محمد عبدالله القرني

الحرب بتوقيت بكين

الخميس - 11 أغسطس 2022

Thu - 11 Aug 2022

تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أن غزو الصين لتايوان حاصل لا محالة، ولكنها لا تدرك متى وكيف، لذلك تسعى جاهدة أن تكون الحرب متى ما أرادت أمريكا عبر نصب الألغام والفخاخ لبكين، وقد وصلت إلى أعلى مراحل الاستفزاز بعد زيارة رئيسة الكونجرس نانسي بوليسي إلى تايوان، هنا أرادت واشنطن أن تكون الحرب بتوقيتها وأن تجبر الصين على دخول معركة دون اتخاذ التكتيكات والخطط اللازمة والكاملة، إلا أن بكين لم تنزلق وتداركت الأمر بحكمة عالية، إذا كان الغرب متمثلا في الناتو قد نجح بإدخال روسيا حربا يصعب تفاديها فإنه لن ينجح مع الصين لعدة أسباب أبرزها أن العقل الصيني لا يهمه شيء أكثر من الاقتصاد والنمو وأنها مستعدة أن تضحي لسنوات بجزء تعتبره لا يتجزأ من أراضيها في سبيل تحقيق النمو الاقتصادي.

الاستفزازات الأمريكية لن تجدي نفعا ومتى ما رأت بكين أن الوقت المناسب قد حان فإنها ستقوم بإرجاع تايوان بتوقيتها ورغبتها وليس بعمل متهور أو متسرع أو رد فعل على استفزازات، تدرك الصين تداعيات كل تلك الأحداث وقد تكون استفادت من الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا بتقييم الموقف الغربي وجدوى عقوباته على الرغم من أن الموقفين مختلفان إلا أن الغربيين قد يتخذون ذات الخطوات ويمدون تايوان بالسلاح والمال رغم عدم اعترافهم بتايوان.

الاتحاد الأوروبي يؤمن بقضية الصين الواحدة ولكن زمام الأمور الأوروبية لا تخرج عن الإرادة الأمريكية، فالاتحاد الأوروبي قد يغير من مبادئه الثابتة في سبيل المصلحة الأمريكية على الرغم من أهمية الصين الاقتصادية لهم. أوروبا في فوهة المدفع في الأزمتين الأوكرانية والتايوانية ولن تستطيع أن تقاوم أكثر من ذلك وهي التي أنهكتها عقوباتها الاقتصادية على روسيا فهي كالتي تأكل من نفسها.

ولا يخفى على الجميع الأزمات الكبيرة التي طفحت على السطح الأوروبي سواء في ألمانيا أو إيطاليا أو هولندا وبريطانيا وغيرها، كل ذلك في سبيل إرضاء الحليف الأكبر وتوحيد للموقف لحلف الناتو، ورغم أن توحيد الموقف في الأزمة الأوكرانية كان صعبا فإنه سيكون أكثر صعوبة في الأزمة التايوانية وقد لا يكون، أكثر الدول المتضررة من الأزمات العالمية في الوقت الراهن هي القارة العجوز وأي حرب قد تشتعل في بحر الصين ستكون قاتلة لتلك العجوز المنهكة مسبقا، الموقف الأوروبي سيكون الأكثر حرجا فلا يستطيع تحمل أعباء جديدة ولا يستطيع أن يخرج عن الإرادة الأمريكية.

ختاما إذا كانت الصين تشكل خطرا على الولايات المتحدة فإن الولايات المتحدة تشكل خطرا على العالم بأسره بمحاولة إشعال حرب سيتضرر الجميع منها اقتصاديا بشكل كبير.

@m_a_algarni509