شاهر النهاري

تحدٍ لأصحاب المعالي الوزراء

الاثنين - 01 أغسطس 2022

Mon - 01 Aug 2022

أدرك أن هذا التحدي يعزف ألحانا نشازا، قد تعجب بعض رواد مواقع التواصل، وقد يتهمه الكثير بالصفاقة ومناطحة السحاب.

وهو يكمن في طرح سؤال على كل وزير خدماتي عن عدد المباني الحكومية، التي ينتشر فيها موظفو وزارته، ليس فقط في مدينة الرياض، ولكن في جميع أنحاء المملكة.

وليس فقط تعداد المباني المملوكة للوزارة، ولكن حتى المستأجر منها.

ونريد من معاليه تحديد تعداد الموظفين في كل مبنى، وخطط توزيعهم، وجدوى إنتاجيتهم.

أعلم أن ذلك أمر مزعج وإعجازي، فمعظم الوزراء يكتفون بالاطلاع على خرائط المباني الرئيسة، التي قد يزورونها لمما أثناء قيادتهم للوزارة، وأن من منهم سيضطر للوقوف بنفسه على كل مبنى كبير أو صغير، فمن المؤكد أنه سيقضي جل فترته يدور، ويلطم ذا الجدار وذا الجدار، ما سيكبح جماح طموحاته، ويصرفه عن أداء مهام عظيمة يتمنى تنفيذها في عهده، ليتمايز بين وزراء سابقين أو لاحقين.

معضلة المباني القديمة أن يتم نقل أعداد كبيرة من موظفيها لأبراج مستأجرة، أو مبان حديثة الإنشاء، مع الإبقاء عليها بعدد صغير من الموظفين، والحراسات، وفواتير صيانة وترميمات، تبقيها بعيدة عن العين، وعن القلب.

ولا شك أن الرؤية السعودية قد أشعلت طموحات الكثير من الوزراء للمساهمة في دعم قفزاتها القادمة من المستقبل، بالتوسع وتشييد أو استئجار أماكن جديدة، وتوظيف أعداد من الكفاءات والشباب، المناسبين للرؤية ومشاريعها.

وللأسف أن تتشكل بعض الفراغات الهشة، وتسقط الأمكنة القديمة، والأثاث المستهلك، ومن كتب عليهم أن يظلوا بعيدا عن الرؤية، عاجزين عن ملاحقة التطور، ما يخلق روح التقاعد المعنوي، للأفراد والأمكنة التي شملها نظام «مكانك سر»، أو «دحدر».

الحصر الحاسوبي والإحصائي شيء، والوقوف على تلك الأمكنة والبشر شيء آخر مختلف، ولذلك فمن المنطقي بروز مثل هذا التحدي، لتحديد كل آيل للسقوط من الأمكنة والموظفين.

ومجرد الإحصاء قد لا يكون مفيدا، إذا لم يتبعه خطوات عملية لتصحيح المسار، فهل سيتم إغلاق أمكنة قديمة مستأجرة شبه مغلقة، وهل سيتم النظر لمن فيها من الموظفين بعين الرعاية والتطوير، وإعادة التأهيل، وسد الفراغات بين أنسجة الوظائف المندمجة، لنحصل على قوى بشرية فاعلة، متطورة، لا يهملها التقسيم، ولا يلفظها التيار؟

التحدي ليس لتدوين قوائم الأسماء والأماكن «المشتاقة لك أيها الوزير»، ولكن بصنع التكامل والنهضة الحقيقية بمنطق ورؤية، لتخليص الوزارة من مبانيها العشوائية، ومكاتبها المتهالكة، ومخازنها، وورشها، وكراجاتها، وأحواشها، وأرشيفاتها، وغثائها، وتكلفتها على الدولة، وتلافي بعدها عن أعين الرقابة والنزاهة، في واقع مشتت يعاظم من تراكم الماضي، ويثقل كاهل المستقبل.

هل هذا التحدي خبيث؟ ربما، كون ظاهره مجرد لجنة وتحديد الموجودات، ولكن حقيقته أكبر وأعمق وأدق من ذلك بكثير، والمؤكد أن الوزير سيصاب معه بصدمات من هول معلومات قد لا تكون تنقل إليه بشفافية، وبالتالي فسيكون أمامه أمر من ثلاثة:

إما أن يدعي بأنه يدري، ويعمل عليه، بتوارد خواطر عجيب!

أو أن يقبل التحدي ويبدأ في تفعيل اللجان، وتخصيص ميزانيات جديدة لانتداباتهم وعملهم الإضافي، ولمشاريع الترميم وإعادة التأهيل والتنظيم، بخطط قد لا يبلغ نهايتها في فترته.

أو أن يقلب الطاولة في وجهي، ويصرخ بضجر: مش لاعب!

shaheralnahari@