«حان وقت الشجاعة والرؤية والعمل، فلا يمكن لعقارب الساعة أن تعود إلى الوراء».. ربما كانت هذه الكلمات نقطة ضوء في طريق طويل نحو «مسرح المستقبل». وفي الواقع كانت جائحة كورونا بمثابة «صدمة» دفعت العالم للتفكير في المستقبل، وكان المسرح ضمن هذا التفكير.
على إثر تداعيات الجائحة وتأثيرها المباشر وغير المباشر على الثقافة والفنون في أنحاء العالم، قام مجموعة من الباحثين، من بينهم المنتج السعودي محمد عبيدالله، وبإشراف ميتا لاب آت هارفارد Metalab (at) Harvard بعمل بحث استمر عاما كاملا عن مستقبل المسرح في محاولة لإنقاذه، ونشر البحث في مجلات متخصصة عدة في مجال المسرح.
وخلص البحث إلى وسائل عدة يمكنها إيصالنا إلى مسرح المستقبل الذي يتطلب بنية تحتية معمارية وتنظيمية وبشرية جديدة، إلى جانب أداء حي مطور هو المعيار في المستقبل. وفيما يتعلق بجمهور المسرح فهو يحتاج إلى تثقيف.
كما يتطلب مسرح المستقبل منصات رقمية أفضل وأكثر عدلا وأكثر إبداعا لدعم صانعي المحتوى ومشاركة الجمهور، كما يتطلب تمويلا عاما وخاصا على حد سواء، ولكن بتركيز كبير على بناء جماهير جديدة.
التمثيل ليس سلعة
وبحسب البحث فإنه لا يمكن اعتبار التمثيل في جوهره كسلعة، ولا يصنف كوسيلة من وسائل الترف والرفاهية، وهو شيء لا يمكن أن يوضع على هامش الحياة، فهو ليس حكرا على الأثير أو الحكومات أو الممولين من القطاع الخاص أو على المساحات التي يتم تأديتها فيها.
وسواء اعتبرناه شكلا من أشكال الارتجال على جانب الطريق أو عرضا رسميا لعمل مكرس من القرون الماضية، فالتمثيل ينتمي للحظة الراهنة ويعبر عنها.
إن التمثيل أو الأداء متداخل ومترابط من حيث إنه دائم النشأة والتجدد ويجرى إحياؤه من جديد في أداء التمثيل نفسه. وهو قانون يتضمن الأصوات والمشاهد والروائح والأجسام والمسافات والوقت واللمسات، كما أنه على ارتباط وثيق مع جميع الفنون الأخرى مكانيا وبصريا.
والتمثيل أو الأداء عبارة عن منظومة مبنية على التفاعلات: بين المؤدي، وفريق الإنتاج، والجمهور؛ وبين الطبيعة والثقافة؛ وبين الإنسان والآلة؛ وبين الهندسة المعمارية والكائنات الحية.
كما يعد التمثيل حاجة إنسانية: من أجل حرية التعبير، وإطلاق العنان للخيال وإعمال الفكر، ولأجل الإحساس العميق بانتماء الفرد لنفسه وللجماعة، ومن أجل الخبرات التراكمية التي تبنى عليها المجتمعات والقواسم المشتركة.
وفي التسلسل الهرمي للاحتياجات الإنسانية الأساسية، يوفر التمثيل الأدوات اللازمة لتحقيق الذات، واحترام الذات، والشعور بالألفة، والترابط الاجتماعي داخل المجتمعات وفيما بينها.
وعندما نقول إن التمثيل حق من حقوق الانسان، فإننا لا نقصد به المفهوم التنويري المألوف الذي كثيرا ما يحاول تمرير الوقائع المتعارف عليها على أنها حقائق مثالية عالمية على حساب ثقافات السكان الأصليين والشعوب المستعمرة أو المحرومة من حقوقها. هو عبارة عن «حق» زاخر بالأسئلة الجوهرية مثل: كيف يمكن للحق في الأداء التمثيلي أن يبني على مباحثات حقوق الإنسان بعد الحرب أو يصقلها أو ينتقدها أو يصلح منها؟ كيف يتسع نطاق هذا الحق عبر طيف الفنون من الرقص إلى الأوبرا، أو الموسيقى إلى المسرح، أو الفيديو إلى وسائط الإعلام، أو فيما يتعلق بنماذج الثقافة المتزعزعة (الانتقال الثقافي من أسفل إلى أعلى أو العكس)؟ كيف يمكن أن يوفق ليس فقط بين الجماهير والممارسات التي تشكل عالم التمثيل، بل وأن يكون بمثابة جسر يربط بين الشعوب والثقافات والطبقات الاجتماعية والأجيال المختلفة؟ وكيف يمكن أن يترجم على نحو أكثر إنصافا إلى نظام لحقوق الملكية للممثلين والمبدعين؟
وبما أن التمثيل حق من حقوق الإنسان، فيجب أن يصبح الحق في التمثيل وفي تجربة الأداء جزءا لا يتجزأ من تخطيط السياسات والحياة الاقتصادية المتأصلة في النسيج الاجتماعي للأماكن العامة والخطاب المدني، ولا سيما الآن في الوقت الذي يتصدى فيه العالم لصدمة الخسائر الوبائية وضرورة إعادة بناء شعور جديد بالمجتمع المحلي والعالمي وتقاسم المسؤولية عن مصير كوكب الأرض. وعلى نحو مماثل، فيما يتصل بالسياسة التعليمية: فلا ينبغي لنا أن نعتبر تعليم الأطفال كاملا إذا لم تكن فنون التمثيل ضمن تجاربهم التي تعد جزءا لا يتجزأ من ثقافتهم.
ترابط المنصات التمثيلية
لأن الأداء التمثيلي جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي، فالمسرح (بالمفهوم التقليدي) ليس سوى المكان الأكثر وضوحا في التعبير عنه وعليه فإن مجموع المسارح في مدينة ما تعبر عن هوية وحياة المجتمع في ذلك الزمان والمكان.
لهذا السبب يجب أن يكون «مسرح المستقبل» مترابطا بشكل وثيق مع المنصات التمثيلية الأخرى التي يتم فيها تمثيل الحياة المعاصرة، بدءا من الشوارع والأرصفة مرورا بالتيك توك (Tiktok) والزوم (Zoom) إلى أماكن العمل وإلى المهرجانات والمعارض الثقافية.
وبالتالي، فإنه لا يمكن للمساحات المخصصة التي تدعم أنماط التمثيل على خشبة المسرح أن تكون مجرد مسارح قديمة عفا عليها الزمن، بل يجب أن تكون بمثابة النسيج الذي يصل بين الداخل والخارج، بين الماضي والحاضر والمستقبل، بين خشبة المسرح والإنترنت.
إن البنية المادية لتلك المساحات تعكس بالضرورة هذه الهوية الوصلية، حتى عندما يتم اختيار ذلك النمط من التمثيل الذي يتجنب التكنولوجيا الرقمية.
كيف يبدو مثل هذا المسرح أو مكان العرض؟ ما الشكل الذي يجب أن يتخذه؟ العديد من الأشكال الخاصة بالموقع والسياق والنوع الأدبي.
المجازفة
ولكن لا يكفي استنساخ النماذج التقليدية أو بناء المسارح ذات الهياكل المعدنية (الصناديق السوداء)، وترك مهمة ملئها للمستقبل.
ويتعين على هندسة المسرح الجديدة أن تجازف، وسوف تكون تلك المجازفات مترابطة، متعددة الوسائط، وعابرة للثقافات.
أوضاع المسرح
01 مسرح المستقبل هو مختبر إذاعي يبنى على مسارح المختبرات في القرن الماضي، والتجمعات المجتمعية، والطقوس.
02 يكون استوديو إنتاج حيث الجمهور في المقدمة والخلف، وعلى الجوانب، على خشبة المسرح وخارجه، في المسرح وعبر الإنترنت.
03 يكون على شكل ملعب تفاعلي تشاركي تستوي فيه الحقيقة مع الأوهام والأحلام الافتراضية.
04 عبارة عن «مساحة» موزعة تتواجد فقط في السحابة الافتراضية، حيث يكون الذكاء الاصطناعي هو الراوي، ويستمر فقط الواقع الافتراضي.
05 الرسوم المتحركة للمساحات الداخلية والخارجية التي تم تصورها دون أي إشارة إلى أنها مسارح أو منصات.
06 إنها مرحلة ذهنية، دون الحاجة إلى أي تجسيد آخر.
الأداء الحي المطور
من بين الأماكن المخصصة للأداء التي صنعت الحياة المعاصرة، تلك المرتبطة بالانتشار الواسع للشبكات والأجهزة المتصلة بها، والطرق العديدة التي تعيد تشكيل ملامح التجربة البشرية والتفاعل مع البيئة.
إن الهالة الناتجة – سواء من الممثلين أو للجمهور- من تدفقات البيانات والخوارزميات التي تحيط الآن بكل فعل بشري، وتثقفه وتنبع منه، تتطلب مفهوما موسعا للأداء الحي (Live Performance): ما نسميه «الأداء الحي المطور».
ويمكن، بل ويجب، أن يظل الأداء الحي المطور سمة أساسية من سمات جميع أشكال المشاهد في الماضي والحاضر على حد سواء.
لكن الأداء الحي المطور في المسرح المستقبلي تعني الصراع مع «متى؟ ومن؟ وماذا؟ وأين؟» للأداء التمثيلي بحيث تتلاشى الحدود بين الحضور الواقعي والحضور عن بعد، بين المجسدين والوسطاء، بين الأفعال البشرية وتدفقات البيانات، بين الوعي والميتافيرس (الواقع الافتراضي).
ولم يعد من الممكن فهم هذه الطريقة الموسعة للمسرح على أنها فكرة لاحقة. بل إنها تستلزم فتح آفاق جديدة من الخبرة أمام الجمهور والممثلين مثل: تجارب من زوايا لم يكن من الممكن تصورها حتى الآن، وعلى مقاييس زمنية أو إدراكية لا يمكن تصورها بعد؛ وأحداث مصممة لإضافة قيمة إلى كل قناة تقوم ببناء التجربة.
ولا يحتاج الأداء الحي المطور أن يكون مرتبطا بكل مسرح مستقبلي فقط، بل يجب أن يضيف نماذج جديدة للإدارة والجدولة وأنماط الأعمال؛ ونماذج جديدة للشمول والوصول والانفتاح؛ ونماذج جديدة للحوكمة والملكية، فضلا عن الأطر القانونية. إنه ينطوي على طرق جديدة لتدريب الفنانين والممثلين الذين يواجهون صراعا حادا مع الطبيعة المتغيرة للتمثيل نفسه وتقليص الحدود بين الممثلين وجمهورهم. كما إنه يشتمل على إعادة التفكير في السمات الأساسية للممارسة الفنية واقتصاد الفنون مثل: الجولات الفنية (المسرح المتنقل).
اختبار الجولات المسرحية
لا تزال الجولات المسرحية إحدى ركائز اقتصاد التمثيل المسرحي الحديث. لكن لا يمكن اعتبارها حقا إنسانيا بقدر ما هي ضرورة بالنسبة للممثلين الذين لا يمكنهم الحصول على قوت يومهم بالاعتماد على مبيعات التذاكر والتسجيلات وحدها، وذلك نظرا للدور المتنامي الذي يلعبه رعاة العلامات التجارية، والناشرين، وصالات العرض، وخدمات البث، وغير ذلك من الوسطاء. وكل هذا يجب أن يتغير.
ويتطلب الواقع القاسي لتغير المناخ نماذج جديدة لتطوير البرامج، والمشاركة، والإعالة، والتوزيع، وإعادة ابتكار الجولات المسرحية، وإعادة تصور الطريقة التي نضمن بها حرية انتقال الأفكار والثقافات حول العالم. لذا يجب أن يكون زيادة الجولات المسرحية -بمفهومها التقليدي- استثناء وليس الأصل.
ويتطلب ذلك إعادة تعريف مبتكرة للجولات المسرحية: أن تكون سريعة التطور ومنخفضة التكلفة ومتطورة عن بعد وذات أشكال تمثيلية متعددة المواقع وذات تعاون عابر للحدود عن طريق الاستفادة من المنصات الرقمية. كذلك أن يتم جدولة العروض المسرحية لتسهيل السفر من موقع إلى آخر بأقل تنقلات بشرية ممكنة؛ وأيضا إقامة الممثلين في عدد محدد من التجمعات بدلا من التنقل بين المدن المكلفة وعبر القارات. إنها ليست سوى لمحة بسيطة عن عالم المستقبل من «الجولات المسرحية» التي تؤكد على ضرورة ملحة بشكل متزايد: وفي جميع مداولاتهم، يجب على واضعي السياسات الثقافية وصانعي القرار اليوم، ناهيك عن الفنانين وفرق الإنتاج، أن يعالجوا كمية الانبعاثات الكربونية بسبب الأداء المسرحي.
تملك الأثير.. وتحمل المسؤولية
ثم تأتي مسألة البث الحي، وهي أكثر الميزات التي اعتمدت عليها المؤسسات الثقافية والأداء التمثيلي خلال فترة الحظر بسبب فيروس (كوفيد 19) المستجد. ولكن دعونا ندمج في مفهوم «البث» كل طرق النشر التي تمكن المكان المحدد من السفر عبر الأثير لمكان أو زمان مختلف؛ ولنفهم كلمة «ملكية» بالمعنى الموسع لـ احتواء» و«تقبل» و«افتراض تحمل مسؤولية».
وبوصفها بديلا عن الأداء الحي المطور والتجربة الواقعية، يتمتع البث المباشر بإمكانية فريدة في الوصول لجميع الطبقات والثقافات المحلية والعالمية وبأشكال ثقافية متعددة قد تكون مكلفة أو يتعذر الوصول إليها، وإزالة الطابع المحلي منها.
وسيلعب البث المباشر - بلا شك- دورا رئيسا في مستقبل الأداء المسرحي، ولكن هذا لن يحدث بدون تغييرات جوهرية في النماذج الحالية للملكية أو توليد الإيرادات.
(وقد أكد ذلك الفنانون الذين حققوا نجاحا كبيرا أثناء فترة الحظر بسبب فايروس كوفيد-19 المستجد، أن الفن اليوم لا يستطيع أن يعيش من خلال البث وحده فقط). وأيضا ليس بدون وضع اعتبار للتفاوتات العميقة الموجودة بين الدول والمناطق والأجيال عندما يتعلق الأمر بالوصول إلى النطاق العريض، والتفاوتات التي تعرض مستقبل الفنون التمثيلية للخطر.
إن مجرد بث عروض صممت لأماكن معينة ومستويات محددة دون توطينها أو تغييرها لتناسب الجمهور الجديد لا تعد ابتكارا يدخل في عمق أو اتساع ثورة الوسائط الرقمية. إن البث المباشر يفي بوعده من خلال التفكير بشكل إبداعي أو نقدي في خصوصيته وقدراته وإمكانياته كوسيط ثقافي جديد، ما يعني استكشاف عالم جديد من الخبرة عبر الإنترنت يختلف اختلافا جوهريا عن حضور الأداء حيا في ذات المكان حتى عندما يتقاطع الاثنان (البث عبر الأثير وحضور الأداء حيا).
وعند حدوث التقاطع، يجب فحص نقطة التقاطع هذه بشكل مختلف باعتبارها عرضا ذا قيمة مضافة، مما يثري وينعش تجربة المشاهدة عبر الاثير وحضور الأداء حيا.
ولكي يصبح البث عبر الأثير معبرا عن الأداء الحي المطور، يجب أن يكون مكمل لكل أداء تمثيلي، لا يقل تكاملا أو مادية عن التمثيل في موقع الأداء الحي، أو الشركة، أو الممثلين، أو الجو العام.
لذلك يجب أن يصبح جزءا لا يتجزأ من الفكرة الأساسية والبنية التحتية لمسارح المستقبل.
نعني بمصطلح «تملك الأثير» أشياء متعددة؛ على سبيل المثال: من وجهة نظر الجمهور، المشاركة والاندماج مع البث باعتباره سمة متكاملة لكل أداء تمثيلي. أما من وجهة النظر الاقتصادية، دعم البث لإنشاء المحتوى والمبدعين وفناني التمثيل من خلال نماذج أعمال جديدة؛ ومن وجهة النظر المعمارية، فإن دمج ممكنات البث في كل «مسرح مستقبل» يكون أكثر ديناميكية ويخدم التطورات المستقبلية بقدر الإمكان.
ويعد تملك الأثير مسعى متعدد المستويات: فهو ينطوي على الشمولية والاحتواء، والإنتاج المشترك، والوصول لجميع الطبقات، ولكن في المقام الأول التوفيق بين رأس المال الفعلي والرمزي وإعادة توزيعه.
مهن الأداء التمثيلي الجديدة
وكما أن «مسرح المستقبل» يتطلب بنية معمارية وتحتية وأنماط أداء جديدة، فإنه يتطلب أساليب أكثر تنوعا ومرونة للهياكل التنظيمية والتجارية وإدارة الفنون المسرحية والتوظيف.
المهارات في مسرح المستقبل
مدارس الأداء التمثيلي التقليدية: يتطلب التعليم فيها نهجا عميقا متعدد الأبعاد والتخصصات، واستكشاف أنواع جديدة من العلاقة بين الإبداع والإنتاج والاستهلاك، وبالنسبة إلى العوالم الجديدة من الأداء الحي المطور المدعوم تقنياً، فإنها تقرب بين الأداء التمثيلي والتدريب التقني.
مدارس مخرجي الأداء التقليدية: يتطلب إلى رعاية وتشجيع جيل جديد من المخرجين الذين يطورون عملهم في الأداء الحي المطور بأسلوب طبيعي متكامل في العملية الإبداعية.
الممثلون التقليديون: يتطلب ممثلين أذابوا الحدود الفاصلة ما بين الفنانين والجماهير، كما أصبح استخدام التوسع التقني والافتراضي وإثراء أعمالهم الفنية عن طريقها من عاداتهم اليومية.
مستشارو المسرح التقليديون: يتطلب فرض رؤية متكاملة لمساحات التمثيل من منظور الأداء الحي المطور، مما يسرع بإنشاء أنواع جديدة من العلاقات بين المبدعين والجماهير والمستهلكين ذوي التفكير التفاعلي.
التسويق التقليدي: يتطلب الأمر أنواعا أكثر تطورا من الحوارات التفاعلية مع الجماهير والمستهلكين، وإضفاء الطابع الشخصي، والاعتراف بمدى تجاوزنا الحدود التقليدية غير القابلة للتطبيق بين الفنانين والجمهور.
مديرو الشؤون المالية والمحاسبون التقليديون: يتطلب الأمر أنواعا أكثر تطورا وابتكارا من واضعي نماذج الأعمال ومهندسي الإيرادات.
الهيكليات
• افتراض الحاجة إلى أن يعمل كل من يشارك في المسرحيات بطرق متداخلة ومتعددة المهام، حتى لا تستمر الهياكل التجارية والتنظيمية الجديدة في اعتمادها على المهارات التقليدية.
• وإذا افترضنا الحاجة إلى وضع التسلسلات الهرمية المهنية التقليدية جانبا (والتي كثيرا ما تكون متجذرة في التفاوتات التاريخية والمركزية في اتخاذ القرار وتوزيع الموارد)، فلابد أن تستبدل بالاعتراف بالأولويات لطرق العمل الجديدة، بهدف تحديد وتعزيز وتحقيق طرق عمل مبتكرة.
وقد بدأت الاعتبارات المذكورة أعلاه في تشكيل عالم موسع من مهن الأداء التمثيلية للمرحلة المقبلة. وفيما يلي استشراف المستقبل بقائمة لبعض الأدوار المستحدثة التي قد تظهر نتيجة لذلك:
هايبستر غرفة الانتظار [=WRH]: هو شخص يعادل دوره مذيع أو مقدم برامج في عصر Zoom, وتتمثل وظيفته في الترحيب بالجمهور في غرفة الانتظار الرقمية وجذب انتباهه بينما ينتظر بدء العرض التمثيلي. وسواء كان يعمل كممثل، موسيقي، كوميدي، مهرج، أو ساحر فإن كل ما يهم في دوره أن يقوم ببث الحماس في الجمهور.
سمسار الفضاء الافتراضي [= VSR]: خبير مستقل في مجال «المنازل» التكنولوجية، يساعد الإنتاج على الإبحار بجميع المنصات الرقمية المتاحة والعثور على مزيج من البرمجيات(سوفتوير)الأدوات المحسوسة (هاردوير) البرامج التي تخدم احتياجات الإنتاج على أفضل وجه. وجود روابط قوية مع عالم التكنولوجيا الترفيهية، فإنه يساعد أيضا على الوساطة في الصفقات ذات الفائدة المتبادلة التي تدعم وتعزز بث البرامج.
المدير العام لربط الاتصال [= LMG]: كما هو متوقع في المستقبل فإن التأخر البصري والسمعي والخلل يشكل جزءا لا مفر منه من وسائل الإرسال والأداء التمثيلي الرقمي. الهدف من الوظيفة – والتي هي وظيفة منتج وتقني في ذات الوقت- هي جعل مثل هذه «الأخطاء» تبدو وكأنها جزء لا يتجزأ من كل أداء من خلال تدخلاته وارتجالاته أثناء البث.
مايسترو الشرح المباشر [=LCM]: تتيح العروض المترابطة والشبكية إمكانية زيادة الوصول إليها، فضلا عن أنماط التعبير الجديدة، عن طريق الشرح التوضيحي. تأتي ميزة الشرح المباشر بالعديد من الأشكال حيث يمكن أن يكون بمثابة دعم، حيث يوفر التوازن الصحيح من الدعم النصي لأداء قد يكون من الصعب الوصول إليه لأسباب تتعلق باللغة، أو السياق التاريخي، أو التعقيد.
ويمكن أيضا أن يكون بمثابة نمط أداء في حد ذاته، مع التسميات التوضيحية التي توفر تغذية راجعة (فيدباك) والتعليقات التوضيحية بشكل مباشر، سعياً وراء زيادة التأثير الكوميدي أو الدرامي.
مصور الشاشة (سكرينوغرافر) [= S +]: مصور سينوغرافي للشاشات. تم تدريبه على التفكير الإبداعي والنقدي في تصميم المساحات الرقمية والواقع المعزز والواقع الافتراضي، حيث يقوم بتكييف مهارات وأدوات تصميم المناظر الطبيعية مع البيئات الرقمية واستكشاف أنماط جديدة من تهجين الشاشة / المساحة.
مسؤول إمكانية الوصول [= AO]: AO مسؤول عن ضمان الوصول بكل معاني الكلمة: من الوصول المادي إلى المرافق لكل من الجمهور والموظفين إلى الوصول عبر الإنترنت للجمهور البعيد. لا تشمل المسؤوليات المعنية الإعداد والتخطيط فحسب، بل تشمل أيضا حل المشكلات في موقع التمثيل واونلاين على الفور.
مساعد (منتج) تمثيلي [=PD]: يعمل كمنتج في الموقع مسؤوليته هو جلب أعمال جديدة إلى الوجود عبر الفجوة التناظرية/الرقمية. ومن بين الأدوار الإبداعية (وليس التقنية فقط) له، يسعى إلى تفسير أداء تمثيلي معين بطرق توفق بين خصوصية الموقع والفضاء والحاجة إلى التقاط الصور، والبث الإذاعي، والمشاهدة عن بعد.
منسق لوجستي [= MB]: يشارك في تصميم العرض منذ البداية، وهو المسؤول عن إنشاء مجموعة الأدوات اللازمة والوثائق والدعم الفني الذي سيجعلها قابلة للشحن ومناسبة لأماكن متعددة، مما يقلل أو يلغي الحاجة إلى المزيد من الموظفين للسفر مع العرض.
نماذج التمويل الجديدة
طرق تمويل الفنون الأدائية لا تنتمي لهذا العصر ولم تعد صالحة على عدة أصعدة. هذه الطرق تستثمر وتبنى الأفكار الرجعية وتخصص الموارد بشكل غير متكافئ وفقا للنظريات والطرق القديمة، وغالبا لا تعير أي اهتمام للتغير الديموغرافي والمجتمعي. وبدلا من التفكير في المستقبل، فهذه الطرق مرتبطة بالماضي.
كما أنه يقلل من أهمية دور المؤسسات الثقافية كمحركات لخلق قيمة تتجاوز التنمية الاقتصادية المحلية والإقليمية.
ما الذي يجب أن يعاد التفكير فيه؟
• يظل التمويل الحكومي والعام ضروريا كما كان دائما لأن مسرح المستقبل يتطلب الابتكار (التكاليف المرتبطة ببناء أماكن جديدة على أحدث طراز أو إعادة إحياء المسارح القديمة لن تستطيع عائدات التذاكر وحدها تغطية تكاليفها).
• يجب ألا يكون الشرط المسبق للتمويل العام شيئا تقليديا أو قديما، بل ابتكارا وبناء جمهور جديد. أصبحت كثير من المؤسسات الأكثر تألقا في فنون الأداء التمثيلي متخلفة وتعتمد المرجعية الذاتية في قراراتها، وهناك حاجة ملحة لآليات تشاركية ومجتمعية لتخصيص الموارد على الصعيدين المحلي والوطني، وكذلك للتفكير الإبداعي حول كل من الشراكات المحلية والدولية.
• التمويل الخاص مرحب به أكثر من أي وقت مضى: ليس ليحل محل التمويل العام، ولكن ليتكامل معه (وخاصة عندما يكون بمثابة عامل تغيير وتنشيط).
• إن الأنظمة المالية التي تحكم قطاع فنون الأداء عفا عليها الزمن، وتركز على خلق القيمة المحلية (بالنسبة لمدينتنا ومنطقتنا وما إلى ذلك). نادرا ما يستفيدون من النطاق الكامل لتدفقات الإيرادات المحتملة، إن لم يفعلوا ذلك مطلقًا، تاركين الأموال على الطاولة، وغالبا ما يكون ذلك على حساب الفنانين (غالبا ما يتم التعامل معهم على أنها مجرد «عوامل تكلفة»).
• إن أغلب أنظمة ضريبة القيمة المضافة تصنف فنون الأداء باعتبارها سلعة رفاهية (وهذا خطأ واضح: التمثيل والأداء سلعة أساسية).
• تظل نماذج الرعاية غير ملائمة للاحتياجات الحالية. لقد مضى وقت المساهمة بالأموال في مقابل عرض شعارات الشركات. وهناك حاجة إلى نماذج شراكة جديدة تخلق قيمة حقيقية لكل من الجهات الراعية والمتلقية للأموال الراعية.
• هناك حاجة ماسة إلى التوسع في إدارة التمويل وحقوق الملكية الفكرية (لقد حان الوقت لتجربة نماذج بديلة من التمويل الجماعي إلى المنظمات المستقلة اللامركزية و/أو NFTs).
• ماذا سيحدث إذا لم يتم تبني نماذج تمويل جديدة لبناء ودعم واستدامة المرحلة المستقبلية؟ المسارح التقليدية ستضعف. والجمهور في المستقبل سيتخلى عنها تدريجيا. سيتابعون الفنون التمثيلية على الشاشة فقط. في المرحلة المستقبلية، تعد الشاشة والعروض المباشرة أفضل صديقين: حيث إنها الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها إعادة الحياة للعروض المباشرة وتجديدها في دورها التأسيسي كأداء حي مطور.
ماذا يتطلب من مسرح المستقبل؟
بنية تحتية معمارية وتنظيمية وبشرية جديدة وأسس مادية جديدة، ونماذج تمويل جديدة، وأدوار مهنية جديدة.
الأداء الحي المطور هو المعيار في مسرح المستقبل مع بناء نظام بيئي يعزز الشمولية.
تحسين فرص الوصول، وخفض التكاليف، إلى جانب أنماط الأداء التمثيلي التشاركية وتفاعل الجمهور.
تثقيف الجمهور والترحيب بهم، ولن يعيدهم إلى الواقع إلا الأساليب الجديدة لجدولة البرامج.
يعد البث وسيلة إبداعية (وليس دعما) لمسرح المستقبل منصات رقمية أفضل وأكثر عدلا وأكثر إبداعا لدعم صانعي المحتوى ومشاركة الجمهور؛ المنصات التي تروج لنماذج الملكية المنصفة والموزعة للمحتوى الثقافي.
تمويل عام وخاص على حد سواء، ولكن بتركيز كبير على بناء جماهير جديدة.
***********
البحث بإشراف ميتالاب (آت) هارفارد metaLAB (at) Harvard
منسق البحث:
Paolo Petrocelli
Jeffrey Schnapp
أعضاء فريق البحث:
Matthew Battles (الولايات المتحدة الأمريكية)
Director of Scholarly Initiatives, metaLAB (at) Harvard
Cathie Boyd (ايرلندا/أسكوتلندا)
Founder & Artistic Director, Cryptic
Marc Brickman (الولايات المتحدة الأمريكية)
Managing Director, Tactical Manoeuvre
Paolo Ciuccarelli (إيطاليا/الولايات المتحدة الأمريكية)
Founding Director, Center for Design, Northeastern University, Boston
Wesley Cornwell (الولايات المتحدة الأمريكية)
Harvard Graduate School of Design
Lins Derry (الولايات المتحدة الأمريكية)
Prinicipal, metaLAB (at) Harvard
Evenlyn Ficarra (المملكة المتحدة)
Associate Director, Centre for Research in Opera and Music Theatre, University of Sussex
Mariana Ibañez (الأرجنتين/الولايات المتحدة الأمريكية)
Chair and Associate Professor, Architecture and Urban Design,
UCLACo-founder, Ibañez Kim
Simone Kim (الولايات المتحدة الأمريكية)
Director, Immersive Kinematics Research Group;
Co-founder, Ibañez Kim
محمد عبيدالله (المملكة العربية السعودية)
منتج
Paolo Petrocelli (ايطاليا)
Research Affiliate, metaLAB at Harvard
Jay Pather (جنوب أفريقيا)
Director, Institute for Creative Arts, University of Cape Town
Cui Qiao (الصين)
President, Beijing Contemporary Art Foundation
Matthias Röder (النمسا)
Managing Director of the von Karajan Institute
Magda Romanska (الولايات المتحدة الأمريكية)
Associate Professor of Theatre Studies and Dramaturgy, Emerson College;
Executive Director and Editor-in-Chief, TheTheatreTimes.com
Adama Sanneh (ايطاليا)
Co-Founder and CEO, Moleskine Foundation
Anthony Sargent (المملكة المتحدة)
International Cultural Consultant
Jeffrey Schnapp (الولايات المتحدة الأمريكية)
Faculty Director, metaLAB (at) Harvard
Shain Shapiro (المملكة المتحدة)
Founder & CEO, Sound Diplomacy
Sydney Skybetter (الولايات المتحدة الأمريكية)
Founder, Conference for Research on Choreographic Interfaces
Jean-Philippe Thiellay (فرنسا)
President, Centre national de la musique
Shahrokh Yadegari (الولايات المتحدة الأمريكية)
Director, Sonic Arts Research and Development group at the University of California San Diego;
Initiative for Digital Exploration of Arts and Sciences at the Qualcomm Institute
على إثر تداعيات الجائحة وتأثيرها المباشر وغير المباشر على الثقافة والفنون في أنحاء العالم، قام مجموعة من الباحثين، من بينهم المنتج السعودي محمد عبيدالله، وبإشراف ميتا لاب آت هارفارد Metalab (at) Harvard بعمل بحث استمر عاما كاملا عن مستقبل المسرح في محاولة لإنقاذه، ونشر البحث في مجلات متخصصة عدة في مجال المسرح.
وخلص البحث إلى وسائل عدة يمكنها إيصالنا إلى مسرح المستقبل الذي يتطلب بنية تحتية معمارية وتنظيمية وبشرية جديدة، إلى جانب أداء حي مطور هو المعيار في المستقبل. وفيما يتعلق بجمهور المسرح فهو يحتاج إلى تثقيف.
كما يتطلب مسرح المستقبل منصات رقمية أفضل وأكثر عدلا وأكثر إبداعا لدعم صانعي المحتوى ومشاركة الجمهور، كما يتطلب تمويلا عاما وخاصا على حد سواء، ولكن بتركيز كبير على بناء جماهير جديدة.
التمثيل ليس سلعة
وبحسب البحث فإنه لا يمكن اعتبار التمثيل في جوهره كسلعة، ولا يصنف كوسيلة من وسائل الترف والرفاهية، وهو شيء لا يمكن أن يوضع على هامش الحياة، فهو ليس حكرا على الأثير أو الحكومات أو الممولين من القطاع الخاص أو على المساحات التي يتم تأديتها فيها.
وسواء اعتبرناه شكلا من أشكال الارتجال على جانب الطريق أو عرضا رسميا لعمل مكرس من القرون الماضية، فالتمثيل ينتمي للحظة الراهنة ويعبر عنها.
إن التمثيل أو الأداء متداخل ومترابط من حيث إنه دائم النشأة والتجدد ويجرى إحياؤه من جديد في أداء التمثيل نفسه. وهو قانون يتضمن الأصوات والمشاهد والروائح والأجسام والمسافات والوقت واللمسات، كما أنه على ارتباط وثيق مع جميع الفنون الأخرى مكانيا وبصريا.
والتمثيل أو الأداء عبارة عن منظومة مبنية على التفاعلات: بين المؤدي، وفريق الإنتاج، والجمهور؛ وبين الطبيعة والثقافة؛ وبين الإنسان والآلة؛ وبين الهندسة المعمارية والكائنات الحية.
كما يعد التمثيل حاجة إنسانية: من أجل حرية التعبير، وإطلاق العنان للخيال وإعمال الفكر، ولأجل الإحساس العميق بانتماء الفرد لنفسه وللجماعة، ومن أجل الخبرات التراكمية التي تبنى عليها المجتمعات والقواسم المشتركة.
وفي التسلسل الهرمي للاحتياجات الإنسانية الأساسية، يوفر التمثيل الأدوات اللازمة لتحقيق الذات، واحترام الذات، والشعور بالألفة، والترابط الاجتماعي داخل المجتمعات وفيما بينها.
وعندما نقول إن التمثيل حق من حقوق الانسان، فإننا لا نقصد به المفهوم التنويري المألوف الذي كثيرا ما يحاول تمرير الوقائع المتعارف عليها على أنها حقائق مثالية عالمية على حساب ثقافات السكان الأصليين والشعوب المستعمرة أو المحرومة من حقوقها. هو عبارة عن «حق» زاخر بالأسئلة الجوهرية مثل: كيف يمكن للحق في الأداء التمثيلي أن يبني على مباحثات حقوق الإنسان بعد الحرب أو يصقلها أو ينتقدها أو يصلح منها؟ كيف يتسع نطاق هذا الحق عبر طيف الفنون من الرقص إلى الأوبرا، أو الموسيقى إلى المسرح، أو الفيديو إلى وسائط الإعلام، أو فيما يتعلق بنماذج الثقافة المتزعزعة (الانتقال الثقافي من أسفل إلى أعلى أو العكس)؟ كيف يمكن أن يوفق ليس فقط بين الجماهير والممارسات التي تشكل عالم التمثيل، بل وأن يكون بمثابة جسر يربط بين الشعوب والثقافات والطبقات الاجتماعية والأجيال المختلفة؟ وكيف يمكن أن يترجم على نحو أكثر إنصافا إلى نظام لحقوق الملكية للممثلين والمبدعين؟
وبما أن التمثيل حق من حقوق الإنسان، فيجب أن يصبح الحق في التمثيل وفي تجربة الأداء جزءا لا يتجزأ من تخطيط السياسات والحياة الاقتصادية المتأصلة في النسيج الاجتماعي للأماكن العامة والخطاب المدني، ولا سيما الآن في الوقت الذي يتصدى فيه العالم لصدمة الخسائر الوبائية وضرورة إعادة بناء شعور جديد بالمجتمع المحلي والعالمي وتقاسم المسؤولية عن مصير كوكب الأرض. وعلى نحو مماثل، فيما يتصل بالسياسة التعليمية: فلا ينبغي لنا أن نعتبر تعليم الأطفال كاملا إذا لم تكن فنون التمثيل ضمن تجاربهم التي تعد جزءا لا يتجزأ من ثقافتهم.
ترابط المنصات التمثيلية
لأن الأداء التمثيلي جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي، فالمسرح (بالمفهوم التقليدي) ليس سوى المكان الأكثر وضوحا في التعبير عنه وعليه فإن مجموع المسارح في مدينة ما تعبر عن هوية وحياة المجتمع في ذلك الزمان والمكان.
لهذا السبب يجب أن يكون «مسرح المستقبل» مترابطا بشكل وثيق مع المنصات التمثيلية الأخرى التي يتم فيها تمثيل الحياة المعاصرة، بدءا من الشوارع والأرصفة مرورا بالتيك توك (Tiktok) والزوم (Zoom) إلى أماكن العمل وإلى المهرجانات والمعارض الثقافية.
وبالتالي، فإنه لا يمكن للمساحات المخصصة التي تدعم أنماط التمثيل على خشبة المسرح أن تكون مجرد مسارح قديمة عفا عليها الزمن، بل يجب أن تكون بمثابة النسيج الذي يصل بين الداخل والخارج، بين الماضي والحاضر والمستقبل، بين خشبة المسرح والإنترنت.
إن البنية المادية لتلك المساحات تعكس بالضرورة هذه الهوية الوصلية، حتى عندما يتم اختيار ذلك النمط من التمثيل الذي يتجنب التكنولوجيا الرقمية.
كيف يبدو مثل هذا المسرح أو مكان العرض؟ ما الشكل الذي يجب أن يتخذه؟ العديد من الأشكال الخاصة بالموقع والسياق والنوع الأدبي.
المجازفة
ولكن لا يكفي استنساخ النماذج التقليدية أو بناء المسارح ذات الهياكل المعدنية (الصناديق السوداء)، وترك مهمة ملئها للمستقبل.
ويتعين على هندسة المسرح الجديدة أن تجازف، وسوف تكون تلك المجازفات مترابطة، متعددة الوسائط، وعابرة للثقافات.
أوضاع المسرح
01 مسرح المستقبل هو مختبر إذاعي يبنى على مسارح المختبرات في القرن الماضي، والتجمعات المجتمعية، والطقوس.
02 يكون استوديو إنتاج حيث الجمهور في المقدمة والخلف، وعلى الجوانب، على خشبة المسرح وخارجه، في المسرح وعبر الإنترنت.
03 يكون على شكل ملعب تفاعلي تشاركي تستوي فيه الحقيقة مع الأوهام والأحلام الافتراضية.
04 عبارة عن «مساحة» موزعة تتواجد فقط في السحابة الافتراضية، حيث يكون الذكاء الاصطناعي هو الراوي، ويستمر فقط الواقع الافتراضي.
05 الرسوم المتحركة للمساحات الداخلية والخارجية التي تم تصورها دون أي إشارة إلى أنها مسارح أو منصات.
06 إنها مرحلة ذهنية، دون الحاجة إلى أي تجسيد آخر.
الأداء الحي المطور
من بين الأماكن المخصصة للأداء التي صنعت الحياة المعاصرة، تلك المرتبطة بالانتشار الواسع للشبكات والأجهزة المتصلة بها، والطرق العديدة التي تعيد تشكيل ملامح التجربة البشرية والتفاعل مع البيئة.
إن الهالة الناتجة – سواء من الممثلين أو للجمهور- من تدفقات البيانات والخوارزميات التي تحيط الآن بكل فعل بشري، وتثقفه وتنبع منه، تتطلب مفهوما موسعا للأداء الحي (Live Performance): ما نسميه «الأداء الحي المطور».
ويمكن، بل ويجب، أن يظل الأداء الحي المطور سمة أساسية من سمات جميع أشكال المشاهد في الماضي والحاضر على حد سواء.
لكن الأداء الحي المطور في المسرح المستقبلي تعني الصراع مع «متى؟ ومن؟ وماذا؟ وأين؟» للأداء التمثيلي بحيث تتلاشى الحدود بين الحضور الواقعي والحضور عن بعد، بين المجسدين والوسطاء، بين الأفعال البشرية وتدفقات البيانات، بين الوعي والميتافيرس (الواقع الافتراضي).
ولم يعد من الممكن فهم هذه الطريقة الموسعة للمسرح على أنها فكرة لاحقة. بل إنها تستلزم فتح آفاق جديدة من الخبرة أمام الجمهور والممثلين مثل: تجارب من زوايا لم يكن من الممكن تصورها حتى الآن، وعلى مقاييس زمنية أو إدراكية لا يمكن تصورها بعد؛ وأحداث مصممة لإضافة قيمة إلى كل قناة تقوم ببناء التجربة.
ولا يحتاج الأداء الحي المطور أن يكون مرتبطا بكل مسرح مستقبلي فقط، بل يجب أن يضيف نماذج جديدة للإدارة والجدولة وأنماط الأعمال؛ ونماذج جديدة للشمول والوصول والانفتاح؛ ونماذج جديدة للحوكمة والملكية، فضلا عن الأطر القانونية. إنه ينطوي على طرق جديدة لتدريب الفنانين والممثلين الذين يواجهون صراعا حادا مع الطبيعة المتغيرة للتمثيل نفسه وتقليص الحدود بين الممثلين وجمهورهم. كما إنه يشتمل على إعادة التفكير في السمات الأساسية للممارسة الفنية واقتصاد الفنون مثل: الجولات الفنية (المسرح المتنقل).
اختبار الجولات المسرحية
لا تزال الجولات المسرحية إحدى ركائز اقتصاد التمثيل المسرحي الحديث. لكن لا يمكن اعتبارها حقا إنسانيا بقدر ما هي ضرورة بالنسبة للممثلين الذين لا يمكنهم الحصول على قوت يومهم بالاعتماد على مبيعات التذاكر والتسجيلات وحدها، وذلك نظرا للدور المتنامي الذي يلعبه رعاة العلامات التجارية، والناشرين، وصالات العرض، وخدمات البث، وغير ذلك من الوسطاء. وكل هذا يجب أن يتغير.
ويتطلب الواقع القاسي لتغير المناخ نماذج جديدة لتطوير البرامج، والمشاركة، والإعالة، والتوزيع، وإعادة ابتكار الجولات المسرحية، وإعادة تصور الطريقة التي نضمن بها حرية انتقال الأفكار والثقافات حول العالم. لذا يجب أن يكون زيادة الجولات المسرحية -بمفهومها التقليدي- استثناء وليس الأصل.
ويتطلب ذلك إعادة تعريف مبتكرة للجولات المسرحية: أن تكون سريعة التطور ومنخفضة التكلفة ومتطورة عن بعد وذات أشكال تمثيلية متعددة المواقع وذات تعاون عابر للحدود عن طريق الاستفادة من المنصات الرقمية. كذلك أن يتم جدولة العروض المسرحية لتسهيل السفر من موقع إلى آخر بأقل تنقلات بشرية ممكنة؛ وأيضا إقامة الممثلين في عدد محدد من التجمعات بدلا من التنقل بين المدن المكلفة وعبر القارات. إنها ليست سوى لمحة بسيطة عن عالم المستقبل من «الجولات المسرحية» التي تؤكد على ضرورة ملحة بشكل متزايد: وفي جميع مداولاتهم، يجب على واضعي السياسات الثقافية وصانعي القرار اليوم، ناهيك عن الفنانين وفرق الإنتاج، أن يعالجوا كمية الانبعاثات الكربونية بسبب الأداء المسرحي.
تملك الأثير.. وتحمل المسؤولية
ثم تأتي مسألة البث الحي، وهي أكثر الميزات التي اعتمدت عليها المؤسسات الثقافية والأداء التمثيلي خلال فترة الحظر بسبب فيروس (كوفيد 19) المستجد. ولكن دعونا ندمج في مفهوم «البث» كل طرق النشر التي تمكن المكان المحدد من السفر عبر الأثير لمكان أو زمان مختلف؛ ولنفهم كلمة «ملكية» بالمعنى الموسع لـ احتواء» و«تقبل» و«افتراض تحمل مسؤولية».
وبوصفها بديلا عن الأداء الحي المطور والتجربة الواقعية، يتمتع البث المباشر بإمكانية فريدة في الوصول لجميع الطبقات والثقافات المحلية والعالمية وبأشكال ثقافية متعددة قد تكون مكلفة أو يتعذر الوصول إليها، وإزالة الطابع المحلي منها.
وسيلعب البث المباشر - بلا شك- دورا رئيسا في مستقبل الأداء المسرحي، ولكن هذا لن يحدث بدون تغييرات جوهرية في النماذج الحالية للملكية أو توليد الإيرادات.
(وقد أكد ذلك الفنانون الذين حققوا نجاحا كبيرا أثناء فترة الحظر بسبب فايروس كوفيد-19 المستجد، أن الفن اليوم لا يستطيع أن يعيش من خلال البث وحده فقط). وأيضا ليس بدون وضع اعتبار للتفاوتات العميقة الموجودة بين الدول والمناطق والأجيال عندما يتعلق الأمر بالوصول إلى النطاق العريض، والتفاوتات التي تعرض مستقبل الفنون التمثيلية للخطر.
إن مجرد بث عروض صممت لأماكن معينة ومستويات محددة دون توطينها أو تغييرها لتناسب الجمهور الجديد لا تعد ابتكارا يدخل في عمق أو اتساع ثورة الوسائط الرقمية. إن البث المباشر يفي بوعده من خلال التفكير بشكل إبداعي أو نقدي في خصوصيته وقدراته وإمكانياته كوسيط ثقافي جديد، ما يعني استكشاف عالم جديد من الخبرة عبر الإنترنت يختلف اختلافا جوهريا عن حضور الأداء حيا في ذات المكان حتى عندما يتقاطع الاثنان (البث عبر الأثير وحضور الأداء حيا).
وعند حدوث التقاطع، يجب فحص نقطة التقاطع هذه بشكل مختلف باعتبارها عرضا ذا قيمة مضافة، مما يثري وينعش تجربة المشاهدة عبر الاثير وحضور الأداء حيا.
ولكي يصبح البث عبر الأثير معبرا عن الأداء الحي المطور، يجب أن يكون مكمل لكل أداء تمثيلي، لا يقل تكاملا أو مادية عن التمثيل في موقع الأداء الحي، أو الشركة، أو الممثلين، أو الجو العام.
لذلك يجب أن يصبح جزءا لا يتجزأ من الفكرة الأساسية والبنية التحتية لمسارح المستقبل.
نعني بمصطلح «تملك الأثير» أشياء متعددة؛ على سبيل المثال: من وجهة نظر الجمهور، المشاركة والاندماج مع البث باعتباره سمة متكاملة لكل أداء تمثيلي. أما من وجهة النظر الاقتصادية، دعم البث لإنشاء المحتوى والمبدعين وفناني التمثيل من خلال نماذج أعمال جديدة؛ ومن وجهة النظر المعمارية، فإن دمج ممكنات البث في كل «مسرح مستقبل» يكون أكثر ديناميكية ويخدم التطورات المستقبلية بقدر الإمكان.
ويعد تملك الأثير مسعى متعدد المستويات: فهو ينطوي على الشمولية والاحتواء، والإنتاج المشترك، والوصول لجميع الطبقات، ولكن في المقام الأول التوفيق بين رأس المال الفعلي والرمزي وإعادة توزيعه.
مهن الأداء التمثيلي الجديدة
وكما أن «مسرح المستقبل» يتطلب بنية معمارية وتحتية وأنماط أداء جديدة، فإنه يتطلب أساليب أكثر تنوعا ومرونة للهياكل التنظيمية والتجارية وإدارة الفنون المسرحية والتوظيف.
المهارات في مسرح المستقبل
مدارس الأداء التمثيلي التقليدية: يتطلب التعليم فيها نهجا عميقا متعدد الأبعاد والتخصصات، واستكشاف أنواع جديدة من العلاقة بين الإبداع والإنتاج والاستهلاك، وبالنسبة إلى العوالم الجديدة من الأداء الحي المطور المدعوم تقنياً، فإنها تقرب بين الأداء التمثيلي والتدريب التقني.
مدارس مخرجي الأداء التقليدية: يتطلب إلى رعاية وتشجيع جيل جديد من المخرجين الذين يطورون عملهم في الأداء الحي المطور بأسلوب طبيعي متكامل في العملية الإبداعية.
الممثلون التقليديون: يتطلب ممثلين أذابوا الحدود الفاصلة ما بين الفنانين والجماهير، كما أصبح استخدام التوسع التقني والافتراضي وإثراء أعمالهم الفنية عن طريقها من عاداتهم اليومية.
مستشارو المسرح التقليديون: يتطلب فرض رؤية متكاملة لمساحات التمثيل من منظور الأداء الحي المطور، مما يسرع بإنشاء أنواع جديدة من العلاقات بين المبدعين والجماهير والمستهلكين ذوي التفكير التفاعلي.
التسويق التقليدي: يتطلب الأمر أنواعا أكثر تطورا من الحوارات التفاعلية مع الجماهير والمستهلكين، وإضفاء الطابع الشخصي، والاعتراف بمدى تجاوزنا الحدود التقليدية غير القابلة للتطبيق بين الفنانين والجمهور.
مديرو الشؤون المالية والمحاسبون التقليديون: يتطلب الأمر أنواعا أكثر تطورا وابتكارا من واضعي نماذج الأعمال ومهندسي الإيرادات.
الهيكليات
• افتراض الحاجة إلى أن يعمل كل من يشارك في المسرحيات بطرق متداخلة ومتعددة المهام، حتى لا تستمر الهياكل التجارية والتنظيمية الجديدة في اعتمادها على المهارات التقليدية.
• وإذا افترضنا الحاجة إلى وضع التسلسلات الهرمية المهنية التقليدية جانبا (والتي كثيرا ما تكون متجذرة في التفاوتات التاريخية والمركزية في اتخاذ القرار وتوزيع الموارد)، فلابد أن تستبدل بالاعتراف بالأولويات لطرق العمل الجديدة، بهدف تحديد وتعزيز وتحقيق طرق عمل مبتكرة.
وقد بدأت الاعتبارات المذكورة أعلاه في تشكيل عالم موسع من مهن الأداء التمثيلية للمرحلة المقبلة. وفيما يلي استشراف المستقبل بقائمة لبعض الأدوار المستحدثة التي قد تظهر نتيجة لذلك:
هايبستر غرفة الانتظار [=WRH]: هو شخص يعادل دوره مذيع أو مقدم برامج في عصر Zoom, وتتمثل وظيفته في الترحيب بالجمهور في غرفة الانتظار الرقمية وجذب انتباهه بينما ينتظر بدء العرض التمثيلي. وسواء كان يعمل كممثل، موسيقي، كوميدي، مهرج، أو ساحر فإن كل ما يهم في دوره أن يقوم ببث الحماس في الجمهور.
سمسار الفضاء الافتراضي [= VSR]: خبير مستقل في مجال «المنازل» التكنولوجية، يساعد الإنتاج على الإبحار بجميع المنصات الرقمية المتاحة والعثور على مزيج من البرمجيات(سوفتوير)الأدوات المحسوسة (هاردوير) البرامج التي تخدم احتياجات الإنتاج على أفضل وجه. وجود روابط قوية مع عالم التكنولوجيا الترفيهية، فإنه يساعد أيضا على الوساطة في الصفقات ذات الفائدة المتبادلة التي تدعم وتعزز بث البرامج.
المدير العام لربط الاتصال [= LMG]: كما هو متوقع في المستقبل فإن التأخر البصري والسمعي والخلل يشكل جزءا لا مفر منه من وسائل الإرسال والأداء التمثيلي الرقمي. الهدف من الوظيفة – والتي هي وظيفة منتج وتقني في ذات الوقت- هي جعل مثل هذه «الأخطاء» تبدو وكأنها جزء لا يتجزأ من كل أداء من خلال تدخلاته وارتجالاته أثناء البث.
مايسترو الشرح المباشر [=LCM]: تتيح العروض المترابطة والشبكية إمكانية زيادة الوصول إليها، فضلا عن أنماط التعبير الجديدة، عن طريق الشرح التوضيحي. تأتي ميزة الشرح المباشر بالعديد من الأشكال حيث يمكن أن يكون بمثابة دعم، حيث يوفر التوازن الصحيح من الدعم النصي لأداء قد يكون من الصعب الوصول إليه لأسباب تتعلق باللغة، أو السياق التاريخي، أو التعقيد.
ويمكن أيضا أن يكون بمثابة نمط أداء في حد ذاته، مع التسميات التوضيحية التي توفر تغذية راجعة (فيدباك) والتعليقات التوضيحية بشكل مباشر، سعياً وراء زيادة التأثير الكوميدي أو الدرامي.
مصور الشاشة (سكرينوغرافر) [= S +]: مصور سينوغرافي للشاشات. تم تدريبه على التفكير الإبداعي والنقدي في تصميم المساحات الرقمية والواقع المعزز والواقع الافتراضي، حيث يقوم بتكييف مهارات وأدوات تصميم المناظر الطبيعية مع البيئات الرقمية واستكشاف أنماط جديدة من تهجين الشاشة / المساحة.
مسؤول إمكانية الوصول [= AO]: AO مسؤول عن ضمان الوصول بكل معاني الكلمة: من الوصول المادي إلى المرافق لكل من الجمهور والموظفين إلى الوصول عبر الإنترنت للجمهور البعيد. لا تشمل المسؤوليات المعنية الإعداد والتخطيط فحسب، بل تشمل أيضا حل المشكلات في موقع التمثيل واونلاين على الفور.
مساعد (منتج) تمثيلي [=PD]: يعمل كمنتج في الموقع مسؤوليته هو جلب أعمال جديدة إلى الوجود عبر الفجوة التناظرية/الرقمية. ومن بين الأدوار الإبداعية (وليس التقنية فقط) له، يسعى إلى تفسير أداء تمثيلي معين بطرق توفق بين خصوصية الموقع والفضاء والحاجة إلى التقاط الصور، والبث الإذاعي، والمشاهدة عن بعد.
منسق لوجستي [= MB]: يشارك في تصميم العرض منذ البداية، وهو المسؤول عن إنشاء مجموعة الأدوات اللازمة والوثائق والدعم الفني الذي سيجعلها قابلة للشحن ومناسبة لأماكن متعددة، مما يقلل أو يلغي الحاجة إلى المزيد من الموظفين للسفر مع العرض.
نماذج التمويل الجديدة
طرق تمويل الفنون الأدائية لا تنتمي لهذا العصر ولم تعد صالحة على عدة أصعدة. هذه الطرق تستثمر وتبنى الأفكار الرجعية وتخصص الموارد بشكل غير متكافئ وفقا للنظريات والطرق القديمة، وغالبا لا تعير أي اهتمام للتغير الديموغرافي والمجتمعي. وبدلا من التفكير في المستقبل، فهذه الطرق مرتبطة بالماضي.
كما أنه يقلل من أهمية دور المؤسسات الثقافية كمحركات لخلق قيمة تتجاوز التنمية الاقتصادية المحلية والإقليمية.
ما الذي يجب أن يعاد التفكير فيه؟
• يظل التمويل الحكومي والعام ضروريا كما كان دائما لأن مسرح المستقبل يتطلب الابتكار (التكاليف المرتبطة ببناء أماكن جديدة على أحدث طراز أو إعادة إحياء المسارح القديمة لن تستطيع عائدات التذاكر وحدها تغطية تكاليفها).
• يجب ألا يكون الشرط المسبق للتمويل العام شيئا تقليديا أو قديما، بل ابتكارا وبناء جمهور جديد. أصبحت كثير من المؤسسات الأكثر تألقا في فنون الأداء التمثيلي متخلفة وتعتمد المرجعية الذاتية في قراراتها، وهناك حاجة ملحة لآليات تشاركية ومجتمعية لتخصيص الموارد على الصعيدين المحلي والوطني، وكذلك للتفكير الإبداعي حول كل من الشراكات المحلية والدولية.
• التمويل الخاص مرحب به أكثر من أي وقت مضى: ليس ليحل محل التمويل العام، ولكن ليتكامل معه (وخاصة عندما يكون بمثابة عامل تغيير وتنشيط).
• إن الأنظمة المالية التي تحكم قطاع فنون الأداء عفا عليها الزمن، وتركز على خلق القيمة المحلية (بالنسبة لمدينتنا ومنطقتنا وما إلى ذلك). نادرا ما يستفيدون من النطاق الكامل لتدفقات الإيرادات المحتملة، إن لم يفعلوا ذلك مطلقًا، تاركين الأموال على الطاولة، وغالبا ما يكون ذلك على حساب الفنانين (غالبا ما يتم التعامل معهم على أنها مجرد «عوامل تكلفة»).
• إن أغلب أنظمة ضريبة القيمة المضافة تصنف فنون الأداء باعتبارها سلعة رفاهية (وهذا خطأ واضح: التمثيل والأداء سلعة أساسية).
• تظل نماذج الرعاية غير ملائمة للاحتياجات الحالية. لقد مضى وقت المساهمة بالأموال في مقابل عرض شعارات الشركات. وهناك حاجة إلى نماذج شراكة جديدة تخلق قيمة حقيقية لكل من الجهات الراعية والمتلقية للأموال الراعية.
• هناك حاجة ماسة إلى التوسع في إدارة التمويل وحقوق الملكية الفكرية (لقد حان الوقت لتجربة نماذج بديلة من التمويل الجماعي إلى المنظمات المستقلة اللامركزية و/أو NFTs).
• ماذا سيحدث إذا لم يتم تبني نماذج تمويل جديدة لبناء ودعم واستدامة المرحلة المستقبلية؟ المسارح التقليدية ستضعف. والجمهور في المستقبل سيتخلى عنها تدريجيا. سيتابعون الفنون التمثيلية على الشاشة فقط. في المرحلة المستقبلية، تعد الشاشة والعروض المباشرة أفضل صديقين: حيث إنها الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها إعادة الحياة للعروض المباشرة وتجديدها في دورها التأسيسي كأداء حي مطور.
ماذا يتطلب من مسرح المستقبل؟
بنية تحتية معمارية وتنظيمية وبشرية جديدة وأسس مادية جديدة، ونماذج تمويل جديدة، وأدوار مهنية جديدة.
الأداء الحي المطور هو المعيار في مسرح المستقبل مع بناء نظام بيئي يعزز الشمولية.
تحسين فرص الوصول، وخفض التكاليف، إلى جانب أنماط الأداء التمثيلي التشاركية وتفاعل الجمهور.
تثقيف الجمهور والترحيب بهم، ولن يعيدهم إلى الواقع إلا الأساليب الجديدة لجدولة البرامج.
يعد البث وسيلة إبداعية (وليس دعما) لمسرح المستقبل منصات رقمية أفضل وأكثر عدلا وأكثر إبداعا لدعم صانعي المحتوى ومشاركة الجمهور؛ المنصات التي تروج لنماذج الملكية المنصفة والموزعة للمحتوى الثقافي.
تمويل عام وخاص على حد سواء، ولكن بتركيز كبير على بناء جماهير جديدة.
***********
البحث بإشراف ميتالاب (آت) هارفارد metaLAB (at) Harvard
منسق البحث:
Paolo Petrocelli
Jeffrey Schnapp
أعضاء فريق البحث:
Matthew Battles (الولايات المتحدة الأمريكية)
Director of Scholarly Initiatives, metaLAB (at) Harvard
Cathie Boyd (ايرلندا/أسكوتلندا)
Founder & Artistic Director, Cryptic
Marc Brickman (الولايات المتحدة الأمريكية)
Managing Director, Tactical Manoeuvre
Paolo Ciuccarelli (إيطاليا/الولايات المتحدة الأمريكية)
Founding Director, Center for Design, Northeastern University, Boston
Wesley Cornwell (الولايات المتحدة الأمريكية)
Harvard Graduate School of Design
Lins Derry (الولايات المتحدة الأمريكية)
Prinicipal, metaLAB (at) Harvard
Evenlyn Ficarra (المملكة المتحدة)
Associate Director, Centre for Research in Opera and Music Theatre, University of Sussex
Mariana Ibañez (الأرجنتين/الولايات المتحدة الأمريكية)
Chair and Associate Professor, Architecture and Urban Design,
UCLACo-founder, Ibañez Kim
Simone Kim (الولايات المتحدة الأمريكية)
Director, Immersive Kinematics Research Group;
Co-founder, Ibañez Kim
محمد عبيدالله (المملكة العربية السعودية)
منتج
Paolo Petrocelli (ايطاليا)
Research Affiliate, metaLAB at Harvard
Jay Pather (جنوب أفريقيا)
Director, Institute for Creative Arts, University of Cape Town
Cui Qiao (الصين)
President, Beijing Contemporary Art Foundation
Matthias Röder (النمسا)
Managing Director of the von Karajan Institute
Magda Romanska (الولايات المتحدة الأمريكية)
Associate Professor of Theatre Studies and Dramaturgy, Emerson College;
Executive Director and Editor-in-Chief, TheTheatreTimes.com
Adama Sanneh (ايطاليا)
Co-Founder and CEO, Moleskine Foundation
Anthony Sargent (المملكة المتحدة)
International Cultural Consultant
Jeffrey Schnapp (الولايات المتحدة الأمريكية)
Faculty Director, metaLAB (at) Harvard
Shain Shapiro (المملكة المتحدة)
Founder & CEO, Sound Diplomacy
Sydney Skybetter (الولايات المتحدة الأمريكية)
Founder, Conference for Research on Choreographic Interfaces
Jean-Philippe Thiellay (فرنسا)
President, Centre national de la musique
Shahrokh Yadegari (الولايات المتحدة الأمريكية)
Director, Sonic Arts Research and Development group at the University of California San Diego;
Initiative for Digital Exploration of Arts and Sciences at the Qualcomm Institute