علياء مليباري

عندنا ضيوف!

الثلاثاء - 05 يوليو 2022

Tue - 05 Jul 2022

في صغري كنت مقربة جدا من والدي - رحمه الله - واعتدت النوم بوجوده. في إحدى المرات تنبهت لتأخره في عودته للمنزل عدة ليال في فترة الحج تحديدا فسألت والدتي - رحمها الله - عن سبب تغيبه فأجابتني «مشغول.. عندنا ضيوف هذه الفترة».. عقلي الصغير لم يستوعب معنى هذه العبارة وازداد غضبي لإهماله لنا بسبب الضيوف، ولماذا يأخذونه بعيدا عني وعن بيتنا؟.. وأخبرته صراحة أننا لا نريدهم فهو قد نسينا وانشغل بهم وقلت بأعلى صوتي «ما نبغى ضيوف».

وفي إحدى المرات التي تعالى فيها البكاء، أخذني وأنا في الخامسة تقريبا لرؤية هؤلاء الضيوف وهم الحجاج «ضيوف الرحمن» وبدأت ألعب معهم وأحببتهم بشدة وأصبحت أتعلم لغتهم وأتحاور معهم بكل وسيلة ممكنة وأصبحت أطالب بأخذي دوما ولم يمانع أبدا بل كان سعيدا بمخالطتي لهم.

مرت السنوات وكبرت تلك الطفلة وفقدت والديها ولكن قربها من ضيوف الرحمن كل عام كان يعيد جزءا من حياتها معهما.

وحتى سنين الغربة الطويلة في أمريكا لم تأخذني بعيدا عنهم فكنت أشارك بلدي في خدمة ضيوفهم خلال هذا الوقت المميز.

هذه ليست قصة شغفي بخدمة ضيوف الرحمن أنا فقط، بل قصة كل شخص كبر وهو معتاد على خدمة الحجاج ومشاركتهم أهم مناسكهم.

الحجاج يختلفون في شيء عن بقية الضيوف في حياتنا.. فهم لا يأتون لمصلحة شخصية ولا يبحثون عن ود البشر ولكنهم جاؤوا فقط لله ومن أجل منفعة للآخرة... وخدمتهم شرف حبانا الله به.

وها نحن الآن حكومة وشعبا نعد لزيارتهم الغالية بكل حب ونتجهز لخدمتهم طوال العام وليس فقط في فترة الحج.. من حباه الله بخدمة ضيوف الرحمن مرة واحدة في حياته فلن يستطيع التوقف أبدا.

وأنا الآن أرى طفلتي الصغيرة ذات العامين غاضبة مني ومن والدها لتغيبنا عنها هذه الفترة لانشغالنا بضيوف الرحمن حتى أنها من غضبها أصبحت تنادينا بأسمائنا فقط وتذكرت نفسي وقتها.. لكن ابنتي بمشيئة الله ستكبر وبحوله تعالى ستسابقنا لخدمتهم.

فخدمتهم نعمة وشرف وإرث نورثه لأبنائنا ونسير به على نهج قيادتنا وآبائنا وأجدادنا. الحمد لله.