شاهر النهاري

انتصار قمة جدة للأمن والتنمية

الأحد - 17 يوليو 2022

Sun - 17 Jul 2022

الدولة السعودية تؤكد عظمة قدرها وأهميتها حدثا بعد حدث، وزيارتها تظل هدفا لأغلب رؤساء أمريكا، بمعرفة محوريتها وعلاقاتها، وامتلاكها للمفاتيح، وتسهيل شؤون الطاقة العالمية.

وتحرك الرئيس الأمريكي جو بايدن متأخرا، بعد تخبط سياسات دولته في عموم الشرق الأوسط وخروجها من سوريا والعراق وأفغانستان، وترك الفراغ لقوى عالمية وإقليمية مستفيدة، ودخولها مع السعودية في نوع من التحديات الغريبة، بمنع تزويدها بالأسلحة، والتشكيك فيما اتخذته من إجراءات لحل قضية اغتيال جمال خاشقجي، رغم قيام القضاء السعودي بتجريم المتورطين والحكم عليهم، والتوافق مع الدولة التركية على إغلاق القضية، ولكن الرئيس بايدن ظل مدفوعا بشحن منظمات حقوق الإنسان وأبواق الإعلام الأمريكية، متناسيا قضايا «سجون أبو غريب، وجواتيمالا»، ولدرجة التهديد بجعل السعودية منبوذة!

أمريكا تعرضت كمعظم دول العالم لجائحة متعددة الرؤوس، سببت قتل الملايين، وانتشار البطالة، ورسوخ الكساد الاقتصادي، وقد فاقم من ذلك تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتضاعف أسعار الطاقة والأغذية عالميا وبدرجات مرعبة.

واستجمع بايدن نفسه مدركا أخطاء إدارته، وقرر الذهاب للشرق الأوسط، في زيارة متعددة المحطات والأسباب، والأسرار.

بدأها بزيارة مدللة أمريكا إسرائيل، ومعرفا عن نفسه «بالصهيوني»، ومطمئنا حكومتها بأن إيران لن تمتلك السلاح النووي، ومبشرا لها بالأرض الطيبة، وفتح الأجواء، ومزيد من التطبيع العربي، والوعد بتكوين حلف دفاع شرق أوسطي ضد أي تحركات وأطماع إيرانية.

غير أن معظم زعماء الدول العربية المدعوون لمقابلته في جدة رفضوا ذلك الحلف، وأكدوا على ضرورة إيجاد البدائل السلمية.

وكان لابد لبايدن من زيارة كنيسة القيامة للصلاة، ومقابلة رئيس السلطة الفلسطينية، وسماع خطابه، والرد بآخر لم يناقش فيه قضايا عاصمة القدس الشرقية، واللاجئين، وحدود النكسة!

وأنهى بايدن زيارته بالهبوط في جدة، والعالم كله يدرك ماذا يحدث في مثل هذه اللقاءات التصالحية، المتعددة الأغراض والأطراف، والغارقة في السرية ورصد الأخطاء، وبروز أهمية الزعماء الذين اجتمع بهم، وتأثيراتهم، فرسم معهم خطة طريق، يتولى كل منهم فيها دوره، مع احتمالات نجاح وسلام، أو مزيد من العنف والفوضى.

سعودية سلمان ومحمد تسعى لسلام شامل في المنطقة، وتعاون مثمر من أجل صنع أوروبا الجديدة، وأهدافها لن يتم بلوغها بمجرد تحطيم دولة جارة، ولكن ببذل الممكن سياسيا لتحييد صواريخها وميليشياتها، وتدخلاتها، والحوار المثمر معها من خلال العراق الشقيق العربي، وجهود الدول العظمى الفاعلة والمستفيدة من منع إيران من تصنيع السلاح النووي.

السعودية تريد إنهاء الحرب اليمانية، حتى يعوض اليمانيون ما فقدوا طوال سبع سنوات عجاف، وأن ينالوا ما يستحقونه من سلام وأمن وقيمة، وإعادة تعمير.

السعودية تريد عراقا حرا، لا يخضع لأحد، ويكون قادرا على العودة لتاريخه القديم الأصيل قيمة، ومكانة، وأخوة عربية تحتضن جيرتها.

السعودية، تريد تحقيق العدالة الإنسانية من أجل الشعب السوري واللبناني والليبي والشعب الفلسطيني بتمكينهم من حقوقهم المنطقية.

والسعودية بسياستها وصبرها، وثقلها العربي والإسلامي والعالمي تستطيع خلق المستحيلات، وأن تبقي صفحاتها التاريخية ناصعة، كما كانت، ودون المسارعة بتطبيع قد يعيد المنطقة لمناطق الصفر.

القمم توالت، والملاحظ فيها أن مواقع التواصل لم تكن محركة لأحداثها، وأن الأهم والأبقى ظل يدار في التجمعات السياسية، ضمن خلايا نحل تصنع عسل المستحيل، وما لنا إلا الدعاء بحفظ سعوديتنا وأراضيها، وشعبها وكرامتها، وتهنئة قادتنا بيوم نصر عظيم.

shaheralnahari@