شراكة إيران وروسيا كذبة كبيرة

طهران تحاول الترويج لسياسة المحاور عبر قمة أستانا في لعبة مكشوفة 6 مؤشرات تفضح الخلافات العميقة بين بوتين ونظام الوالي الفقيه السفير جاغاريان هاجم إيران وأكد أنها مدينة بمئات الملايين من اليوروهات حجم التبادل التجاري بين الدولتين مخادع ولا يتجاوز 4 مليارات دولار
طهران تحاول الترويج لسياسة المحاور عبر قمة أستانا في لعبة مكشوفة 6 مؤشرات تفضح الخلافات العميقة بين بوتين ونظام الوالي الفقيه السفير جاغاريان هاجم إيران وأكد أنها مدينة بمئات الملايين من اليوروهات حجم التبادل التجاري بين الدولتين مخادع ولا يتجاوز 4 مليارات دولار

الأربعاء - 20 يوليو 2022

Wed - 20 Jul 2022

فيما تحاول طهران الترويج لـ«قمة أستانا» التي جمعتها مع روسيا وتركيا على أنها تحالف جديد، كشف مراقبون عن اختلافات عميقة بين نظام الملالي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول الملف السوري والعديد من الملفات المهمة.

وكشف محللون غربيون كذبة «سياسة المحاور» التي يسعى نظام الوالي الفقيه إلى الإيحاء بها، مؤكدين أن روسيا وقيادتها تعي بشكل دقيق ثقل وأهمية السعودية ودول الخليج في المنطقة، وتحتفظ بعلاقات قوية ومتوازنة تمنعها من الارتباط بنظام تورط على مدار 4 عقود وأكثر بالإرهاب.

وركز المراقبون على 6 مؤشرات واضحة تكشف عمق الخلافات الإيرانية الروسية في العديد من الملفات، خصوصا فيما يتعلق بالاتفاق النووي والصراع في سوريا.

اشتباك مصالح

أظهرت «قمة أستانا» التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، والرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي، اشتباكا في المصالح بين الدول الثلاث، ففي حين هاجمت روسيا الولايات المتحدة الأمريكية واعتبرتها وراء ما يحدث في المنطقة، ركز الأتراك على رغبتهم في دعم دول المنطقة لمحاربة الأكراد الذين يشكلون أزمة داخلية للنظام، في المقابل أرادت إيران اكتساب شرعية وتعزيز موقفها لإبرام اتفاق نووي يعود عليها بمكاسب جديدة.

ورغم أن روسيا وإيران تجمعهما علاقات رسمية كاملة، مثل أي بلدين في العالم، وبينهما بعض التفاهمات في بعض القضايا، بالمقابل هناك عدة اختلافات حول بعض القضايا مثل: الملف السوري ومفاوضات الاتفاق النووي في فيينا، وبرهنت القمة عدم وجود تحالف حقيقي وظاهر بين الطرفين، إنما هناك توافق في بعض القضايا واختلاف في قضايا أخرى، وأنه لايوجد في المنطقة سياسة محاور، لاسيما أن روسيا تعي ثقل وأهمية المملكة ودول الخليج في المنطقة.

كذبة كبيرة

ودحض الكاتب السياسي إسفنديار باتمانقليدج فكرة وجود شراكة بين روسيا وإيران، معتبرا أنها «كذبة كبيرة»، وتعليقا على قول مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إن إيران على وشك بيع مئات عدة من الدرونز إلى روسيا، دعا في موقعه بورس أند بارزار المخصص للشؤون الإيرانية إلى أخذ المزاعم الأمريكية بجدية.

وقال «العلاقات الاقتصادية بين الدولتين تشير أيضا إلى غياب أي نوع من الشراكة الفعلية بينهما، لكن هنالك أسئلة كبيرة بشأن ما إذا كانت إيران قادرة على إتمام صفقة كهذه لو توفرت النية، لقد استثمرت إيران بشدة في تطوير قدراتها على مستوى المسيرات كجزء من نهجها الدفاعي اللاتماثلي، لكن ثمة أدلة قليلة إلى امتلاكها القدرة على إنتاج المئات من الدرونز بناء على إخطار سريع.

مبالغات لافتة

ويشير إلى المبالغات اللافتة في هذا الشأن، فيؤكد أنه في 2019، أصدرت وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية تقييما للقوة العسكرية الإيرانية وجد أنه على الرغم من التطورات في إمكانات تصنيع الطائرات بلا طيار، تبقى إيران معتمدة على المحركات المصنوعة في الغرب لدعم إنتاجها من الطائرات بلا طيار. تطور إيران محركا محليا للطائرات بلا طيار لكنها تعاني من مشاكل في الجودة.

ويفترض باتمانقليدج جدلا أن إيران تملك النية والوسيلة لإنتاج الدرونز وتصديرها إلى روسيا. حتى عندها، ثمة ما يكفي من الأدلة لاقتراح تعثر الصفقة. سجل مبيعات الأسلحة بين إيران وروسيا كئيب، ففي 2007، وقعت إيران عقدا عسكريا بقيمة 800 مليون دولار مع روسيا لشراء منظومة أس-300 الروسية. علقت روسيا الاتفاق في 2010 امتثالا للعقوبات الأممية.

حاولت إيران مقاضاة روسيا بأربع مليارات دولار، وتم تسليم المنظومة أخيرا في 2016، لكن ملحمة أس-300 برهنت للعديد من المشرعين الإيرانيين أنه لم يكن بالإمكان الوثوق بالروس.

ولم يكن بالإمكان تلميع هذه السمعة عبر تقارير تفيد بأن روسيا كانت تسمح لإسرائيل بضرب أهداف في سوريا.

خلاف عميق

ويكشف الخبير السياسي عن الخلاف العميق تحت الأرض، فيقول «وسيا هي المتعاقد الأساسي لبناء منشأة بوشهر النووية لتوليد الطاقة، كان التعاون حول هذا المشروع مضطربا، فقد نشرت صحيفة الشرق الإصلاحية الأسبوع الماضي على صفحتها الأولى مقابلة مع السفير الروسي في طهران ليفان جاغاريان. سئل عن الانقطاعات المتكررة في الطاقة التي تعاني منها المنشأة في بوشهر.

توتر السفير واشتكى من أن المشكلة الحقيقية تكمن في كون إيران مدينة لروسيا بـ»مئات الملايين من اليورو». يتمتع جاغاريان بالكثير من الخبرة وقد تم تعيينه في إيران منذ أكثر من عقد. إن عدم قدرته على إكمال مقابلة بسيطة من دون انتقادات شخصية يوضح مدى ضآلة العلاقات بين روسيا وإيران.

تبادل خادع

ولفت باتمانقليدج إلى أن العلاقات الاقتصادية بين الدولتين تشير أيضا إلى غياب أي نوع من الشراكة الفعلية بينهما، حيث شدد مسؤولون مؤخرا على نمو التجارة بين الدولتين ذاكرين فرصاً خلقها انسحاب الشركات الغربية من الأسواق الروسية والإيرانية معا. أشار هؤلاء إلى ارتفاع في التجارة الثنائية حتى بلغت 4 مليارات دولار في 2021. وأصبحت روسيا السنة الماضية واحدا من أكبر خمسة مصدرين إلى إيران. لكن هذا النمو مخادع ولا يمثل تعمق الشراكة الاقتصادية.

أولا الرقم 4 مليارات دولار هو مستوى بائس من التجارة بين اقتصادين بهذا الحجم. على سبيل المقارنة، تمثل التجارة الإيرانية مع العراق ثلاثة أضعاف حجم التجارة مع روسيا. وبلغ الحجم الإجمالي للتجارة الروسية مع تركيا 33 مليار دولار. ثانيا، التجارة بين روسيا وإيران هي أساسا تجارة سلع غذائية. ويفسر كل النمو في الصادرات الروسية سنة 2021 بالارتفاع الحاد في صادرات الحبوب.

في الواقع، تنمو تجارة المواد الغذائية بالتحديد لأنها معفية من العقوبات، وهي واحدة من المجالات القليلة التي يسمح من خلالها للبنوك بإجراء المعاملات.

متنافسان لا شريكانووفقا لتحليل باتمانقليدج، تعني الحقائق الاقتصادية أن روسيا وإيران هما بشكل تلقائي متنافستان لا شريكتان، ويفتقر أصحاب المصلحة الروس والإيرانيون للثقة والوعي الثقافي المتبادل والحوافز للعمل مع بعض.

حين يجتمعان في طهران، سيبدو بوتين ورئيسي على الأرجح متحالفين. لكن مشاطرة الضغينة تجاه الغرب ليست شرطا كافيا لشراكة جيوسياسية هادفة، ختم.

خلال السنوات القليلة الماضية، كانت إيران تسعى إلى زيادة صادراتها نحو الأسواق في آسيا الوسطى التي تشكل روسيا الشريك التجاري الأساسي فيها. ويمكن توقع أن تقوم روسيا بأخذ حصة من السوق الإيرانية في تركيا.

لكن الأهم أن الدولتين ستنخرطان في سباق محموم نحو الصين، المشتري الذي يمثل الملاذ الأخير للمصدرين المتضررين من العقوبات. واشتكى المدراء التنفيذيين لبونوا فوكون من صحيفة «وول ستريت جورنال» من أن المنافسين الروس يخفضون أسعارهم بشكل كبير لدرجة أن أحدهم وصف التنافس بأنه «قاتل».

مؤشرات الخلاف الروسي الإيراني:

01

يطال التنافس بين روسيا وإيران مختلف القطاعات، حيث أدرجت إيران اللغة الفارسية لغة اختيارية ثانية في المناهج الدراسية.

بعد مرور قرابة (4) سنوات على إدراج اللغة الروسية في المقررات الدراسية.

ومنع الجانب الروسي المحاولات الإيرانية لتعزيز نفوذها عبر إقامة مرافق اقتصادية في المنطقة المجاورة للقواعد العسكرية الروسية في المحافظات الساحلية في اللاذقية وطرطوس.

02

رغم تحفظ روسيا على تحركات إيران في سوريا وسعيها للتغيير الديمغرافي في إطار رؤيتها لسوريا، باعتبارها أحد عناصر مشروعها الذي يعرف بالهلال الشيعي.

لكن روسيا تحاول تجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران، حيث يعمل كل طرف من خلال أدواته الخاصة علماً أن روسيا أقامت علاقات مع السكان في مناطق تواجد قواتها العسكرية كما فعلت إيران، من خلال بعض العشائر والتيارات السياسية وفعاليات المجتمع المدني.

وحاول كلا الجانبين استمالة تلك الجماعات لطرفهما من خلال عقد مؤتمرات وتقديم بعض المساعدات المالية والإغاثية. بالإضافة إلى مشاريع خدمية مثل ترميم بعض المدارس التي تضررت مبانيها نتيجة الحرب.

03

الواضح أن تركيز روسيا على المناطق الساحلية، حيث توحد قواعدها العسكرية، وبشكل أقل في شمال شرق سوريا، بينما عملت إيران بنشاط على المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق والمناطق الحدودية مع إسرائيل واستخدمت الميليشيات الشيعية والجوانب الاقتصادية من أجل تحقيق أهدافها في سوريا ضمن خططها التوسعية.

04

مع دخول مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي مراحل حاسمة.

أثارت المواقف الروسية في شهر مارس 2022م ومطالبها بالحصول على ضمانات مكتوبة لمواصلة تعاونها مع إيران بعد فرض الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية بشكل عام عقوبات اقتصادية ومالية قاسية على روسيا على خلفية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا مخاوف من عرقلة الاتفاق المحتمل.

05

رغم أن إيران تدرك أن المطالب الروسية المذكورة تندرج في خانة المصالح الاقتصادية، مواجهة الأحادية الأمريكية.

لكن الجانب الإيراني أعلن على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده أن بلاده لا تزال تنتظر من روسيا الاتحادية تفاصيل بشأن مطالبتها بضمانات أمريكية بعدم تأثير العقوبات الغربية، المفروضة على روسيا على تعاونها مع طهران في إطار الاتفاق النووي.

06

هناك معلومات غير مؤكدة أن روسيا ربما تمارس ضغط على إيران للتمهل حيال العودة للاتفاق النووي، لكي لا تتأثر روسيا سلبا من عودة النفط الإيراني للأسواق العالمية في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها روسيا.

متانة العلاقات السعودية الروسية:

تتمتع المملكة وروسيا بعلاقات تاريخية شهدت خلال العام الماضي 2021م الاحتفال بمرور ذكرى 95 عاما.

شهدت العلاقات أخيرا تطورا نوعيا وتناميا للثقة، حيث تصاعدت وتيرة الزيارات المتبادلة الرسمية.

زار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان روسيا عام 2015م، وخلال الفترة 2018 – 2015 قام بزيارات متعددة.

توجت العلاقة بزيارة تاريخية للملك سلمان بن عبدالعزيز في أكتوبر 2017م، وهي أول زيارة لملك سعودي إلى موسكو.

احتفت روسيا على الصعيد الرسمي بزيارة خادم الحرمين الشريفين، ووقعت حزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم.

زار الرئيس بوتين المملكة في أكتوبر 2019م، ووقعت حزمة أخرى من الاتفاقيات.

التفاهم السعودي الروسي واستقرار النفط:

بذلت المملكة جهودا كبيرة للتوصل إلى اتفاق أوبك بلس التاريخي من أجل دعم استقرار أسواق البترول.

أسهمت هذه السياسة في استقرار أسواق البترول وتوفر الإمدادات مقارنة بالغاز الطبيعي والفحم.

شهد عام 2020م ظروفا استثنائية في ظل جائحة كورونا وتداعياتها من أزمات اقتصادية واجتماعية أدت إلى فشل تمديد اتفاق (أوبك+) وما تلاه من انهيار أسعار الطاقة العالمية.

أعضاء أوبك بقيادة المملكة وروسيا الاتحادية وبتدخل من الرئيس الأمريكي السابق ترمب نجحا لفترة قياسية بإعادة حلف (أوبك+) وبشروط محدودة.

بارك الطرفان الاتفاق الجديد وأكدا على أهمية التعاون المشترك في هذا الخصوص.

الحياد السعودي الخليجي في أزمة أوكرانيا:

تدعم المملكة الجهود الدولية المبذولة لتخفيف حدة التوتر والتصعيد وتعمل على وجود حل سياسي للأزمة.

تؤكد المملكة أنها تدعم كل ما يسهم في خفض حدة تصعيد الأزمة واستعدادها لبذل جهود الوساطة.

أجرى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان اتصالا مع الرئيس بوتين، وأوضح موقف روسيا المبدئي فيما يتعلق بإمكانية إجراء مفاوضات، وأكد أن ضمان سلامة السكان المدنيين.

أجرى ولي العهد اتصالا بالرئيس الأوكراني، وأكد دعم المملكة لكل ما يسهم في خفض حدة تصعيد الأزمة واستعدادها لبذل الجهود الوساطة بين كل الأطراف.

أصدر مجلس التعاون الخليجي بيانا أكد فيه على تأييد كافة الجهود الرامية لحل الأزمة من خلال الحوار والدبلوماسية.