ولاء الشيحي

من مسكين الدارمي إلى مشاهير السناب

الخميس - 11 أغسطس 2022

Thu - 11 Aug 2022

الإعلان إما أن يكون فنا أو يتحول إلى لعبة!

‏شيء طبيعي أن يدفع التاجر المال مقابل الإعلان أو الترويج لسلعته، وليس من الصعب على المستهلك الفهم بأن قيمة الإعلان هو من يتحملها ضمن قيمة السلعة التي سيشتريها بعد أن يقنعه أو يجبره الإعلان بها، حتى المعلن عنده -بالذات في عصر السوشال ميديا - مقتنع بأنه قائم على جيب المستهلك أو المتابع؛ لذلك لا بد أن يقنعه أو يجبره على شراء السلعة.

‏بعض وسائل الإعلان - أقصد المشاهير والمؤثرين في عصر السوشال ميديا - لا يملكون من الحيل إلا «اليمين»، فهو يحلف بالله ويقسم بأن هذا المنتج أفضل منتج، إيمانا منه بأن القسم بالله، أقوى أدوات الإقناع دون أن يفكر بأن «الأفضلية» للشيء تختلف من شخص لآخر لاختلاف الأذواق والرغبات، ودون أن يفكر بأن تكرار «القسم» في كل إعلان يفقده مصداقيته أمام الجمهور.

‏الإعلان فن لا تتقنه كثير من وسائل الإعلان الفردية اليوم، لكنه ينجح أو بمعنى أصح يكسب المال؛ لأن الجمهور يحب تقليد المشاهير.

‏وعلى ذكر التقليد، إحدى الشركات التي تسوق لمنتجها بأنه تقليد لمنتجات عالمية وتقدمه بأسعار أقل من المنتج الأصلي، عملت حملة إعلانية باستضافة نحو 70 شخصية من مشاهير السوشال ميديا وأخذتهم في رحلة سياحية، ولو حسبت تكاليف الرحلة والمقابل المادي للمستضافين من المشاهير لاكتشفت أن الشركة دفعت مبالغ ضخمة ستسعى لجنيها من المستهلك، ليس بأسلوب الإعلان المقنع بل بأسلوب التكثيف الإعلاني على الجماهير والمتابعين.

‏وما دامت الشركة تحب التقليد، ليتها قلدت أول إعلان تجاري، كان في الدولة الأموية، حين قدم الشاعر مسكين الدارمي إعلانا مجانيا لصديقه الذي شكا له عدم إقبال النساء على شراء الخمار الأسود الذي قام باستيراده ولم يستطع تسويقه في مدينة نسائها لا يلبسن الخمار الأسود، وقد كان الشاعر اعتزل والتزم المسجد للعبادة، إلا أنه ساعد صديقه لكيلا تكسد بضاعته، وكتب أبياتا لا تزال تغنى إلى اليوم، يقول فيها:

«قل للمليحة في الخمار الأسود .. ماذا فعلت بناسك متعبد».

‏وكانت سببا في إقبال النساء على سلعة صديقه بعد أن انتشرت الأبيات وتحدث الناس عن أن مسكين الدارمي ترك الورع والعبادة بسبب سيدة تلبس الخمار الأسود، إلا أنه عاد إلى ورعه ومسجده بعد نجاح الإعلان.

misswalaa986‬@