الحيوي
هو منظومة ذو جودة بنيوية عالية وعموده التمازج الوطني، يتسم بأنه متماسك مترابط بوشائج التعاون ويضع دوما نصب عينه أهدافا واحدة مشتركة، فهو ليس كيانا منقسما على نفسه متضادا متصارعا فيم بين أفراده ومجموعاته، والعوامل المحددة لهذه الجودة النوعية مستقرة عبر الزمان والمكان، ففي كل الدول وحول العالم يرتكز رضا الناس على المحاور الثلاث الأساسية للحياة.
فما هي هذه الركائز وما طبيعتها؟ سنبدأ بأولها (الأمن الاقتصادي) وبالمنظور الكبير هو الرفاه الاقتصادي ويتمثل في قدرة الناس على توفير احتياجاتهم بطريقة مستمرة، وركيزته دولة الرفاهية الحديثة التي تضع توفير الضمانات الأساسية لمواطنيها على رأس قائمة الأولويات، وثانيها (التماسك المجتمعي) وهو غاية رئيسة؛ فالاقتصاد ليس كل شيء وتقليل التحيز والتمييز وزيادة الاندماج المجتمعي ليس أقل أهمية من تقليل التفاوت في الدخل والثروة فالإنسان كائن اجتماعي، وثالثها (العدالة المستدامة) وهي ممارسة السلطة في سبيل الحفاظ على (جودة المجتمع) وهذه الأخيرة والأهم.. فكيف؟
الجودة المجتمعية
هي درجة الحيوية في المجتمع، والمستقبل والقوة الحقيقية للمجتمع كامنان في صلابة الأمانة العامة، وهذه الأمانة تتجسد في الكفاءة المؤسسية التي تبني الثقة المؤسسية والعكس صحيح؛ فأي تراجع أو انعدام للمصداقية يخلق حلقة مفرغة تنعكس على مسار الحوكمة وعمل المؤسسات العامة.
فماذا يعني كل ذلك؟ الإجابة باختصار.. حينما تتدنى ثقة الناس في المؤسسات سواء للإحساس بالظلم أو التهميش أو الشعور بعدم كفاءة الأداء أو وجود فضائح أو شبهات فساد.. تنخفض درجة المبادرة والحيوية والإنتاجية ويغدو المواطنون أقل اقتناعا بأهلية المؤسسات أو التزاما بالقانون تاليا، وأخيرا أقل قابلية للإبداع والابتكار والاختراع.. لماذا؟
الأنظمة واللوائح
القانون وأهل القانون هم أبدا لا يعملون في فراغ وعلى التماثل فإنهم ليسوا في معزل عن محيط الأشخاص الذين يناط بهم خدمتهم.
والثقة العامة ركيزة مهمة، فالجمهور هو العين الثالثة والأمينة لصاحب القرار والعامل المحفز لاستجابة المؤسسات وله دور مساند في ابتكار وتطوير السياسات، فما هي الآلية؟ الميكانيكية التي تؤكدها الأبحاث أن هناك علاقة موجبة قوية بين الثقة في العدالة والتزام الناس بالقانون؛ فكلما زادت ثقة الفرد بمؤسسات القانون زادت درجة انضباطيته بالأنظمة وبدرجة عالية، وبناء عليه فإذا كان ضمان تحقق الاستجابة المعيارية للقانون هو الهدف الرئيس في منظومة العدالة فالتوجه الجوهري سيكون أن (ثقة الجمهور في المؤسسات) هي القاطرة الأولى المستهدفة.
خارطة الطريق
التماسك الاجتماعي هو بمثابة سك الدولة لعملة معدنية وطنية من مزيج مركب، الأول فلز خال من صراع اجتماعي كامن كالعرق أو النوع، والثاني فلز مقوي للروابط الاجتماعية كالمؤسسات الرياضية والقانون غير المتحيز مع ضرورة الشفافية والمحاورة والتجاوب مع آراء الجمهور عبر آليات المراجعة والتصحيح والتقييم.
وفي المرآة تظهر رؤية 2030 متمحورة حول ثلاث أعمدة أساسية: مجتمع نابض بالحياة، واقتصاد مزدهر، وأمة طموحة.. توكيد متجدد أن قيادتنا الرشيدة متمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد المجدد - حفظهم الله - قد استبقوا الزمان وسبقوه في كل مكان.
فعظمة الدول تتجلى في بناء منصة مجتمعية وطنية تضمن الرفاهية لجميع أعضائها، وإرساء صيغة لتقليل التمييز والتحيز ضد الفئات على أساس الانتماءات الفرعية مثل الهوية الرياضية أو الممارسات التراثية الشعبية ومنع الإقصاء والتهميش على مستوى الدولة مثلا عند التنقل والهجرة بين المناطق، وتحقيق الترابط بين كل الفئات والأطياف وفي كل المجالات كالتعليم والرياضة ووسائل الإعلام ، مع خلق الشعور القوي بالانتماء وتعزيز الثقة وتوفير الفرص العادلة لكافة أبناء الوطن من أجل الارتقاء، حينئذ يكتمل الركب ويغدو كل الوطن في (مشروع حضاري واحد)!
@RimaRabah
الدول الحديثة
معيار التقدم مرهون بقدرة الدولة على صياغة مجتمع متماسك عبر (أجندة عامة نشطة) داعمة رغبة كل الأعضاء في التعاون سوية لضمان الاستدامة والتحضر والازدهار، حجر الأساس هنا صياغة القيم المشتركة ودعم التنوع القائم في المجتمع وتعزيز القناعة المجتمعية عند الأفراد والمجموعات بأنهم أعضاء مشاركين وفاعلين ومتعاونين في مواجهة التحديات المشتركة وأنهم جميعا وبدون استثناء (في نفس المجتمع وعلى قدم سواء).
الثقة المتبادلة
هي علاقة ثنائية استراتيجية بين الجمهور وصناع القرار على حد سواء؛ فالمجتمع مصدر جوهري للمعلومات من جهة كما أن اقتناعه واستجابته والتزامه وتعاونه هو المفتاح الأول لتفعيل القانون على أرض الواقع من جهة أخرى، إذن السلاسة في إنفاذ القوانين تقتضي -حكما- تخفيف حدة القلق والشكوك والمخاوف عند الجمهور وتعزيز الثقة والاستئمان والاطمئنان بينهم وبين المؤسسات العامة على نحو متبادل.
وكما كفتا الميزان فمعادلة الثقة لا تتحقق إلا عندما يصبح طرفا المعادلة متناظرين، حينها يرى الناس أن القانون يمثلهم ويعتبر القانون أن المجتمع يمثله، ويعتقد كل فرد من الجمهور أنه مكلف بواجب الامتثال ويؤمن كل رجال القانون أن المسؤولية الملقاة على عاتقهم تحتم القيام بواجب الخدمة، وبكلمة واحدة الهدف النهائي الجمعي هو (مصلحة المجتمع ووجوده).
المجتمع الحيوي
هو منظومة ذو جودة بنيوية عالية وعموده التمازج الوطني، يتسم بأنه متماسك مترابط بوشائج التعاون ويضع دوما نصب عينه أهدافا واحدة مشتركة، فهو ليس كيانا منقسما على نفسه متضادا متصارعا فيم بين أفراده ومجموعاته، والعوامل المحددة لهذه الجودة النوعية مستقرة عبر الزمان والمكان، ففي كل الدول وحول العالم يرتكز رضا الناس على المحاور الثلاث الأساسية للحياة.
فما هي هذه الركائز وما طبيعتها؟ سنبدأ بأولها (الأمن الاقتصادي) وبالمنظور الكبير هو الرفاه الاقتصادي ويتمثل في قدرة الناس على توفير احتياجاتهم بطريقة مستمرة، وركيزته دولة الرفاهية الحديثة التي تضع توفير الضمانات الأساسية لمواطنيها على رأس قائمة الأولويات، وثانيها (التماسك المجتمعي) وهو غاية رئيسة؛ فالاقتصاد ليس كل شيء وتقليل التحيز والتمييز وزيادة الاندماج المجتمعي ليس أقل أهمية من تقليل التفاوت في الدخل والثروة فالإنسان كائن اجتماعي، وثالثها (العدالة المستدامة) وهي ممارسة السلطة في سبيل الحفاظ على (جودة المجتمع) وهذه الأخيرة والأهم.. فكيف؟
الجودة المجتمعية
هي درجة الحيوية في المجتمع، والمستقبل والقوة الحقيقية للمجتمع كامنان في صلابة الأمانة العامة، وهذه الأمانة تتجسد في الكفاءة المؤسسية التي تبني الثقة المؤسسية والعكس صحيح؛ فأي تراجع أو انعدام للمصداقية يخلق حلقة مفرغة تنعكس على مسار الحوكمة وعمل المؤسسات العامة.
فماذا يعني كل ذلك؟ الإجابة باختصار.. حينما تتدنى ثقة الناس في المؤسسات سواء للإحساس بالظلم أو التهميش أو الشعور بعدم كفاءة الأداء أو وجود فضائح أو شبهات فساد.. تنخفض درجة المبادرة والحيوية والإنتاجية ويغدو المواطنون أقل اقتناعا بأهلية المؤسسات أو التزاما بالقانون تاليا، وأخيرا أقل قابلية للإبداع والابتكار والاختراع.. لماذا؟
الأنظمة واللوائح
القانون وأهل القانون هم أبدا لا يعملون في فراغ وعلى التماثل فإنهم ليسوا في معزل عن محيط الأشخاص الذين يناط بهم خدمتهم.
والثقة العامة ركيزة مهمة، فالجمهور هو العين الثالثة والأمينة لصاحب القرار والعامل المحفز لاستجابة المؤسسات وله دور مساند في ابتكار وتطوير السياسات، فما هي الآلية؟ الميكانيكية التي تؤكدها الأبحاث أن هناك علاقة موجبة قوية بين الثقة في العدالة والتزام الناس بالقانون؛ فكلما زادت ثقة الفرد بمؤسسات القانون زادت درجة انضباطيته بالأنظمة وبدرجة عالية، وبناء عليه فإذا كان ضمان تحقق الاستجابة المعيارية للقانون هو الهدف الرئيس في منظومة العدالة فالتوجه الجوهري سيكون أن (ثقة الجمهور في المؤسسات) هي القاطرة الأولى المستهدفة.
خارطة الطريق
التماسك الاجتماعي هو بمثابة سك الدولة لعملة معدنية وطنية من مزيج مركب، الأول فلز خال من صراع اجتماعي كامن كالعرق أو النوع، والثاني فلز مقوي للروابط الاجتماعية كالمؤسسات الرياضية والقانون غير المتحيز مع ضرورة الشفافية والمحاورة والتجاوب مع آراء الجمهور عبر آليات المراجعة والتصحيح والتقييم.
وفي المرآة تظهر رؤية 2030 متمحورة حول ثلاث أعمدة أساسية: مجتمع نابض بالحياة، واقتصاد مزدهر، وأمة طموحة.. توكيد متجدد أن قيادتنا الرشيدة متمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد المجدد - حفظهم الله - قد استبقوا الزمان وسبقوه في كل مكان.
فعظمة الدول تتجلى في بناء منصة مجتمعية وطنية تضمن الرفاهية لجميع أعضائها، وإرساء صيغة لتقليل التمييز والتحيز ضد الفئات على أساس الانتماءات الفرعية مثل الهوية الرياضية أو الممارسات التراثية الشعبية ومنع الإقصاء والتهميش على مستوى الدولة مثلا عند التنقل والهجرة بين المناطق، وتحقيق الترابط بين كل الفئات والأطياف وفي كل المجالات كالتعليم والرياضة ووسائل الإعلام ، مع خلق الشعور القوي بالانتماء وتعزيز الثقة وتوفير الفرص العادلة لكافة أبناء الوطن من أجل الارتقاء، حينئذ يكتمل الركب ويغدو كل الوطن في (مشروع حضاري واحد)!
@RimaRabah