محمد عايد الرويلي

ثقافتنا بين الصمود والسقوط

الثلاثاء - 26 يوليو 2022

Tue - 26 Jul 2022

تشهد المجتمعات عبر العصور أزمات وأحداثا سياسية أو اقتصادية أو ثقافية، بسببها يواجه المجتمع حالة صراع مع ظروف طارئة ومستحدثة تفرض هيمنتها عليه وتحاول أن تلزمه بالتغيير مما يستوجب عليه المقاومة، والتي تكشف حقيقة صمود وتماسك أفراده لحضارتهم وثقافتهم والتي انطلقت منها عقيدتهم الدينية والسياسية والاجتماعية والفكرية.فإذا تم زعزعة المجتمع خلال مواجهة التغيير العابث بالهوية الثقافية فإن ذلك يعتبر اختراقا له وسقوطا للمبادئ والقيم والمعتقدات وكذلك تلاعبا بمعاييره ومفاهيمه وإحداث فوضى وانسلاخ، وتحكم به من قبل القوى الدخيلة عليه وإعادة صياغة فلسفته الثقافية من جديد وفق توجهاتهم ومعتقداتهم.

ولفهم سلوك حياة الفرد بالمجتمع نسعى إلى معرفة البيئة الثقافية والاجتماعية التي يعيش فيها، ومدى قوة التماسك من حيث الروابط المشتركة بين أفراده كاللغة والمعتقدات والقيم والمعايير والعادات والتقاليد التي تؤثر على حياتهم، وتكون سبب الاختلافات والفروقات بين المجتمعات والحضارات الأخرى.

فالمجتمع يستمد نهضته من التطورات الحديثة بالعلوم والمعارف والصناعات والتقنيات التي تنعكس عليه بالإيجاب وتخدم مصالحه وتوجهاته.

وهناك تساؤلات يجب مواجهتها لتحصين المجتمع: ما هو سبب ضعف أو قوة تماسك أفراد المجتمع الواحد - كيف تسقط أو تصمد المعتقدات والمبادئ والقيم عند مواجهة التغيير - هل يتم اختراق وتفكيك المجتمع بسهولة.

عزيزي القارئ يجب فهم أن السقوط قد يحدث بالمجتمعات غير الواعية لخطر مواجهة القوى المحيطة بها، والتي تهدف إلى تحطيمهم بسبب اختلافهم مع ثقافتهم وعدم قبولهم، وتتم محاولة السيطرة عبر نشـر الأفكار المسمومة ووجهات النظر المخالفة التي تزعزع النفوس بشكل بطيء وتفكك روابط المجتمع الواحد على مدى سنوات طويلة وكذلك من خلال توظيف الإعلام بجميع وسائله لتحقيق أهداف قلب القيم والمبادئ للمجتمع والسيطرة عليه بتدمير عقيدته أولا وأخلاقه ثانيا ثم التشكيك بالروابط التي تجمعهم بهجوم ممنهج عبر توظيف مصطلحات متعددة ومتنوعة تم سرقتها من كل ثقافة ومعتقد لا تمت للمجتمع بصله.

ولا يقبل أي مجتمع أصيل التغيير إلا من داخل مؤسسته الثقافية عبر استشراف المستقبل ونشر الوعي والطرح العلمي عالي المستوى والتنوير المعرفي والتفكير الفلسفي والنقدي الذي يحمي أصالة المجتمع، وألا يسمح بأي اندماج على المستوى الثقافي أو غيره من دون فحص ودراسة النتائج وإيجاد روابط مشتركة تحقق أهداف قيمة للمجتمع وإلا أصبح بدون هوية تحفظ له أصالته.

ولا يخفى على نخب المجتمع الواعي أهمية رفع مستوى اليقظة لدى أفراده لصمود المجتمع عبر تفعيل دور رجال الدين المعتدلين وأهل العلم والثقافة الموثق بهم وتمكين وسائل الإعلام الوطنية من أجل المساهمة بالتوجيه والتذكير بالثوابت وكشف الآراء والمعتقدات المخالفة الخادعة حتى لا نصبح بلا حضارة ولا ثقافة.

maw4554@