وأد بأدب

السبت - 20 أغسطس 2016

Sat - 20 Aug 2016

عسروا ولا تيسروا، ونفروا ولا تبشروا، ثم ماذا؟ قبل أن تحدث نفسك بأني أغير لفظ الحديث فأنا لم أقل إن هذا الحديث خرج من غيركم أنتم، ولم أنسبه لأحد إنما نسبته أنت باندفاعك وسوء ظنك ومحاولة منك للهرب بأن تكون كذلك، وأنت فعلا كذلك، وقبل أن تأخذ قناع المدافع عن السنة أخبرني أين أنت من حديث عمر بن الخطاب إِياكُم وَالمغالاة في مهور النساء فإنها لو كانت تَقوى عند اللَّه أَو مكرمة عند الناس لكان رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- أَولاكم بِها.. وأين أنت مما ورد في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة.



كثير من المفكرين والإعلاميين وخطباء المساجد بحت أصواتهم وجفت أقلامهم وهم يتحدثون بأدب طالبين من المجتمع أن يغير هذه النظرة ويعيد التفكر فيما نضيق على بناتنا وشبابنا لنوصلهم للحلال، وقد جاوروا الأدب في الحديث في مجتمع لا يتحرك ما لم يعاقب، فكما تاهت إدارة المرور في الحملات للحد من الحوادث دون فائدة، ولما ضاقت بها الأرض بما رحبت قررت أن العقاب الصارم وتطبيق ساهر -اللي ما يرحم- هو الحل فكان كذلك، فأي نظام نحتاج لنفهم أن من يقرأ -أي أنت- هو أول أسباب هذا الداء وما نناله من عقاب هو بسبب ما نفعل.



أخبرني أنت أتطمح أن يكون هناك شباب منتجون مفكرون يسعون لعودة الأمة؟ أترغب بالحد من عدد المساجين في سجون المملكة؟ التقليل من نسبة المتبعين لأحزاب وأفكار خارجية؟ أترغب أن تجد الموظف ينجز معاملتك ويخشى الشكوى والعقاب والخصم؟ وأن ترى شوارع بلا مسرعين و»مفحطين»؟ وأن تتخلص من 99 فاصلة 99 من الجراثيم البشرية التي في بلادك؟! أشغلوهم في بيوتهم وبأفكارهم في حياتهم بدل أن يشغلوا الدنيا بغثائهم، وما هذا إلا قليل من كثير سيحدث إن تمكن الحلال بأن يكون يسيراً، بل لن تسمع بعد الآن بقضايا «البيوت أسرار» فقرار أبغض الحلال لا يتخذه الرجل بعد أن تزوج «بالقطة» وأنفق ما أنفق، وهو يعلم أنه لن يقوى على تكرار الأمر مجددا قبل سنوات من ذلك، وهي بالمقابل لن يأتي إليها أحد غيره فيكون «أحسن منه ومن وجهه» فتصمت وتبقى على همها أو يسيران إلى هم أقوى منه، وتراجع هي وأبوها المحاكم حتى يعيدوا «القطة» ثم تعيش ما بقي لها أن تعيش في غرفة، فلا غيره يملك قيمة زواجها مرة أخرى ولا هو يملك أصدقاء «كاش» يدفعون له لثانية.



لما كان الأمر في الجاهلية، وهم من اسمهم تفهم مدى التخلف الفكري في وقتهم كانت الفتاة توأد لقصة طويلة بدأها أحدهم تجنبا للعار، ومع ما يحدث منا من تعسير لأمر الزواج كله أصبحنا نشبههم كثيرا، لكننا مع ما وضعنا من طلبات أصبحنا نئد الجنسين «بس بأدب» وبدل أن ندفن أحدهم حياً نحن ندفن أجيالا كاملة قبل أن تخرج للحياة.



سيظل الإنسان كما جبل وخلق، يعيش باحثاً في «رغبتين» بطنه وفرجه فإن لم يصل إليها عاش عمره باحثا عنها بأي طريقة ولو كانت حراماً، وإن تيسر حالهما وضمن بيته وقوته، بدأ يفكر خارج هذا الإطار، وانطلق في إبداعه وفكره و»والله» سيخرج لنا جيل مثقف مبدع مبتكر يغير الدنيا كلها، فقط يسروا لهم ما خلقوا عليه «فقط»، ووفروا عليهم قيمة ما يدفعه ليسافروا ويعيشوا به بدل أن يقسط عشرة أعوام ويعيش الاثنان خلالها على التمر والماء ولا نشعر بهم ولا يرسل لهم جارهم طعاماً فهو «عليه قرض» وهكذا نستمر نعسر ولا نيسر، وننفر ولا نبشر ونئد ولا نوجد «بس بأدب».

ثم إنه «فين القطة»!