علي الحجي

العلم ومصائد الجهل

الاثنين - 01 أغسطس 2022

Mon - 01 Aug 2022

تمر المجتمعات في طريق تطورها بمراحل ومحطات تعجل وتبطئ وتعرقل بها في رحلتها الطبيعية نحو التطور.

هذا التعجيل والإبطاء رهن توفر واتساق ثلاثة عوامل رئيسة، هي استعداد المجتمعات وكفاءة القادة وتوفر الموارد.

ولسنا استثناء من هذه الرحلة، إلا أن المختلف في حالتنا أننا خلال قرون تلاحقت علينا وسائل الإبطاء وشحت علينا الموارد، حتى القرن وربما العقود الأخيرة منه التي أنعم الله علينا فيها بموارد وافرة أهمها النفط، وقادة لديهم رؤية وشغف للقفز بالبلاد نحو المقدمة والرفاه، تتجلى صورتهم بزهاء في عهد ملك الحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي وضع البلاد في مسار واضح للتقدم، وقطع كل السبل الفرعية التي استفدت من وقتنا ومواردنا الكثير دون طائل، في حين وضع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هم وضع البلاد في مكانها الطبيعي شغله الأول، وفق رؤية طموحة واضحة المعالم لا تقبل تأجيل ولا تبديل ولا تسويف.

بقي الدور المجتمعي وهو الأوسع والأصعب والأعقد، فرغم وجود كفاءات عظيمة تولت أدوارا كبرى أسهمت في زيادة تسارع عجلة التنمية، ووجود جيل جديد بقدرات عظيمة يتوقدون شغفا للريادة، إلا أن هناك دوائر أخرى تنحصر لكن ببطء شديد، تحاول وتماطل وتراهن على عامل الوقت، لتبطئ العجلة إن لم توقفها، لأسباب تتعلق بالجهل المكدس، والنفع المتجذر الذي تجلبه لهم انتماءاتهم، بل إن هناك محاولات للتجهيل بل والتأسيس للجهل تحت عناوين ومبررات نفعية مختلفة، والجهل هنا ليس فراغا معرفيا يملؤه العلم، بل قوة مجابهة تعزز مقاومة العلم، وتسعى لإطفاء جذوته، وتحطيم أدواته، وهدم مبانيه، وقطع طرقه.

إن خلايا الجهل النائمة تعتمد لنفث سمومها على استراتيجيات صناعة الحيرة، وبث الخوف من التغيير، وإثارة الشكوك حول أسبابه ومآلاته، والتهديد بفقد الامتيازات التي يصنعها الجهل، ومن أهم أدواتها الفاعلين الاجتماعيين، فهم يتحركون بخفة أكثر من المثقفين والعلماء لعدم وجود أعباء أخلاقية ولا مرجعيات وقواعد علمية، ورغم اختلاف وسائلهم وأدواتهم وغاياتهم الشخصية، إلا أن محصلة سعيهم واحدة (تطبيع الجهل).

فتفسيراتهم الاعتباطية تنتقل وتنتشر بين الناس لأنها تخاطب عاطفتهم، فتصبح عقائد في بنيتها الصغرى، فاتجاهات وعادات مقبولة ولها أتباعها، تُفرض فيما بعد كسلوك اجتماعي.

لذلك لابد من العناية الكبرى بالمؤسسات التي تعنى ببناء ثقافة المجتمع ووعيه خصوصا المدرسة والإعلام وانتقاء كفاءات تؤمن بالعلم والمعرفة وقبلها المواطنة الصالحة، والأهم قيادات مدركة لديها رؤية وقدرة وشغف تستطيع من خلالها جعل المؤسسة قطعة نافعة في سفينة الوطن.

@aziz33