حرب الإرهاب أدخلت واشنطن مسارا حلزونيا زاد من قوة الجماعات وحجمها
السبت - 20 أغسطس 2016
Sat - 20 Aug 2016
قادت كلمة الحرب على الإرهاب أمريكا إلى 14 عاما من الصراعات المسلحة، وإحدى أطول الحروب في تاريخ الولايات المتحدة.
ورغم ادعاء المسؤولين الأمريكيين أن تنظيم القاعدة قد أصبح ضعيفا في كثير من المناطق، إلا أن الواقع يقول إن هناك عدة منظمات إرهابية حلت مكانه، وعلى رأسها تنظيم داعش.
فشل إدارتي بوش وأوباما في وضع نهاية للحرب أو حتى رسم صورة واضحة ودقيقة لأهدافها أو وضع جدول زمني لها كان له أثر كبير على المجتمع الأمريكي بشكل عام.
باسم الحفاظ على الأمن القومي، قامت السلطات الأمريكية بتقييد الكثير من الحقوق والحريات التي كان الشعب الأمريكي يفاخر بها.
معتقل جوانتانامو والاعتقال غير المحدود وحرب الطائرات بدون طيار وأساليب التحقيق المثيرة للجدل والتعذيب والرقابة الالكترونية دون إذن قانوني أصبحت جميعها أمورا مألوفة لدى المواطن الأمريكي.
في أواخر 2002، كشفت هيئة التحقيقات الجنائية في البحرية الأمريكية أدلة تشير إلى أن المعتقلين في جوانتانامو يتعرضون للإساءة والتعذيب أثناء التحقيقات، ورغم محاولات الهيئة للتدخل لدى وزارة الدفاع لوضع حد لتلك الانتهاكات، إلا أن أحد كبار المحامين في وزارة الدفاع قال لهم إنه لا يمكن عمل أي شيء بهذا الخصوص.
وأضاف أن «القرار تم اتخاذه، وفي جميع الأحوال، حتى لو علم الناس بما يجري في المعتقل فلن يهتم أحد بالأمر».
لكن الحقيقة هي أن هناك شريحة في المجتمع الأمريكي كانت مهتمة بذلك، ومن بينهم الصحفي مارك دانر.
فقد نشر دانر خلال العقود الثلاثة الماضية مقالات صحفية وكتبا تستكشف البعد الأخلاقي للحرب والسياسة الخارجية.
ومنها مقالاته في الصحف الأمريكية حول سجن أبوغريب، إلا أن أهم ما نشر هو كتاب «حلزوني» الصادر عن دار سايمون أند تشوستر، 2016.
ولتقييم النقطة التي وصلت إليها الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب والمساعدة في الحصول على معلومات مفيدة لصانعي القرار في المستقبل.
يقول دانر إن من الضروري العودة إلى القرارات المهمة التي اتخذتها إدارة بوش في السنوات الأولى التي تلت هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، والتي تراكمت لتوصل البلد إلى ما يسميه دانر «حالة استثنائية».
من بين القرارات السياسية التي اتخذتها إدارة بوش وأسهمت في وصول الولايات المتحدة إلى الحالة الاستثنائية: تسمية الرد على جريمة القتل الجماعي التي ارتكبها تنظيم القاعدة بأنها «حرب ضد الإرهاب»، رغم أن الحرب من الناحية القانونية لا تكون إلا بين كيانين شرعيين مستقلين، تعريف الحرب على الإرهاب بأنها غير مقيدة بزمان أو مكان، تكريس قوى تطبيق القانون والأمن القومي لمنع الهجمات الإرهابية، معاملة الإرهابيين على أنهم خارج نطاق القانون، إعطاء الشرعية في اتخاذ هذه القرارات للرئيس الذي تتوسع صلاحياته باستمرار كقائد أعلى للقوات الأمريكية ومن ثم إعطاء صفة السرية لهذه القرارات والسماح للنقاش حول الحرب رسم ملامح الصراع السياسي بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي.
هذه السياسات أفرزت أساليب تكتيكية أصبحت علامة تجارية للحالة الاستثنائية.
يقول الكاتب إن هذه الأساليب شملت الرقابة الالكترونية دون إذن قضائي والاعتقال غير المحدود والاغتيال المستهدف عن طريق الطائرات بدون طيار وأساليب التحقيقات المثيرة للجدل والتعذيب.
بعض هذه الممارسات عدلت أو تم الانتهاء منها -مثل التعذيب- لكن معظمها بقي كما هو في الجوهر، وبدلا من تصنيفها على أنها تأتي ضمن إجراءات الطوارئ، عمد المسؤولون الأمريكيون إلى سن قوانين خاصة بها.
وبدلا من إنهاء الحالة الاستثنائية، قامت إدارة أوباما بتطبيعها، وأفضل دليل على هذا هو فشل إدارة أوباما في التحقيق في حالات التعذيب ومحاسبة المسؤولين عنها.
وإذا كانت الحرب على الإرهاب قد أعادت تعريف الولايات المتحدة بشكل يناقض المبادئ التي قامت عليها، فإن الحرب جعلت واشنطن أيضا تتصرف بعكس ما تتطلبه مصالحها الاستراتيجية في كثير من الأحيان.
عنوان الكتاب «حلزوني» مشتق من قول للمؤرخ مياكل إجناتيف بأن استراتيجية الإرهابيين تقضي جر الولايات المتحدة إلى مسار «حلزوني تصعيدي» يتحكم به الإرهابيون، وليس الحكومات الديمقراطية.
الفظائع التي يرتكبها الإرهابيون ليست غايات في حد ذاتها، لكنها أساليب تهدف إلى بث الرعب، والرعب يولد ردود فعل مبالغ بها، وهذه بدورها تؤدي لاتباع سياسات فاشلة.
ويقول دانر إن هدف أسامة بن لادن كان استدراج الولايات المتحدة إلى حرب برية في الشرق الأوسط تأخذ صورة الحرب بين الغرب والإسلام.
وفي العراق، كانت استراتيجية أبومصعب الزرقاوي تهدف لاستفزاز الشيعة ليقوموا بردة فعل مبالغ بها ضد السنة، مما يسهل تجنيد السنة ضمن صفوف القاعدة. وكلا الاستراتيجيتين نجحتا بشكل جزئي على الأقل.
وبسبب أخطاء سياسات الولايات المتحدة التي أسهمت في الدخول في هذا المسار الحلزوني التصاعدي، تمكنت الجماعات الإرهابية من زيادة حجمها وقوتها بشكل غير مسبوق.
مارك دانر كاتب وصحفي وأستاذ جامعي عمل على مدى ثلاثة عقود في مجال الشؤون الخارجية والصراعات الدولية. نشر دانر الكثير من المقالات في (نيويوركر) و( نيويورك ريفيو أوف بوكس) وله عدة كتب عن الشؤون الدولية.
دانر يعمل أيضا أستاذا في اللغة الإنجليزية والصحافة في جامعة كاليفورنيا في بيركلي.
أهداف الكتاب
1- تزويد القارئ الأمريكي بأدوات تحليلية للتحكم بالحرب على الإرهاب بدلا من أن تتحكم به الحرب
2- عدم السماح للحرب بدفع الولايات المتحدة في طريق يتعارض مع قوانينها وقيمها والمبادئ التي قامت عليها
3- مساعدة القارئ على تجنب السياسات الفاشلة التي تزيد من قوة التهديد الإرهابي
ورغم ادعاء المسؤولين الأمريكيين أن تنظيم القاعدة قد أصبح ضعيفا في كثير من المناطق، إلا أن الواقع يقول إن هناك عدة منظمات إرهابية حلت مكانه، وعلى رأسها تنظيم داعش.
فشل إدارتي بوش وأوباما في وضع نهاية للحرب أو حتى رسم صورة واضحة ودقيقة لأهدافها أو وضع جدول زمني لها كان له أثر كبير على المجتمع الأمريكي بشكل عام.
باسم الحفاظ على الأمن القومي، قامت السلطات الأمريكية بتقييد الكثير من الحقوق والحريات التي كان الشعب الأمريكي يفاخر بها.
معتقل جوانتانامو والاعتقال غير المحدود وحرب الطائرات بدون طيار وأساليب التحقيق المثيرة للجدل والتعذيب والرقابة الالكترونية دون إذن قانوني أصبحت جميعها أمورا مألوفة لدى المواطن الأمريكي.
في أواخر 2002، كشفت هيئة التحقيقات الجنائية في البحرية الأمريكية أدلة تشير إلى أن المعتقلين في جوانتانامو يتعرضون للإساءة والتعذيب أثناء التحقيقات، ورغم محاولات الهيئة للتدخل لدى وزارة الدفاع لوضع حد لتلك الانتهاكات، إلا أن أحد كبار المحامين في وزارة الدفاع قال لهم إنه لا يمكن عمل أي شيء بهذا الخصوص.
وأضاف أن «القرار تم اتخاذه، وفي جميع الأحوال، حتى لو علم الناس بما يجري في المعتقل فلن يهتم أحد بالأمر».
لكن الحقيقة هي أن هناك شريحة في المجتمع الأمريكي كانت مهتمة بذلك، ومن بينهم الصحفي مارك دانر.
فقد نشر دانر خلال العقود الثلاثة الماضية مقالات صحفية وكتبا تستكشف البعد الأخلاقي للحرب والسياسة الخارجية.
ومنها مقالاته في الصحف الأمريكية حول سجن أبوغريب، إلا أن أهم ما نشر هو كتاب «حلزوني» الصادر عن دار سايمون أند تشوستر، 2016.
ولتقييم النقطة التي وصلت إليها الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب والمساعدة في الحصول على معلومات مفيدة لصانعي القرار في المستقبل.
يقول دانر إن من الضروري العودة إلى القرارات المهمة التي اتخذتها إدارة بوش في السنوات الأولى التي تلت هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، والتي تراكمت لتوصل البلد إلى ما يسميه دانر «حالة استثنائية».
من بين القرارات السياسية التي اتخذتها إدارة بوش وأسهمت في وصول الولايات المتحدة إلى الحالة الاستثنائية: تسمية الرد على جريمة القتل الجماعي التي ارتكبها تنظيم القاعدة بأنها «حرب ضد الإرهاب»، رغم أن الحرب من الناحية القانونية لا تكون إلا بين كيانين شرعيين مستقلين، تعريف الحرب على الإرهاب بأنها غير مقيدة بزمان أو مكان، تكريس قوى تطبيق القانون والأمن القومي لمنع الهجمات الإرهابية، معاملة الإرهابيين على أنهم خارج نطاق القانون، إعطاء الشرعية في اتخاذ هذه القرارات للرئيس الذي تتوسع صلاحياته باستمرار كقائد أعلى للقوات الأمريكية ومن ثم إعطاء صفة السرية لهذه القرارات والسماح للنقاش حول الحرب رسم ملامح الصراع السياسي بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي.
هذه السياسات أفرزت أساليب تكتيكية أصبحت علامة تجارية للحالة الاستثنائية.
يقول الكاتب إن هذه الأساليب شملت الرقابة الالكترونية دون إذن قضائي والاعتقال غير المحدود والاغتيال المستهدف عن طريق الطائرات بدون طيار وأساليب التحقيقات المثيرة للجدل والتعذيب.
بعض هذه الممارسات عدلت أو تم الانتهاء منها -مثل التعذيب- لكن معظمها بقي كما هو في الجوهر، وبدلا من تصنيفها على أنها تأتي ضمن إجراءات الطوارئ، عمد المسؤولون الأمريكيون إلى سن قوانين خاصة بها.
وبدلا من إنهاء الحالة الاستثنائية، قامت إدارة أوباما بتطبيعها، وأفضل دليل على هذا هو فشل إدارة أوباما في التحقيق في حالات التعذيب ومحاسبة المسؤولين عنها.
وإذا كانت الحرب على الإرهاب قد أعادت تعريف الولايات المتحدة بشكل يناقض المبادئ التي قامت عليها، فإن الحرب جعلت واشنطن أيضا تتصرف بعكس ما تتطلبه مصالحها الاستراتيجية في كثير من الأحيان.
عنوان الكتاب «حلزوني» مشتق من قول للمؤرخ مياكل إجناتيف بأن استراتيجية الإرهابيين تقضي جر الولايات المتحدة إلى مسار «حلزوني تصعيدي» يتحكم به الإرهابيون، وليس الحكومات الديمقراطية.
الفظائع التي يرتكبها الإرهابيون ليست غايات في حد ذاتها، لكنها أساليب تهدف إلى بث الرعب، والرعب يولد ردود فعل مبالغ بها، وهذه بدورها تؤدي لاتباع سياسات فاشلة.
ويقول دانر إن هدف أسامة بن لادن كان استدراج الولايات المتحدة إلى حرب برية في الشرق الأوسط تأخذ صورة الحرب بين الغرب والإسلام.
وفي العراق، كانت استراتيجية أبومصعب الزرقاوي تهدف لاستفزاز الشيعة ليقوموا بردة فعل مبالغ بها ضد السنة، مما يسهل تجنيد السنة ضمن صفوف القاعدة. وكلا الاستراتيجيتين نجحتا بشكل جزئي على الأقل.
وبسبب أخطاء سياسات الولايات المتحدة التي أسهمت في الدخول في هذا المسار الحلزوني التصاعدي، تمكنت الجماعات الإرهابية من زيادة حجمها وقوتها بشكل غير مسبوق.
مارك دانر كاتب وصحفي وأستاذ جامعي عمل على مدى ثلاثة عقود في مجال الشؤون الخارجية والصراعات الدولية. نشر دانر الكثير من المقالات في (نيويوركر) و( نيويورك ريفيو أوف بوكس) وله عدة كتب عن الشؤون الدولية.
دانر يعمل أيضا أستاذا في اللغة الإنجليزية والصحافة في جامعة كاليفورنيا في بيركلي.
أهداف الكتاب
1- تزويد القارئ الأمريكي بأدوات تحليلية للتحكم بالحرب على الإرهاب بدلا من أن تتحكم به الحرب
2- عدم السماح للحرب بدفع الولايات المتحدة في طريق يتعارض مع قوانينها وقيمها والمبادئ التي قامت عليها
3- مساعدة القارئ على تجنب السياسات الفاشلة التي تزيد من قوة التهديد الإرهابي