فهد إبراهيم المقحم

المأزق الرقمي

الجمعة - 15 يوليو 2022

Fri - 15 Jul 2022

«التحول الرقمي» من المصطلحات التي راجت في السنوات الأخيرة، وزاد رونقها والحديث عنها بعد إعلان جائحة كوفيد 19؛ لكن ماذا يعني أن نتحول رقميا؟

يخلط الكثير من القادة وأصحاب المصلحة بين الرقمنة والتحول الرقمي، وعلى أنه لا يوجد اتفاق بين المختصين في تعريف علمي لهذه المصطلحات، إلا أنهم يتفقون إجمالا في وجود فرق بينها والجدوى منها. ولتوضيح الأمر، دعونا نلخص هذا الفرق بشكل مبسط وميسر:

  • رقمنة البيانات Digitization: تحويل المحتوى النصي من أشكال تقليدية مادية إلى صيغ رقمية، مثل: تحويل خطابات ورقية أو كتب دراسية إلى صيغ الكترونية.

  • رقمنة العمليات Digitalization: أتمتة أو مكننة العمليات والخدمات لتحسين الأعمال ورفع رضا المستفيدين، مثل: أنظمة خدمة العملاء (CRM) وإدارة الموارد المؤسسية (ERP).

  • التحول الرقمي Digital Transformation: الاستفادة من الثورة التقنية لتطوير نماذج أعمال مبتكرة تؤثر على سلوك وأداء المنظمة والأفراد والمجتمعات، مثل: أوبر و أمازون.




وبعد تطبيقها على أعمالنا الرقمية نستطيع معرفة موقعنا الحقيقي من رحلة التحول الرقمي، والتي بدأت معالمها فعليا قبل سنوات عدة!

يؤمن الكثير من القادة أن التحول الرقمي يلعب دورا مهما في تحسين المخرجات ورفع قيمة الإيرادات، ولذا يضخون الملايين من الريالات سنويا في مساعي هذا التحول؛ لكن الإنفاق الضخم والجهود المبذولة قد لا تفلح في آخر المطاف!

وفقا لشركة الأبحاث العالمية IDC أن 59% من المنظمات يمكن وصف ما حققته في رحلة التحول بـ»مأزق رقمي».

كما عزت شركة الأبحاث العالمية Forrester هذا المأزق إلى نهج المنظمة المضطرب، وجهودها المبعثرة في رحلتها للتحول الرقمي، مثل:

جهود غير ممنهجة يقوم بها أفراد أو أجزاء من المنظومة دون غيرها، أو جهود تركز على ترقية وتحسين الأنظمة والتطبيقات فقط، دون المرور بنماذج الأعمال.

ومما يزيد هذا المأزق سوءا أن 21% من قادة تلك المنظمات يعتقدون أن تحولهم الرقمي قد تم بنجاح!

Google’s Apigee يتفقون مع نتائج دراسة Forrester، حيث يؤكدون أن معظم قادة الأعمال يدركون أن التحول الرقمي أمر مهم للغاية، إلا أنهم يخطئون في فهمه وممارساته!

فقد يعتقد بعضهم أن التحول الرقمي منحصر في تطوير تطبيقات الأجهزة الذكية، في حين يرى غيرهم أن الأمر يتعلق بتبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فيما يرى آخرون أن الأمر ينحصر في عملية التحول إلى الخدمات السحابية المدارة من قبل جهة متخصصة.

وبالنظر إلى هذه المعاني وغيرها، يمكن القول إن كل فريق من هؤلاء القادة نظر إلى التحول الرقمي بنظرة قاصرة شملت جانب وأهملت جوانب أخرى.

بالمقابل وجدت شركة الأبحاث العالمية McKinsey أن المنظمات التي تبنت مراجعة وتطوير كل أعمالها في رحلتها للتحول الرقمي غالبا ما تنجح في تحسين أدائها ومخرجاتها.

إذن التحول الرقمي لا ينحصر على تبني التقنيات الحديثة فقط، بل يتعدى إلى الاستفادة من هذه التقنيات لإحداث نقلة نوعية على مستوى المنظومة، بهدف الوصول إلى قيمة تنافسية عالية، وهذا يشمل جوانب عدة، منها: نماذج الأعمال والحوكمة والعمليات وقياس الأداء والموارد البشرية والفئات المستهدفة وغيرها.

يجب أن ندرك أن «التحول الرقمي» عملية مستمرة باستمرار التطور المتسارع لقطاع التقنية.

قبل أعوام لم يكن للهواتف الذكية تواجد في حياة الناس، وبعد وصولها فاز بثمرتها عدد من المنظمات والشركات التي تتمتع بمرونة جيدة لمواكبة هذه الثورة العالمية في إحداث نقلة نوعية في أعمالها وخدماتها.

ونظرا لأن وتيرة التغير التقني متسارعة، فالأمر لا يتعلق مطلقا بالوصول إلى مرحلة نهائية من رحلة التحول الرقمي؛ بل باكتساب مرونة عالية وقدرة فائقة للمواكبة والتطوير تفاديا للاتجاه نحو الركود المفضي إلى الانقراض.

أخيرا، كونوا على أهبة الاستعداد لجيل جديد واعد من «المنظمات الرقمية» النوعية في شتى قطاعات الأعمال!

@moqhim