عبدالرحمن البليهشي

المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي.. آمال التمكين انتقلت إليكم

السبت - 13 أغسطس 2022

Sat - 13 Aug 2022

أنشئ المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي بقرار مجلس الوزراء، ويهدف إلى تنظيم دور منظمات القطاع غير الربحي وتفعيله، وتوسيعه في المجالات التنموية، والعمل على تكامل الجهود الحكومية في تقديم خدمات الترخيص لتلك المنظمات، والإشراف المالي والإداري على القطاع، وزيادة التنسيق والدعم.

تأسس المركز في سياق تنمية القطاع غير الربحي، الذي يعد هدفا استراتيجيا ضمن خطة رؤية 2030 الهادفة إلى تمكين القطاع غير الربحي، وتحقيق أثر أعظم للقطاع على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، حيث يعد المركز أحد مبادرات برنامج التحول الوطني لتنمية القطاع غير الربحي.

وتعد أهمية المركز في تمكين القطاع من تحقيق دوره ومؤشراته الموضوعة له في رؤية 2030 ومن ضمنها رفع مساهمة القطاع غير الربحي في إجمالي الناتج المحلي من أقل من 1% إلى 5%.

واليوم تتجه الأنظار من المجتمع كافة ومن المختصين في القطاع غير الربحي خاصة إلى المركز، ولديهم آمال وطموحات يأملون في تحققها من خلال هذا المركز المتخصص في تنمية القطاع بعد أن كانت مرجعية هذه الجهات إلى جزء من وزارة الموارد البشرية؛ فالتخصصية في المرجع تعطي بعدا أوسع لتنمية القطاع.

أتمتة الخدمات المقدمة للجمعيات

لا شك أن الجمعيات ما زالت تراجع يدويا في أغلب معاملاتها للحصول على الموافقات أو التأييد أو الخطابات المرجعية للجهات ذات العلاقة أو لبعض التراخيص الواجب على الجمعيات استخراجها لتأدية عملها؛ لذا فالتحول الرقمي في القطاع غير الربحي يعد فرصة كبيرة لتمكين القطاع ودفعه نحو الأمام لتحقيق تنمية وطنية شاملة.

تمكين الاستدامة المالية

الاستدامة المالية هاجس كبير في جميع الجمعيات الأهلية بالمملكة، وبالتأكيد لن تنجح أي جهة إلا بتوفر الميزانية المطلوبة، ولن تستمر في النجاح إلا باستدامة مالية تحقق أهدافها مع التمكين والدعم الحكومي من خلال الصناديق الخيرية أو من خلال الجهات المانحة، ولكن كل هذه الجهود في حاجة إلى برنامج تحفيز الاستدامة بمميزات أكثر وحجم تمويل أكبر يغطي المشاريع النوعية ويساهم في دعمها لتحقيق الاستدامة والخروج من المشاريع التقليدية في الاستدامة، والتي باتت لا تحقق المردود المأمول منها، فاليوم خروجنا بأفكار تحقق تنمية الموارد المالية من خلال استثمار إمكانيات الجمعيات وخبراتها وكفاءتها وبنيتها التحتية وأدواتها من أجل تعظيم الأثر والعائد على الاستثمار الاجتماعي وتنمية الإيرادات.

تحفيز الكفاءات الوطنية

استقطاب الكفاءات الوطنية في القطاع غير الربحي واستبقاؤها تحد كبير خاصة في خضم التنافس الكبير بين القطاع الحكومي والخاص في استقطاب هذه الكفاءات؛ فكثير منهم لا يجد الحافز ولا القابلية لخوض التجربة أو لا يستمر في التجربة أو يتجه بعد حين للعمل في المكاتب الاستشارية بينما الميدان في حاجة للأبطال دوما فالمميزات المادية والمعنوية تعينهم على الإبداع في القطاع وتحفز العاملين على البقاء.

الحوكمة والسلامة المالية

ممارسات القطاع غير الربحي في الحوكمة والمراجعة المالية عبر مراجع مالي مستقل تعد ممارسة متميزة في القطاع وتدعم موثوقية القطاع لدى أصحاب المصلحة من جهات حكومية وأهلية ومجتمع، وحقيقة نجحت الوزارة في زرع ثقافة الحوكمة والتنافس لدى الجهات للتميز بها، ولكن علينا الآن أن ننتقل من المراحل الأولية إلى مرحلة أكثر تقدما بتطبيق الحوكمة عبر مقاييس جديدة تقيس أثر الحوكمة على الممارسات في القطاع غير الربحي وتزيد من جودة وكفاءة الحوكمة في القطاع.

رعاية وتمكين مجالس الجمعيات

تساهم المجالس التخصصية ومجالس المناطق في رعاية الجمعيات والتي تساهم في تشكيل رابطة مشتركة يمكن من خلالها تبادل المعرفة والخبرة، وكذلك التكامل بين الجمعيات والتنسيق للحد من العشوائية في التنفيذ والتكرار في البرامج وتعظيم الفائدة للمستفيد، والتكامل في تقديم الخدمات في مجال الجمعية أو في المجالات الأخرى، وفرص التمكين للمجالس ما زالت في بدايتها لتنتقل إلى مرحلة أكثر احترافية في تقديم خدماتها للجمعيات.

تمكين المشاريع النوعية

القطاع غير الربحي له أهمية في جميع دول العالم؛ فأبرز الجامعات العالمية وأفضلها هي جامعات غير ربحية، لذا اليوم لا بد لنا من تمكين المدن الطبية والمستشفيات والجامعات والكليات وغيرها من المشاريع النوعية غير الهادفة للربح، فيوجد تجارب مثل مدينة سلطان الإنسانية وتحويل مستشفى الملك فيصل التخصصي إلى مؤسسة غير ربحية وبعض الجامعات مثل جامعة الأمير مقرن، ولكن لا زالت الرحلة طويلة وفي بدايتها خاصة في وضع تشريعات ومحفزات لبدء المشاريع النوعية.

تأسيس الجمعيات بين الكم والنوع

وحدت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مرجعية الجمعيات مثل جمعيات تحفيظ القرآن التي كانت تتبع للشؤون الإسلامية ولجان التنمية إلى جمعيات أهلية مرجعيتها الإدارية والمالية المركز الوطني للقطاع غير الربحي والمرجعية الفنية بحسب التخصص لكل جمعية، وتم تسهيل الإجراءات عن السابق وتحول جميع الإجراءات إلى رقمية وتقليص الوقت اللازم لها وهذا مما لا شك فيه ساهم في تأسيس جمعيات ناشئة أصبحت إضافة للقطاع وللمجتمع، ولكن جزءا من الجمعيات الناشئة التي أنشئت لم تتمكن من إضافة أي شيء أو تحقيق أي هدف، لذا يجب التوازن بين الكم والنوع ووضع عدد من الإجراءات التي تساهم في تمكين الجمعيات الناشئة وجعلها قيمة مضافة تحقق الرؤية الشاملة للقطاع.

الملف الاجتماعي الموحد

واحدة من أبرز مهام المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي هو قياس أثر القطاع اجتماعيا واقتصاديا؛ فوجود نظام الكتروني موحد يتم من خلاله تسجيل المستفيدين يجعل الجهات تتمكن من تقديم الخدمات بدون تكرار ويزيد من عدد المستفيدين ويتم تسجيل جميع المستفيدين بإحصائيات دقيقة وواضحة تحت مرجعية موحدة للبيانات وحسب التخصصات التي تعمل بها الجمعيات، سواء كانت اجتماعية أو صحية أو إغاثية أو تطويرية أو تعليمية وغيرها، وكذلك يسهم في متابعة نوعية المستفيدين من الخدمات من الجمعيات الأهلية من المواطنين والمقيمين والزوار مع إمكانية ربطه مع الضمان الاجتماعي وحساب المواطن والتأمينات الاجتماعية وغيرها من الأنظمة.

مجالس الإدارات عقلها المدبر

مجلس الإدارة في الجمعية يمثل العقل المدبر، ولضمان تفعيل دورها بالشكل المناسب وانتظام هؤلاء الأعضاء وضمان عطائهم يجب أن يتغير النظام من التطوع إلى مكافآت مالية يحصل عليها الأعضاء بتنظيم إداري ومالي يتم صرف المكافآت لهم سنويا، والتي تضمن تفاعل العضو وحضوره وحرصه لتأدية عمله بخلاف العمل التطوعي القائم حاليا والمكتسب صفة القطعية بعدم استلام أي مبالغ مالية، وتعد المكافآت حافزا جيدا للأعضاء لعطاء أفضل ومحاسبة من المجلس والجمعية العمومية وزيادة التنافس للتقديم لعضويات مجالس الإدارة.

زيادة الناتج المحلي من القطاع غير الربحي

تحتاج المنظمات غير الربحية إلى الوعي بمفهوم الناتج المحلي والدور الاقتصادي لكل الأعمال المقدمة من خلالهم؛ فلا أتوقع أن المساهمات من الجمعيات والقيمة الاقتصادية للمتطوعين ضعيفة خاصة مع حجم العطاء الخيري والتنموي في المملكة ولكن لدينا تحديات في قياس هذا الأثر على الناتج المحلي، وكذلك تعظيم هذا الأثر ونشر الممارسات للاستفادة منها من خلال منظمات أكثر.

وأخيرا.. المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي أتى ليكمل دور الجهات المسؤولة عن القطاع من قبل وهو مكمل لهم لا شك، وكذلك تطور القطاع خلال الأعوام الماضية جعل منه في أفضل أيامه وفرصه حاليا، أولا للاعتراف بأهمية دور القطاع حكوميا وأهليا ومجتمعيا، وثانيا لوجوده ضمن الرؤية والتحول الوطني؛ فالفرصة اليوم عظيمة، وآمال وطموحات التمكين والريادة وتعظيم الأثر للقطاع غير الربحي في المملكة عالميا متاحة، ووجود المركز وارتباطه مباشرة برئيس مجلس الوزراء ينبئ عن دعم كبير، لذا فمنسوبو القطاع غير الربحي يعلقون آمالهم على المركز لدعم التحول في القطاع وتمكينه.

al_blehshy@