نمر السحيمي

معالي نائبة الأمين العام لمجلس الوزراء

السبت - 16 يوليو 2022

Sat - 16 Jul 2022

تطور مشروع تمكين المرأة السعودية حتى وصلت المرأة بالمملكة إلى مرتبة وظيفية تستحق عليها لقب (معالي). وهو من الألقاب التي تستخدم لمخاطبة الوزراء ومن في مستواهم من الذين يتقلدون المناصب الرفيعة، حيث يقال صاحب المعالي أو معالي الوزير.

فما هو هذا اللقب؟

في البدء: الأصل أن اللقب يطلق على العلم، وكلمة معالي (لقب)، ومن دلالات مفردة (وزير) اقترانها بكلمة (معالي) وهي كلمة وصفها البعض «بأن لها رونقا خاصا وهالة فريدة إذ إن كل صاحب نفس طموحة يروم أن يكون له في ساحة المعالي أصل على اختلاف مبدأ الطموح ومنتهى شرعيته».

وقد أورد نشوان الحميري في كتابه (شمس العلوم) أن جذر كلمة معالي هو (علو)، وعلا في المكان أي ارتفع وسما، وفلان من علية القوم أي من أشرافهم.

ويقال: علا به أي صعد، والمعالي جمع معلاة، وهي كسب الشرف، والعلو أي العظمة، والعلياء: رأس الجبل ومن أسماء السماء.

ولقب معالي يعرف اصطلاحا بأنه: لفظ يخاطب ويشار به للوزراء ومن هم في منزلتهم من أصحاب المناصب الرفيعة.

وفي البروتوكول السعودي يؤخذ بالأسبقية في: ترتيب الجلوس، والوقوف في الاستقبالات، ويعتمد في ترتيب الأسبقية وجود حامل لقب معالي في الترتيب الرابع بعد أصحاب السمو الأمراء حسب العمر، وسماحة مفتي عام المملكة، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء.

كل ما سبق لا يعنينا كمواطنين ومواطنات فهو لا يتجاوز أن يكون وصفا لما يتمتع به صاحب المعالي وصاحبة المعالي من عيش رغيد في الدنيا؛ ثم يحاسبون عليه في الآخرة، بل ويتعرضون بسببه إلى دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم إن تسببوا في المشقة على الأمة؛ ففي ما صح عنه عليه الصلاة والسلام انه قال: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به».

ولا أخفيكم حجم التفاؤل الذي أشعر به جراء مشروع تمكين المرأة السعودية ووصولها اليوم إلى لقب (معالي) كوزيرة أو ذات مسؤولية كبيرة في الدولة كنائبة للأمين العام لمجلس الوزراء، وهذا التفاؤل ربما يكون بسبب معاناة طويلة مع بعض أصحاب المعالي وما تسببوا فيه من مشقة في إطار ذكورية اللقب.

إن مواطن يحرق حصاده بعد أكثر من عشرين سنة من الزرع المضني لحري به أن يفرح ببديل يتوقع منه الإنصاف؛ هذا البديل الذي نرجو منه الكثير هو تلك (المرأة) الوطنية المخلصة التي مكنها الله قبل أن تمكنها الدولة من حقها في الوصول إلى مواقع المسؤولية.

وكمثال دعاني إلى التفاؤل؛ ذلك السؤال الذي تم توجيهه لمعالي وزيرة التجارة والصناعة الكويتية السابقة وهو: «حملت لقب معالي الوزيرة لمدة عام كامل هل اللقب دغدغ مشاعرك؟ فأجابت: لقب معالي الوزيرة.. لم يغيرني بتاتا، ففي أول يوم دوام لي ذهبت إلى قسم الأرشيف لأعرف ما الذي يحصل في الوزارة.. لأنه من وجهة نظري إذا كان الأرشيف فيه مشكلة يعني الوزارة فيها مشكلة.

كما قمت بزيارة إدارات التراخيص التجارية بهدف تطويرها وتحديثها. وعندما تسمعين أن معاملة بقيت لمدة شهرين في الوزارة لماذا؟ لأنها لم تنتقل من هذه الإدارة إلى تلك وهذا ما نسميه البيروقراطية.. أنا في النهاية شخصية عملية وعندما كان الوكيل يقول لي دكتورة إذا أردت أن تكلمي وكيلا أو مديرا أو مراقبا يكون من خلالي.. كنت أرفض وأتحدث معه مباشرة.. وعندما كان يأتيني نائب كنت أقول له وجودك هنا يعني وجود خلل بالوزارة.. ومعناه أن الملف وقف.. وهنا أنادي المسؤول عن الملف.. وأقول له النائب جاءني وإذا تكرر هذا الشيء مرة ثانية سأعين مكانك من ينجز لأنك لم تقم بواجبك ويجب أن تمشي أعمال المراجعين دون أن يأتي النائب».

فما أحوجنا إلى مثل هذه المرأة التي استقبلت المسؤولية كتكليف عظيم (لا) كتشريف، أو مظهر تخادع به القيادة بعين رضا لما أولتها من ثقة، وبعين سخط لمواطن ضعيف لم يراجعها إلا لظلم بشع وقع عليه أو مشقة مدبرة عصفت بحصاد زرعه!!

alsuhaimi_ksa@