بين اللسانيات والنقد الأدبي
الخميس - 28 يوليو 2022
Thu - 28 Jul 2022
يمكن القول إن تعامل النقد مع النصوص الأدبية قد مر بمرحلتين حاسمتين، الأولى هي ما أطلق عليه بمرحلة المناهج السياقية (المنهج التاريخي، والاجتماعي، والنفسي) والمرحلة الثانية وهي المرحلة النصية التي تشكلت مع بزوغ شمس اللسانيات الحديثة مع «فرديناند دوسوسير» في مفتتح القرن العشرين.
وقد اتخذت مناهج النقد السياقي من العناصر المحيطة بالعمل الإبداعي والمؤثرة في إنتاجه وتلقيه مرتكزا لكل قراءة نقدية للعمل الإبداعي، وبذلك فهي مناهج تقوم على إضاءة النص من الخارج، من خلال الوقوف عند ما يحيط بالنص من سياقات تاريخية، واجتماعية، ونفسية التي توجه رؤية المبدع، وبذلك تكون تلك المواجهات الخارجية سبيلا لفهم النص الإبداعي والكشف عن أسراره، الأمر الذي يجعل الآليات المنهجية لمقاربة النص تختلف من منهج سياقي إلى منهج آخر.
أما الاتجاهات النقدية النصية، فهي اتجاهات لسانية تنطلق من النص الأدبي ذاته، من دون أن تعير كبير أهمية لما هو خارجه، فهي تنطلق من بنيته اللغوية الداخلية، وتركز جهودها على اكتشاف البناء النصي الذي ينتج دلالة النص، فإذا كانت عبقرية المبدع ترجع إلى الإبداع اللغوي، حسب ما يرى جان كوهن، وإلى مهارة الشاعر في التعبير عن تجربته الشعرية وصياغة أفكاره وتشخيص تداعياته وأخيلته بوساطة اللغة، فإن الاتجاهات النصية، -كما يشير بسام قطوس- هي طرائق متنوعة تقارب النصوص مقاربة محادثة دون الخوض في المرجعيات الخارجية، مع تركيز على النص بوصفه بنية لغوية وجمالية مكتفية بذاتها، كذلك حرصت هذه الاتجاهات على أن يكون الناقد موضوعيا وعلميا يتخلى عن أحكامه الانطباعية في التعامل مع النصوص. ويستند الناقد الأدبي في النقد النصي إلى تحليل بنية النص، ونسيج علاقاته الداخلية كي يصل إلى فهم النص المقروء.
وقد تعددت الاتجاهات اللسانية في النقد ولعل من أبرزها: الاتجاه الأسلوبي، والاتجاه البنيوي، والاتجاه السيميائي، ولعل أبرزها الذي بات رائجا مؤخرا في الدرس النقدي العربي، هو اتجاه اللسانيات النصية، أو على اللغة النصي، أو نحو النص، وهو درس يستثمر آخر منجزات اللسانيات النصية في دراسة النصوص الأدبية، إذ بقت الدراسات اللغوية زمنا طويلا لا تتعدى في دراستها حدود الجملة، إلى أن بدأت تظهر منذ أوائل السبعينيات في القرن الماضي ملامح علم جديد ألغى فيه الدرس اللغوي الحدود بينه وبين المعارف الأخرى، فاستفاد من ذلك استفادة كبرى في دراسة النصوص، وتجلت بظهور علم يدرس نصية النصوص، وينطلق من لسانيات الجملة إلى لسانيات النص.
وفي إطار هذا الدرس النقدي الجديد تكونت رؤية شاملة في كيفية إنتاج النص وفهمه عبر استثمار كل المفاهيم والإجراءات اللسانية وغير اللسانية في منهج لساني موضوعي.
فإذا كان نحو الجملة هو صورة من صور التحليل النحوي الذي يرى أن الجملة هي الوحدة اللغوية الكبرى التي ينبغي أن يقعد لها، فإن النصية هي فرع من فروع اللسانيات يعنى بدراسة النص وإبراز مميزاته وحدّه وتماسكه واتساقه والبحث عن محتواه الإبلاغي التواصلي، وتحديد الكيفيات التي ينسجم بها النص، وتكشف عن الأبنية اللغوية، وكيفية تماسكها وتجاورها، من أجل تشكيل النصية.
ومن هنا فإن توجه الدراسات النقدية العربية نحو الاستفادة من هذا الاتجاه قد يسهم في تطوير النظرة نحو آليات تشكل النص الأدبي، وقد يزود المبدع باستراتيجيات تشكيل الخطاب غائبة عنه، لا بد من استثمارها، وهنا تبرز ملاحظة مهمة تتمثل في ضرورة الاستفادة من الأصول التراثية التي تؤسس للسانيات نصية عربية، وهي أصول غنية في البلاغة والتفسير والنظم، والموازنة بين الشعراء، وهذا مما سيغني معرفتنا اللسانية في نقد النصوص، وقراءتها بصورة أفضل، وأوسع.
tamidghilib1404@
وقد اتخذت مناهج النقد السياقي من العناصر المحيطة بالعمل الإبداعي والمؤثرة في إنتاجه وتلقيه مرتكزا لكل قراءة نقدية للعمل الإبداعي، وبذلك فهي مناهج تقوم على إضاءة النص من الخارج، من خلال الوقوف عند ما يحيط بالنص من سياقات تاريخية، واجتماعية، ونفسية التي توجه رؤية المبدع، وبذلك تكون تلك المواجهات الخارجية سبيلا لفهم النص الإبداعي والكشف عن أسراره، الأمر الذي يجعل الآليات المنهجية لمقاربة النص تختلف من منهج سياقي إلى منهج آخر.
أما الاتجاهات النقدية النصية، فهي اتجاهات لسانية تنطلق من النص الأدبي ذاته، من دون أن تعير كبير أهمية لما هو خارجه، فهي تنطلق من بنيته اللغوية الداخلية، وتركز جهودها على اكتشاف البناء النصي الذي ينتج دلالة النص، فإذا كانت عبقرية المبدع ترجع إلى الإبداع اللغوي، حسب ما يرى جان كوهن، وإلى مهارة الشاعر في التعبير عن تجربته الشعرية وصياغة أفكاره وتشخيص تداعياته وأخيلته بوساطة اللغة، فإن الاتجاهات النصية، -كما يشير بسام قطوس- هي طرائق متنوعة تقارب النصوص مقاربة محادثة دون الخوض في المرجعيات الخارجية، مع تركيز على النص بوصفه بنية لغوية وجمالية مكتفية بذاتها، كذلك حرصت هذه الاتجاهات على أن يكون الناقد موضوعيا وعلميا يتخلى عن أحكامه الانطباعية في التعامل مع النصوص. ويستند الناقد الأدبي في النقد النصي إلى تحليل بنية النص، ونسيج علاقاته الداخلية كي يصل إلى فهم النص المقروء.
وقد تعددت الاتجاهات اللسانية في النقد ولعل من أبرزها: الاتجاه الأسلوبي، والاتجاه البنيوي، والاتجاه السيميائي، ولعل أبرزها الذي بات رائجا مؤخرا في الدرس النقدي العربي، هو اتجاه اللسانيات النصية، أو على اللغة النصي، أو نحو النص، وهو درس يستثمر آخر منجزات اللسانيات النصية في دراسة النصوص الأدبية، إذ بقت الدراسات اللغوية زمنا طويلا لا تتعدى في دراستها حدود الجملة، إلى أن بدأت تظهر منذ أوائل السبعينيات في القرن الماضي ملامح علم جديد ألغى فيه الدرس اللغوي الحدود بينه وبين المعارف الأخرى، فاستفاد من ذلك استفادة كبرى في دراسة النصوص، وتجلت بظهور علم يدرس نصية النصوص، وينطلق من لسانيات الجملة إلى لسانيات النص.
وفي إطار هذا الدرس النقدي الجديد تكونت رؤية شاملة في كيفية إنتاج النص وفهمه عبر استثمار كل المفاهيم والإجراءات اللسانية وغير اللسانية في منهج لساني موضوعي.
فإذا كان نحو الجملة هو صورة من صور التحليل النحوي الذي يرى أن الجملة هي الوحدة اللغوية الكبرى التي ينبغي أن يقعد لها، فإن النصية هي فرع من فروع اللسانيات يعنى بدراسة النص وإبراز مميزاته وحدّه وتماسكه واتساقه والبحث عن محتواه الإبلاغي التواصلي، وتحديد الكيفيات التي ينسجم بها النص، وتكشف عن الأبنية اللغوية، وكيفية تماسكها وتجاورها، من أجل تشكيل النصية.
ومن هنا فإن توجه الدراسات النقدية العربية نحو الاستفادة من هذا الاتجاه قد يسهم في تطوير النظرة نحو آليات تشكل النص الأدبي، وقد يزود المبدع باستراتيجيات تشكيل الخطاب غائبة عنه، لا بد من استثمارها، وهنا تبرز ملاحظة مهمة تتمثل في ضرورة الاستفادة من الأصول التراثية التي تؤسس للسانيات نصية عربية، وهي أصول غنية في البلاغة والتفسير والنظم، والموازنة بين الشعراء، وهذا مما سيغني معرفتنا اللسانية في نقد النصوص، وقراءتها بصورة أفضل، وأوسع.
tamidghilib1404@