باسل النيرب

من أين تأتي الأخبار الكاذبة؟

الخميس - 21 يوليو 2022

Thu - 21 Jul 2022

يميل العقل البشري إلى تصديق ما يراه ملائما لطبيعة تفكيره أو حتى ملاءمته لطبيعة الوسط الاجتماعي أو الاتصالي الذي يعيش فيه، ولهذا نجد انتشار الشائعات وما يصحبها من أخبار كاذبة ومعلومات مضللة مجهولة المصدر دون الإدراك التام للعواقب التي تسببها الشائعات على مستوى المجتمع والدولة، وكثيرا ما يتم توظيف الإشاعات كأدوات للتلاعب بمصائر الشعوب وتضليلهم.

وإن كانت الشائعات في الزمنين الماضي والقريب تتم عبر الإذاعات أو التلفزيون أو الصحافة الصفراء وتناقل حديث المجالس العامة والنخبة، إلا أنها باتت اليوم الوسيلة الأسهل عبر المنصات الرقيمة بكل ما تحمله من انتشار وتأثير وأصبح لها وسائل ومواقع وأدوات وجهات وأفراد قائمين عليها.

أما من أين تأتي الأخبار الكاذبة، فقد أجاب الكثيرون على هذا السؤال سواء كانوا باحثين درسوا الظاهرة، أو خبراء في الإعلام، أو حتى مروجي الأخبار الكاذبة بعد أن طهروا أنفسهم من هذه الآفة، وقد أجمعوا على أن الهدف من وراء كل هذا الخداع لا يخرج على أحد العناصر التالية أو جمعيها، ويمكن إجمالها بالتالي:

1 - تحقيق مكاسب مالية بتسجيل أكبر عدد ممكن من الزوار والقراء للمواقع.

2 - أغراض سياسية لإحداث تأثير.

3 - التلاعب بقيم المستخدمين الاجتماعية والدينية.

4 - الاستقطاب السياسي والحزبي.

5 - إثارة البلبلة وعدم الاستقرار.

6 - التلاعب بعواطف الجمهور من ناحية سياسة اجتماعية، طائفية، ودينية.

ويقف خلف هذا الفعل مؤسسات وأشخاص فيعملون على إنشاء مواقع إخبارية مزيفة، أو التلاعب بالعنوان لجذب الدخول على الرابط، أما المضمون لا ينطبق على العنوان، أو نسب تصريحات إلى كبار المسؤولين أو الصحفيين والإعلامين وحتى المعارضين، أو بناء موقع يتشابه فيه الاسم مع مواقع عالمية مشهورة وذات مصداقية وتنطلي الخدعة على المستخدم العادي الذي لا يدقق في (URI) للصفحة، حيث يظهر اختلاف بسيط في العنوان ولكن الهوية البصرية متشابهة مع الموقع المزيف، كذلك الدور الكبير للروبوتات التي تدون وتشارك وتعيد تدوير الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة من خلال إعادة النشر والتفاعل معها بشكل مدروس.

حالة التراشق القائمة حول المتهم بصناعة الأخبار الكاذبة والمروج لها لم تتوقف بين الأفراد الذين يتهمون الجهات الرسمية، وكذلك الجهات الرسمية التي تتهم الأفراد والأعداء، ويبقى لكل طرف مصلحته في نشر المعلومات المغلوطة والأخبار الكاذبة، فالكل يكذب، والكل يشك ويرفض الرواية الصادرة من الجهات الرسمية، ويتمدد هذا الاختلاف وتتسع قاعدة المؤيد والمعارض، ويبقى الوعي الرقمي هو الحل الأمثل لمواجهة هذا التشكيك بين طرفي الاختلاف.

المحتوى الصادق يمكن الكشف عنه بسهولة من خلال خطوات بسيطة تعيد أسس التفكير النقدي وتطرح أسئلة يمكن الإجابة عنها حتى دون الاستعانة بأدوات للكشف المتخصص عن المعلومات المغلوطة وخاصة للصور والفيديوهات، ولكن الأصل في هذا أن تكون الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية إيجابية ويبتعد الطرف المتشكك عن الاتهام المسبق والادعاء أنه يمتلك الحقيقة كاملة، وإلا فإن حالة عدم الاستقرار وشيوع عدم الثقة ستجلب حتما التزييف والتضليل والأخبار الكاذبة التي ما إن تنتشر حتى تحرق الأخضر واليابس ويقضي على كل ثقة يمكن البناء عليها، فكبرى الشركات التي تمتلك المنصات الرقمية مستفيدة، والقائمون على المواقع التي تمتهن نشر الأخبار الكاذبة مستفيدون كذلك، ويبقى الخاسر الأكبر الفرد والوطن الذي يندفع خلف هذا النوع من الخداع وينجرف في دائرة نشر الأخبار الكاذبة والتناحر الداخلي حول أخبار ومعلومات أساسا لم يكن لها وجود.

@B_Nerab